«شهبندر التجار».. محمود العربي «رحل الجسد وبقيت السيرة» (بروفايل)

كتب: حسن عثمان

«شهبندر التجار».. محمود العربي «رحل الجسد وبقيت السيرة» (بروفايل)

«شهبندر التجار».. محمود العربي «رحل الجسد وبقيت السيرة» (بروفايل)

مسيرة 89 عاما قطعها «شهبندر التجار» الراحل محمود العربي بين التجارة والصناعة، سفيرا للتاجر الأمين والصانع المتقن لصنعته، التي أصبحت تغزو ملايين المنازل واستفاد منها مليارات البشر في أكثر من 60 دولة حول العالم.

ميلاد محمود العربي سنة 1932

في بداية ثلاثينيات القرن الماضي والد العربي وبالتحديد سنة 1932، في إحدى قرى محافظة المنوفية، وكان يصاحب والده إلى الأرض التي كان يعمل بها مزارعا وهو لم يتجاوز الـ6 سنوات، يساعد والده تحت لهيب الشمس الحارقة، ولضيق الحال، لم يحصل محمود على أي نصيب من التعليم، فأرسله والده إلى «الكُتَّاب» وهو في سن 3 سنوات فتعلم القرآن، والكتابة والقراءة.

كان يبيع لعب الأطفال على «مصطبة» بيتهم بالقرية

موهبته العظيمة في التجارة لم تخف على أحد، وظهرت ميوله للتجارة منذ صغره، فكان يبيع لعب الأطفال على «مصطبة» بيتهم بالقرية في العيد، ويدخر الأصل والمكسب يعطيه لأخيه فيشتري له غيرها، وعندما شعر أخيه باهتمامه بالتجارة قرر اصطحابه إلى القاهرة سنة 1942 ليعمل بأحد المحلات الصغيرة بائعًا.

لم يكن هدف محمود الذى لم يتجاوز وقتها سن الـ10 سنوات هو المكسب فقط، وإنما كان لديه هدف آخر هو تعّلم أصول التجارة، فكان يتقاضى راتبا  120 قرشا، بعدها بسنوات أصبح الراتب 3 جنيهات، ثم انتقل لمكان آخر بـ4 جنيهات، ثم مكث 15 عاما حتى تقاضي 27 جنيهًا إلى أن أصبح تاجرًا.

التجارة أمانة ونزاهة

«التجارة شطارة»، لم تمثل هذه المقولة للعربي أي شيء، ولكن مقولة «التجارة أمانة ونزاهة» هي الأعلى حظًا لدى العربي، الذى اشترى وشريك له محل بالموسكي وبدأ التحول من عامل لصاحب محل.

سافر إلى اليابان سنة 1975

توسعت التجارة، وسافر «العربي» إلى اليابان سنة 1975، وحصل على توكيل توشيبا، لكنه كان يؤمن بأن الصناعة هي أساس التجارة، وبها فرص أعظم لسعة الرزق، وقال: «لم يكن يهمني كم سأجمع من المال، كان سؤالي الوحيد كم باب رزق سأفتح للناس؟»، فقرر بناء المصانع في عدد من المدن وأعظمها مجمع صناعي في بنها.

كرّمه الإمبراطور الياباني أكيهيتو في مايو 2009

نال العربي حب وتقدير الجميع، وأصبحت سيرته الطيبة في كل مكان، وأصبح التوسع في الأعمال الخيرية هدفه الأعظم، لدرجة أن الإمبراطور الياباني أكيهيتو في مايو 2009، منحه أرفع وسام ياباني «وسام الشمس المشرقة».

كان العربي يؤمن بأن العامل هو شريك رئيسي لصاحب العمل، لذلك زاد احترامه وتقديره وحبه للعمال، الذين بادلوه نفس الشعور، حتى إن له كلمة شهيرة كان يرددها دائمًا «مفيش حاجة اسمها واحد بيشتغل عندنا اسمها واحد بيشتغل معانا، الناس دي ربنا سخرهم لينا وسخرنا ليهم».

توسعت تجارة وصناعة العربي، وأصبحت  تضم إمبراطورية ضخمة وقلعة من قلاع الصناعة، يعمل بها يما يزيد على 40 ألف عامل ومهندس وإداري، وتصدر منتجاتها، لأكثر من 60 دولة، برأسمال يتعدى المليار ونصف المليار.

مساء أمس الخميس، غربت شمس عمر «الحاج محمود العربي»، الذى لم يتخل عن الصدق والأمانة في تجارته، ولا إتقان صناعته، بعد رحلة من العطاء والكفاح الشريف العفيف، بإعلان أسرته رحيل رجل التجارة والصناعة عن عمر ناهز 89 عامًا.


مواضيع متعلقة