"الوطن" تنشر قصيدة جونتر جراس احتفاء بمردخاي فانونو الذي فضح سر امتلاك إسرائيل لقنابل نووية

كتب: أيمن شرف

"الوطن" تنشر قصيدة جونتر جراس احتفاء بمردخاي فانونو الذي فضح سر امتلاك إسرائيل لقنابل نووية

"الوطن" تنشر قصيدة جونتر جراس احتفاء بمردخاي فانونو الذي فضح سر امتلاك إسرائيل لقنابل نووية

مازال الأديب الألماني المخضرم الحائز على جائزة نوبل في الآداب قادرا على إثارة الصداع لإسرائيل، ومازال يمتلك من الشجاعة ما يكفي لمواجهة "المنافقين" من الموالين لها في أوروبا والعالم.. في ديوان جديد بعنوان "ذباب مايو" كتب قصيدة يشيد فيها بالخبير النووي الإسرائيلي "مردخاي فانونو" الذي كشف عن وجود برنامج نووي لدى إسرائيل لصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، ودفع الثمن من حريته منذ عام 1988 بالسجن 18 عاماً، بينها 11 سنة في الحبس الانفرادي، ثم وضعه تحت الإقامة الجبرية ومنعه من التحدث مع أي شخص أجنبي ومن السفر إلى الخارج حتى الآن. الأديب والشاعر الألماني (84 عاما) تعتبره إسرائيل شخصاً غير مرغوب فيه منذ أن نشر في إبريل الماضي قصيدة عنوانها "ما يجب أن يقال"، يتهم فيها إسرائيل بأنها تهدد السلم الدولي "الهش بطبيعته" من خلال اعتزامها شن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، كما أدان اعتزام ألمانيا بيع غواصات دولفين لإسرائيل، وطالب بإخضاع المنشآت النووية في كل من إيران وإسرائيل لرقابة دولية. في القصيدة الجديدة يصف جراس فانونو بأنه "بطل من زماننا.. أراد خدمة بلاده من خلال كشف الحقيقة"، وهو ما اعتبرته الصحافة الألمانية استفزازا جديدا من جراس لإسرائيل، وقالت صحيفة "بيلد أم سونتاج" الألمانية أن "جراس يُغضب إسرائيل من جديد"، واعتبرت صحيفة "برلينر مورجنبوست" ما قام به الشاعر الألماني "استفزازا جديدا"، فيما سخر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، إيجال بالمر، من قصيدة جراس، ووجهت الرابطة العبرية للكتاب في إسرائيل انتقادات حادة لجراس، ودعت في بيان لها "جميع المثقفين في العالم أن ينأوا بأنفسهم" عن جراس واتهمته بأن "العنصرية النازية مترسخة في حامضه النووي (دي.إن.إيه)"، وأنه "يواصل رحلته في تشويه اسم اسرائيل وإنكار حقها في الدفاع عن نفسها"، وأنه "كشخص خدم النازيين وجرح الشعب اليهودي، يواصل الطريق نفسه، دون التكفير عن أعماله"، أما فانونو فقال إنه "سعيد جدا لكونه في رابطة جونتر جراس"... وإلى نص القصيدة الجديدة: "بطل من زماننا" "سر من أسرار الدولة، كان ممنوعا، كشفه ابن الحاخام الذي كان يتبع تعاليم التوراة في بئر سبع، ثم قرر فجأة أن يكون مسيحيا. *** بعد التخرج كان يعمل في النقب، حيث كانت دولته تقوم وسط صمت الصحراء الخالية بأبحاث التخصيب النووي لكي تصبح قوة نووية، وتريد خداع العالم، إلى أن تمكن مردخاي فانونو من فضح هذا السر. هذا هو اسم البطل، الذي أراد خدمة بلاده بمساعدتها على كشف الحقيقة. *** ما حدث بعد ذلك ولم يصل إلى نهايته حتى الآن، يشبه لغزا مثيرا اخترعه محترف في مجاله، يشبه فيلما لا يجد شاشة من القماش لكي يعرض عليها، وسار اللغز في مسار متعرج مثل معالجات آلاف الأفلام التي وضع محتواها الحافل بالكوارث في السابق شعراء الملاحم. *** أغرته امرأة متآمرة، لا تتوانى حتى عن القتل، بالذهاب إلى روما، وهناك اختطفوه في مركب، حتى قبل أن يقرأ الناس في الصنداي تايمز عما ولد بداية في بلدة ديمونا الصحراوية: الموت المختبئ داخل قنابل نووية كثيرة العدد. *** وقعت الأحداث حسب النمط القديم المعروف، الذي نجده في "سفر التكوين": كما ألقى الإخوة في تلك الأيام أخاهم يوسف في غيابة البئر، ألقي فانونو أمام المحكمة، واتهم بالتجسس وحكم عليه بأن يقضي ثمانية عشر عاما في الحبس الانفرادي، أن يبقى معزولا.. قضى منها في سجن عسقلان أحد عشر عاما، وبعدها أطلق سراحه ليعيش حرية مقيدة بشدة تحت المراقبة. *** ورغم ذلك لم يصمت فانونو، بل تحدث مرة أخرى عما كان سرا، فعوقب بالسجن عدة مرات، حتى وضع أخيرا قيد الإقامة الجبرية في جمعية خيرية، في كنيسة القديس جورج في القدس، المدينة التي يقدسها المجاهدون من كل نوع. *** وبينما يكرم الناس في أوسلو وجلاسكو والعديد من الأماكن وعلى الإنترنت حياته باعتبارها أسطورة، يظل بطلنا في منزله محروما من الكلام، منذ أن أصبح له صوت في البرية أنبأنا بالخطر القاتل المحدق بنا جميعا. *** من يبحث عن نموذج عليه أن يحاول أن يكون مثله، أن ينطق ويتحدث عن الاختراعات الشريرة المخفية عنا في أماكن أخرى، في تكساس وكيل والصين وإيران وروسيا، فمثل هؤلاء الأبطال هم من يحتاجهم بشدة عالم يغني للسلام لكنه يخطط للدمار. *** مردخاي فانونو، يستحق مني التحية، أم قضاته فأطلب منهم أن يعترفوا بأنه رجل صالح، ظل وفيا لبلده طوال هذه السنوات".