رئيس «دفاع الشيوخ»: السد الإثيوبي معركة النَّفَس الطويل.. ومجلس الأمن ليس نهاية المطاف

كتب: محمد يوسف

رئيس «دفاع الشيوخ»: السد الإثيوبي معركة النَّفَس  الطويل.. ومجلس الأمن ليس نهاية المطاف

رئيس «دفاع الشيوخ»: السد الإثيوبي معركة النَّفَس الطويل.. ومجلس الأمن ليس نهاية المطاف

 إثيوبيا تسعى للتحكم في المياه وصولاً إلى بيعها..ونثق في قدرة القيادة السياسية على حل أزمة السد الإثيوبي

أكد الفريق أسامة الجندى، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشيوخ، أن مصر واجهت تحديات كثيرة على مدى تاريخها، وأن أزمة السد الإثيوبى هى معركة النَّفَس الطويل، مشيراً فى حوار مع «الوطن» إلى أن إثيوبيا لا تسعى للتنمية ولا توليد الكهرباء، بل إلى التحكم بالمياه، وصولاً إلى بيعها، وهناك أيادٍ أخرى وراء إثيوبيا تعبث بهذا الملف، مشدداً على الثقة التامة فى القيادة المصرية لتجاوز تلك الأزمة.. وإلى نص الحوار:

شهدت مصر تغييرات كبيرة خلال السنوات العشر الماضية بدأت مع ثورة 25 يناير.. كيف تُقيم تلك الفترة؟

- قبل ثورة 25 يناير كان الوضع صعباً، وانتشرت حالة عدم رضا عن النظام الحاكم وقتها، لكن دخلت عناصر فى المشهد، على رأسها «الإخوان» لاستغلال الموقف، وكان الخطأ فى تلك الفترة عدم إدراك أهمية التكنولوجيا فى عصر المعلومات ودورها فى تحريك المظاهرات بأكثر من مكان فى وقت واحد، واستغل الإخوان والتيار الإسلامى الموقف للقفز على السلطة، لكنهم لم يعرفوا الفارق بين إدارة دولة وإدارة جماعة، واستعجلوا السيطرة على مفاصل الدولة والتمكين، وهذا ما كشفهم بسرعة أمام الشعب، وبدأ صراع بين الشعب وجماعة الإخوان، وهدّد ذلك أمن واستقرار البلاد، وهنا لم يكن ممكناً أن يقف الجيش فى دور المتفرّج واستجاب للشعب الذى خرج فى 30 يونيو، وجاءت قرارات 3 يوليو التى مهّدت الطريق للحكم الانتقالى، ثم لمرحلة الاستقرار.

ماذا لو لم تحدث ثورة 30 يونيو وقرارات 3 يوليو، واستمر الإخوان فى الحكم؟

- الغرض الأساسى للإخوان كان التحكُّم فى مصر وتقسيمها، لأنهم لا يؤمنون بفكرة الدولة الوطنية، وكان هناك هدف من دول ومخابرات ومنظمات لتنفيذ مخطط لتدمير مصر وجيشها وتقسيمها، لكن الجيش انحاز للشعب، وأفسد المخطط، ليس فى مصر فقط، ولكن فى المنطقة كلها.

كيف ترى إنجازات الرئيس فى مختلف المجالات؟

- الرئيس استجاب للشعب لتولى الرئاسة، ولم تكن لديه الرغبة، لكن قبل توليه المسئولية كان دارساً لخريطة وأوضاع مصر جيداً، ثم تحرك فى جميع الاتجاهات والملفات فى التوقيت نفسه من أجل نهضة شاملة وإنشاء دولة حديثة، وأهم نقطة هى ربط مفاصل الدولة من خلال منظومة الطرق والبنية التحتية فى جميع أنحاء مصر.

ما تقييمك لملف السد الإثيوبى والتطورات التى يشهدها وتأثيره على مصر؟

- قضية المياه بالغة الأهمية وذات أبعاد أمنية وسياسية، وفى صدارة اهتمامات الدولة المصرية. وأزمة السد الإثيوبى لن تُحل فى يوم وليلة، ومجلس الأمن ليس نهاية المطاف، وإثيوبيا تسعى للتحكّم فى المياه وبيعها وتحقيق مكاسب، وهناك أيادٍ أخرى تقف خلف السد وخلف إثيوبيا، ومصر تعلم أبعاد القضية وتتعامل معها.

والمشكلة ليست الملء الأول أو الثانى، فالفيضان الذى حدث العام الماضى كان الأعلى منذ 25 سنة، وإثيوبيا ليست لديها ندرة مياه، لكنها تريد التحكم فيها، ولا يجب التعليق على دعوات الحرب ومصر لا تُهدّد، لكن تصريحات الرئيس كانت واضحة بأن هذا الأمر يُهدّد استقرار وأمن المنطقة، وما نريده هو اتفاق قانونى مُلزم وإثيوبيا لديها أكثر من 900 مليار متر مكعب من المياه، ولديها وفرة ومصادر متنوعة، لكنها لا تعترف بالاتفاقيات، ولا تُقر حق مصر والسودان فيها، وفى النهاية هدف النظام الإثيوبى بيع المياه، وهو أمر مرفوض وممنوع دولياً ومصرياً، ويسعى النظام الإثيوبى للتحكم فى المياه، وهذا غير موجود فى أى مكان بالعالم، وإثيوبيا ليست لديها شبكة كهرباء تتحمّل ما تدّعى أنه يستطيع إنتاجها، ولا شك لديها أهداف أخرى.

كيف تتابع تعامل الدولة المصرية وردود فعلها فى هذا الملف؟

- لدينا كل الثقة فى أن الرئيس السيسى سيُنهى ملف إثيوبيا كما أنهى كل الملفات الكبرى، فهو يتصرّف وفق مُعطيات الموقف، ومصر لم تخُض أى حرب إلا دفاعاً عن الحق وعن النَّفْس. ونهر النيل يمثّل شريان الحياة، ومصر من الدول التى تعانى الفقر المائى، ونصيب المواطن من المياه فى حدود 570 متراً مكعباً سنوياً، فى حين أن حد الفقر المائى يبلغ 500 متر مكعب فى السنة، والمعدل العالمى يزيد على 1000. إثيوبيا تحاول أن تفرض نفسها بحُجة المياه للتخلص من الاتفاقيات السابقة، والتى يراها الجانب الإثيوبى من وجهة نظره أنها وُقّعت فى فترة احتلال، وأنه غير مسئول عنها، فيريد أن يُسبّب مشكلات للتخلص من التزاماته تجاه مصر بكمية المياه، ويكون هو صاحب الحق المطلق بالتصرّف فى النيل، وهذا لا يمكن أن تقبله مصر، والموقف الإثيوبى يشوبه التعنّت ولا يتطابق مع الأعراف والمواثيق الدولية التى تنظم طرق استخدام المياه لدول حوض النيل.

ما تقييمك لموقف قطر وتركيا من مصر، ومحاولاتهما تحسين العلاقات مؤخراً؟

- العلاقات بين الشعوب قوية وتاريخية، والطيران لم ينقطع بين مصر وتركيا، والتعاون الاقتصادى المصرى والتركى، أو المصرى والقطرى قائم، ولكن الخلاف الأساسى مع النظام التركى وسياساته تجاه مصر، وقد علم أخيراً صدق وقوة النظام المصرى بعد استقرار الحكم فى مصر، وكشف ادعاءات الإخوان.

الرئيس السيسي عفُّ اللسان ولا يرد بالإساءة ولا يهدد أحداً.. لكن لديه خطوط حمراء

كما رأينا الرئيس السيسى لم يرد بأى إساءة فى أى وقت، فهو يتميز بأنه عفّ اللسان، ولديه صفات تُميّزه، أبرزها الوضوح والصدق رغم أن السياسة علم الإخفاء، لكن الرئيس رجل واضح والعالم يصدقه.

وكيف ترى نجاح مصر فى الملف الليبى؟

- الدور المصرى كان رائعاً فى الملف الليبى، وعلينا أن نعى أهمية ليبيا بالنسبة لمصر، وكذلك السودان، باعتبارهما العمق الاستراتيجى، والاتجاه الاستراتيجى الغربى يتمثل فى ليبيا وكل ما يؤثر فيها يؤثر على مصر، وكان لا بد من التحرّك لدرء خطر الجماعات المتطرّفة غير معروفة المصدر، وصد محاولات التدخّل فى شئون ليبيا من دول كثيرة، على رأسها تركيا.

ومصر تعاملت بحكمة بالغة، ومن موقف قوة، وتحددت خطوط حمراء فى الوقت نفسه، وتم التعامل مع الملف بعقلانية، والتدخل التركى كان الغرض منه مصالح شخصية أو خاصة، وسعى تركى وراء الغاز فى «شرق المتوسط»، أما مصر فكان هدفها الحل السياسى وإنقاذ ليبيا من الفوضى والتقسيم.

مصر رمانة الميزان فى الشرق الأوسط ودولة محورية قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار للجميع

وماذا عن سياسات مصر فى الإقليم، وسعيها لاستعادة مكانتها ودورها؟

- منطقتنا تُصنّف بأنها من المناطق الملتهبة ومطمع لكل دول العالم، وتحتاج إلى دولة تكون بمثابة رمانة الميزان فيها، وهذه الدولة بكل تأكيد هى مصر التى تمتلك جميع مقومات الدولة الكبيرة، وقادرة على تحقيق الأمن والاستقرار والسلام داخل الشرق الأوسط وأفريقيا، فمثلاً فى ملف الصراع التاريخى بين الفلسطينيين والإسرائيليين بُذلت جهود كبيرة من مصر، وأدى الرئيس السيسى دوراً محورياً، ومصر أكدت للعالم أنها القادرة على القيام بهذا الدور، خاصة أن هناك عدم توافق بين بعض الفصائل الفلسطينية، ورأينا التحرك المصرى فى وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار فى غزة، إضافة إلى علاقة مصر بطرفى الصراع.

وهناك التحرك المصرى فى أفريقيا وقوة العلاقات مع دول القارة، والرئيس كان لديه تركيز وتعاون مع دول لم يزُرها رئيس مصرى، مثل جيبوتى، وكذلك الصومال، كما أن إنتاج مصر اللقاح المضاد لكورونا وتصديره إلى أفريقيا إحدى وسائل القوة الناعمة لمصر.

وفى الملفات الخارجية، فإن الرئيس السيسى منذ توليه المسئولية تعامل مع كل الدول على القدر نفسه من الأهمية، وعلى قدم المساواة وأظهر مكانة الدولة وهيبتها بصدق، خاصة أن مصر دولة محورية، وتحرّك الرئيس على كل المحاور، منها أفريقيا وأوروبا، مما أدى إلى تقوية العلاقات مع المجر وقبرص واليونان ومع دول الخليج، وحقّق نجاحاً فى الملف الليبى والعلاقات مع الدول العربية، مثل الأردن والعراق.

البعض يتساءل لماذا التركيز على الطرق فى مشروعات التنمية حالياً؟

- الطرق والاتصالات هدفها ربط الدولة وسهولة التواصل والاتصال، ونهضة أمريكا قامت على شبكة طرق وتكنولوجيا وبنية تحتية، ومصر تتحرّك فى جميع الاتجاهات فى نفس الوقت، فمع البنية التحتية هناك نهضة فى الصحة والتأمين الصحى الشامل، ومبادرات الرئيس، والتعليم، إضافة إلى مشروع حياة كريمة لتطوير القرى المصرية، والإسكان الشعبى، والمتاحف والثقافة، وما يحدث هدفه بناء دولة حديثة.

ولا بد أن يتم الإنجاز والتحرك فى جميع الملفات والقطاعات فى نفس الوقت فى وطن قوى، وبدعم من جيش كبير لدعم مكونات الدولة، بما فيها بناء الإنسان، وكذلك تقوية الحياة التشريعية.

اكتشافات الغاز والبترول، خاصة اكتشافات «شرق المتوسط»، كيف تسهم فى دعم بنية الدولة؟

- التنقيب، خاصة فى المياه العميقة مُكلّف ويحتاج إلى قدرات ومعرفة واكتشاف الحوض ومكوناته، وقد تقدّمت تكنولوجيا التنقيب والاستخراج فى مصر بشكل كبير. ومنطقة شرق المتوسط بها الغاز، ووجود جيش قوى كان ضرورياً لحماية الإنجازات والأمن القومى المصرى والحفاظ على ما تحقق.

كيف ترى مستقبل تنظيم الإخوان بعدما أطاحت بهم ثورة 30 يونيو؟

- فكر الإخوان لم يقُم على الدولة الوطنية، ولولا 30 يونيو لتم تقسيم مصر، وكان هذا الهدف هو ضربة البداية للسيطرة على المنطقة كلها وليس مصر فقط، وشعبنا الواعى أدرك التهديدات التى سبقت تلك الثورة وتواكبت معها، وفى مقدّمتها تهديد كيان الدولة المصرية ذاتها ووحدتها وهويتها واستقلال إرادتها والمحاولات الفاشلة لتحجيمها وربطها بتبعية لتنظيمات ودول من خارج الإقليم. وثورة 30 يونيو المجيدة ستظل تخلد الأدوار البطولية التى قام بها الجيش ودوره فى مواجهة العنف والإرهاب، فى محاولة فاشلة لكسر إرادة المصريين، وسطر جيشنا العظيم والشرطة المدنية -وما زالا- أروع ملاحم البطولة والفداء فى مجابهة هذه التحديات فى ظل تلاحم شعبى معهود لشعبنا، واصطفافه وتكاتفه خلف قيادته السياسية الحكيمة التى طالبها عقب تلك الثورة المجيدة بالترشّح للرئاسة، فلبى النداء، ثم فوّضته الجماهير بمجابهة الإرهاب، فتحمّل تلك المسئولية باقتدار وتفانٍ فى مرحلة فارقة من تاريخ الوطن، لتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على مقدرات الشـعب ومكاسبه، ونذكر جميعاً كيف حاولت جماعات أنصار بيت المقدس الإرهابية، وما سُمى بتنظيم ولاية سيناء، وجماعات الشر الأخرى المرتبطة بها فى الفترة من 2013 - 2015 تهديد الأمن والاستقرار، وما قامت به مصر وقائدها لوأد تلك الجماعات.

كيف تسهم مشروعات التنمية فى وأد «التنظيم»؟

- ثورة 30 يونيو كانت بداية معركة التنمية فى مصر، وإنجاز مشروعات لم تشهدها منذ عشرات السنين، لتحقيق الرفاهية والرخاء للشعب، لأنه الداعم الحقيقى للأمن بمفهومه الشامل، وأصبحنا بفضل تلك المجهودات على مشارف جمهورية جديدة يستحقها الشعب المصرى العظيم.

والرئيس السيسى منذ تولى وزارة الدفاع كان هدفه إعداد وتقوية وتحديث وتسليح الجيش، واستمر هذا الاهتمام بعد توليه الرئاسة وهى قضية مهمة، والرئيس يدرك أن الجيش عماد الدولة، وهو الذى يؤمّن الإنجازات التى تحدث، ولا توجد تنمية ودولة قوية، دون جيش قوى.

مكافحة الإرهاب

الإرهاب هو العدو الأكبر للعالم وليس مصر فقط، ومصر منذ 3 يوليو عملت على مواجهته بنجاح عندما لجأ الإخوان إلى العنف للتخلص من صدمة خروجهم من الحكم، أما حملات الشائعات، فوراءها لجان إلكترونية إخوانية منظمة ومصر تقدّمت فى الملف التكنولوجى وحروب الجيل الرابع والخامس، ولا بد أن تتماشى مع العالم وتواكب التطور التكنولوجى فى جميع الاتجاهات والمحاور، ونبنى حالياً الدولة الرقمية فى الجمهورية الجديدة.

 

 


مواضيع متعلقة