السد الإثيوبى

مجدى علام

مجدى علام

كاتب صحفي

تدور أحاديث عديدة بين العامة وجروبات السياسيين وغير السياسيين عن ضرورة ضرب مصر لسد النهضة، ولأن منهم سياسيين محترمين، ولأن منهم خبراء متميزين، فقد وددت أن ألفت النظر إلى أن ضرب دولةٍ لدولة أخرى دون تفويض دولى يستتبع فوراً إحالة هذه الدولة إلى المحكمة الجنائية الدولية، فضلاً عن محكمة العدل، إن ارتكبت جرائم ضد الإنسانية طبقاً للفصل السابع، ومن هنا فإن حالة الفوران والهيجان على وسائل التواصل الاجتماعى ليست مبررة، وتشكل ضغطاً على الحكومة المصرية خارجاً عن إطار العقلانية والتعقل، فضلاً عن أن ضياع مكانة مصر من دولة سلام تحترم الاتفاقيات إلى دولة مارقة مثل دولة صدام حسين تعتدى على جيرانها وتحتلهم، فضلاً عن قتل النساء والأطفال، إن حدث فى قرية على فرع أو بحيرة بالقرب من موقع سد النهضة فى منطقة الفشقة أو غيرها، سوف يتحول إلى جنازة مليئة باللطم من أنصار جمعيات حقوق الإنسان الذين هم ضد مصر وهى لم ترتكب جرائم ضد الإنسانية، فما بالك بتركيا؟!

يقول الفقيه المصرى المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى إن محكمة العدل الدولية لها سوابق قضائية فيما يتعلق بالتوارث الدولى، فقد ذهبت محكمة العدل الدولية إلى ذلك فى أحدث أحكامها بشأن الأنهار الدولية فى النزاع بين المجر وسلوفاكيا، وفى النزاع بين أوروجواى والأرجنتين بشأن نهر أوروجواى عام 2010، ووضعت قاعدة دولية بشأن الاتفاقات المتعلقة بالأنهار الدولية، وتأكيداً على المادة (12) من اتفاقية فيينا لعام 1978.

وفيما يتعلق باتفاقية عنتيبى الموقعة فى مايو 2010 التى وقَّعت عليها الدول المطلة على نهر النيل فلم توقع عليها مصر والسودان والكونغو الديمقراطية، ولما كان المبدأ السائد دولياً أن الاتفاقيات الأحادية التى تخل بالعدل المائى تتعارض مع التوزيع المتكافئ لمياه النيل، فقد تحفظت مصر على ثلاثة بنود وطلبت تعديل الاتفاقية، يتمثل أولها فى وجوب الاعتراف بحقوق مصر التاريخية فى مياه النيل وعدم المساس بحصتها البالغة 55 مليار متر مكعب، ويتمثل ثانيها فى وجوب اتباع قاعدة دولية للأنهار المشتركة بالإخطار المسبق من جميع الدول العشر المطلة على نهر النيل حال قيام إحداها باتخاذ أى إجراء بشأن مياه نهر النيل، بينما يتمثل ثالثها فى وجوب إعمال قاعدة دولية مستقرة هى التصويت الموزون أو النسبى فى اتخاذ أى قرارات تتعلق بشأن نهر النيل.

وبناء على ما تقدم، لا تتمتع اتفاقية عنتيبى بأى قوة ملزمة فى مواجهة الدول الثلاث «مصر والسودان والكونغو الديمقراطية».

«أبى أحمد» يخالف 13 مبدأ من مبادئ الاستقرار القضائى لمحكمة العدل الدولية على مدى تاريخها، استجمعها الفقيه المصرى، منها مبدأ أن مشروعات الدولة على أراضيها يجب ألا تؤثر على حجم المياه فى الدول المتشاطئة -قضية نهر «الميوز» LA MEUSE- ومبدأ حرمان قيام الدولة على أراضيها بإجراء تغيير أو تعديل مياه النهر.

وبقواعد القانون البيئى الدولى ومبادئ قانون المجارى المائية الدولية (قضية مشروع جابتشيكوفو - نيجماروس) Gabcikovo-Nagymaros project على نهر الدانوب عام 1997 ومبدأ قررته العدل الدولية لـ7 دول أوروبية لنهر الأودر، وقضية نهر الأودر River Oder case ومبدأ وجوب تقييم الأثر البيئى لمنع الضرر الجسيم العابر للحدود، والإخطار المسبق بالمشروعات الجديدة، وقضية مطحنة لب الورق السليلوزية على ضفة النهر Pulp Mills case ومبدأ حظر إقامة مشروعات تضر بالحقوق التاريخية للطرف الآخر، وقضية نهر الهلمند Helmand River Delta Case ومبدأ السيادة الإقليمية للدولة لتطوير الطاقة الهيدروليكية مقيد بعدم تغيير مجرى النهر، وقضية بحيرة لانو Lanoux عام 1957.

ويختتم الدكتور خفاجى بأن «أبى أحمد»، رئيس وزراء إثيوبيا، بتعمد مخالفته لثلاثة عشر مبدأ من مبادئ محكمة العدل الدولية، فإنه يخالف التعهدات الدولية وفكرة الشرعية النهرية للدول المتشاطئة.

وختاماً.. نقول لـ«أبى أحمد»: راجع أحكام محكمة العدل الدولية فى اتفاقيات الأنهار الدولية والنزاع بين المجر وسلوفاكيا والنزاع بين أوروجواى والأرجنتين بشأن نهر أوروجواى عام ٢٠١٠ التى اعتمدت اتفاقيات الأرض والاحتلال الإنجليزى أو الفرنسى لا تبديل لها، كما تسرى على المياه والأنهار المتشاطئة لهذه الدول.