«جهاد» من فشل الالتحاق بطب الأسنان إلى سفيرة التمريض: رؤية النبي وجهتني للطريق الصحيح

كتب: محمد خاطر

«جهاد» من فشل الالتحاق بطب الأسنان إلى سفيرة التمريض: رؤية النبي وجهتني للطريق الصحيح

«جهاد» من فشل الالتحاق بطب الأسنان إلى سفيرة التمريض: رؤية النبي وجهتني للطريق الصحيح

الحياة التي نعيشها أشبه بحلبة الملاكمة، وداخل تلك الحلبة لا يفوز دائما الأكثر قوة كما يظن الكثيرون، بل يفوز الأكثرة قدرة على تحمل ضربات منافسه، فالحكاية كلها في تلك القدرة على التحمل، وكلما زادت قدرتك تلك ولم تسقطك أي ضربة مهما كانت قوتها، كلما حققت نجاحا لم يكن تتخيله أنت ولا أحد أن تصل له في يوم من الأيام.

حكاية «جهاد علي أنور» الطالبة بكلية التمريض جامعة أسيوط، خير دليل ومثال على هذا الأمر، فرغم الساعات الطويلة التي كانت تذاكرها يوميا خلال الثانوية العامة، إلا أن كل هذا لم يكن كافيا لتحقق حلمها وتلتحق بكلية طب الأسنان، لتوجه لها الحياة لكمة تفوق في قوتها لكمات محمد علي كلاي الملاكم الأمريكي الشهير، لكن الفتاة الصعيدية مثلها مثل كل أهالي صعيد مصر الجميل، جينات الجلد والتحمل تسير في عروقها، وبعد أن سيطرت عليها فترة من الحزن، استطاعت أن تلملم نفسها من جديد وتعود إلى طريقها وتصبح في فترة قصرة سفيرة للتمريض، وكذلك الأمين العام للجمعية العلمية ENNSSA للدفاع عن حقوق التمريض داخل وخارج مصر، فضلا عن كونها الطالبة المثالية لكلية التمريض بجامعة أسيوط.

اكتئاب بسبب الثانوية

الفتاة التي تسكن بقرية موشا بمحافظة أسيوط، كل من حولها يشهدون باجتهادها وكونها طالبة كانوا يتقوقعون لها أن تنهي الثانوية العامة من الأوائل على مستوى محافظات الجمهورية بأكملها وليس على مستوى محافظتها فقط، لكن ما حدث على الأرض الواقع فعلا كان مغايرا لهذا التوقع بشكل كبير، حيث تقول «جهاد» في بداية حديثها مع «الوطن»: «في ثانوية عامة جبت مجموع محدش كان يتوقع أني مممكن اجيب ده بس وهو 95%»، ظلمت كثيرا على مستوى تصحيح نتيجتي وحين تظلمت لم أحصل على حقي».

وأمام خيبة الأمل تلك، أصيب الفتاة العشرينية بحالة اكتئاب شديدة بعدما منعها هذا المجموع القليل بالنسبة لها، الكبير جدا بالنسبة للكثيرين، من الالتحاق بكلية طب الإسنان، موضحة: «دخلت في حالة اكتئاب حاد وتعبت تعب جسدي شديد»، مشيرة إلى أنها في النهاية ارتضت بقدرها والتحقت بكلية التمريض جامعة أسيوط، لافتة إلى أنها أقدمت على ذلك رغم أنها لم تحب تلك الكلية، وزاد الأمر من صعوبته تعليقات بعض الناس عن تلك الخطوة، متابعة: «سمعت كلام من ناس كتير زي أنت فشلت ومش هتنفعي في حياتك خلاص وكلام من ده كتير أوي».

رؤية النبي

كل هذا جعل الفتاة العشرينية تقرر أنها لن تجتهد أو تذاكر أي من مواد تلك الكلية التي التحقت بها مرغمة عليها، حتى لو وصل الأمر إلى رسوبها أو حتى لو كان سببا في نهاية مشوراها التعليمي عند شهادة الثانوية العامة، حيث تحكي: «أخدت أول شهرين مش بذاكر نهائي، وبمتحن وأسقط في الامتحانات فضلت على حالي ده لغاية قبل امتحانات الفاينال للتيرم الأول من سنة أولى»، حتى حدث أمر لم يكن على بالها ولا بال أحد، كاشفة أنها في إحدى ليالي الثانوية العامة زارها الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) في منامها، وتذكرت تلك الرؤية من جديد في صلاة كانت تشكو فيها إلى الله ضيقها وعدم تقبلها لكلية التمريض، مضيفة: «في مره كنت بصلي قيام الليل زي عادتي وفجأة وأنا ساجدة لربنا وبعيط وبدعيله جه في بالي رؤية أنا شفتها وانا لسه كنت في سنة تانية ثانوي، الرؤية دي أنا شفت فيها سيدنا علي بن أبي طالب والسيدة أسماء بنت أبي بكر، والنبي صلى الله عليه وسلم على هيئة نور ولكن السيدة أسماء وسيدنا على هيئتهم البشرية»، مؤكدة أن كل ذلك ذكرته وهي ساجدة في صلاتها.

انتهت من صلاتها وهي مقررة أن ما فشلت في تحقيقه خلال الثانوية العامة ستحققه من خلال كلية التمريض،: «ومن هنا قررت إني امشي في الطريق الصحيح وأكمل في تمريض وهسعى، وأنا جوايا يقين تام أن أي مكان هوصل ليه وهحقق حلمي من تمريض مش من مكان تاني، وبدأت أعوض وأذاكر وافتح الكتب لأول مره وبقيت بذاكر بالـ15 ساعة في اليوم عشان أقدر أعوض في الفاينال، والحمدلله رب العالمين في السنة دي طلعت بتقدير عام امتياز وجبت امتياز في جميع المواد».

سفيرة التمريض وألقاب عدة

ومن حينها وانطلقت «جهاد» في مشوراها لتحقق النجاحات واحد تلو الآخر، دون أن يصيبها التشبع من أي نجاح تحققه، لتحصل على لقب سفيرة التمريض المصري، كاشفة أنه تم منحها هذا اللقب من المجلس القومي للسكان، برئاسة نائب وزير الصحة، وتحت رعاية منظمة اليونسيف ومنظمة الصحة العالمية والجمعية العلمية المصرية ENNSSA، لافتة إلى أنه تم اعتمادها كذلك كمدرب معتمد من بين 27 ممرضا وممرضة على مستوى الجمهورية، وذلك بعد انتهاء مبادرة شباب مصر والتي استمرت لأكثر من 5 شهور والتي قامت خلالها بتدريب وإعطاء محاضرات لأكثر من 100 طالب وطالبة من كليات التمريض على مستوى الجمهورية.

أب وأم وخمس أخوات وحلم

وترجع الفتاة الصعيدية كل نجاح وصلت إليه حتى الآن، إلى توفيق الله سبحانه وتعالى ومن بعده والدها والدتها التي تنظر إليهما على أنها القدوة والمعلم بالنسبة لها، مؤكدة في نهاية حديثها مع «الوطن»: «كل اللي وصلتله حاليا ولسه هوصله بمشيئة الله ما هو إلا بفضل أبي العظيم قدوتي وفخري ومعلمي ومثلي الأعلي دائما وأبدا الشخص اللي كان جمبي وفي ضهري طول عمري هو علي أنور علي سليم، الأخصائي الكيميائي بمستشفى طب الأسرة بقرية موشا، وأمي والتي لا يصفها شيء سوى أنها الحياة والعطاء والقلب الطيب الذي كان وما زال يحتويني بكل حب، وهي زينب محمد متولي خضر المعلمة الفاضلة بمدرسة الخلفاء الراشدين الابتدائية بقرية موشا»،  ومضيفة عليهما أخواتها الخمسة وجميع معلميها بمراحل التعليم المختلفة وأصدقائها وأحبائها، ومصرحة أنها تحلم أن تصبح أول وزيرة صحة في مصر تتبع كيان التمريض.

 


مواضيع متعلقة