الشاب محمود عبدالرازق
«أنت لوحدك؟».. سؤال طُرح على الشاب محمود عبدالرزاق، خريج كلية الآثار ويعمل مرشد سياحي، في اللحظة الأولى التي همّ فيها بتنفيذ زيارته إلى برج القاهرة، فما أن وصل إلى بوابة الأمن الخاصة ببرج القاهرة حتى استمع لهذا السؤال.
وأجاب خريج كلية الآثار، على السؤال بأنه قادم لزيارة برج القاهرة بمفرده، ظنا منه أن الأمر انتهى، وسيتسمع بتجربته في زيارة المكان، لكن ما حدث أن هذا الأمر لم يكن سوى البداية فقط، لدرجة تأكيده أن كل موظف أو عامل مر عليه خلال تلك الزيارة وجه له نفس السؤال أو على أقل تقدير أخبر زملائه من عاملي وموظفي البرج بالانبتاه أن هذا الشخص بمفرده، حسبما سرد «عبدالرازق» تجربته مع تلك الزيارة عبر أحد مجموعات «فيسبوك» المهتمة بالمعالم الأثرية والسياحية في مصر.
يقول المرشد السياحي: «تجربة غريبة منصحش حد يجربها، هي إنك تروح برج القاهرة لوحدك، لأنك حقيقي من أول ما هتدخل من بوابة الأمن والدنيا كلها هتسألك أنت لوحدك؟».
«روحت شباك التذاكر قالي أنت لوحدك هتاخد ربع ساعة بس، واللي أخد مني التذكرة قالي أنت لوحدك هتاخد ربع ساعة بس، وبعدين سلمني للست اللي في الأسانسير اللي المفروض بتطلعنا البرج، وقالها خلي بالك ده لوحده، وبعد كدا هي كلمت الأمن في تيلفون الأسانسير، وقالتلهم أنا معايا واحد لوحده، خرجت من الأسانسير لقيت بتاع الأمن مستني قدام الأسانسير، قالي أنت اللي لوحدك، وبعد كدا طلعنا دور سلم وسلمني لفرد أمن تاني، قله خد دا لوحده، والراجل اللي معايا دا بقا فضل ملازمني الربع ساعة وقاعد جنبي زي ضلي وبعدين قلي الربع ساعة خلصت ونزلت».
ويتابع: «حقيقي أنا من اللي بيحصل حوليا شكيت إني فعلاً أنا طالع انتحر ووصلولي الإحساس دا، مع إن لو معاك حد تاني هتقعد فوق براحتك، بس لوحدك أنت طالع تنتحر معروفة يعنى وآخرك ربع ساعة، حاجة كويسة ووحشة في نفس الوقت بس منصحش حد يجربها لأنك مش هتنبسط أبدا ومصر كلها هتعرف إنك لوحدك».
وتواصلت «الوطن» مع محمود عبدالرزاق، خريج كلية الآثار، والذي بدروه أكد في بداية حديثه أن كل ما جاء منشوره صحيح بنسبة 100%، ولا يحمل أي مبالغات يلجأ لها بعض من يقصون تجاربهم مع أي شيء على مواقع التواصل الاجتماعي بحثا عن تفاعل رواد المواقع مع تلك الحكايات، موضحا أنه من اللحظة الأولى بدأ الجميع يوجه له سؤال «أنت لوحدك؟»، وبعدها بدأ الجميع في التنبيه على بعضهم أنه بمفرده ولا يجب أن يتركوه للحظة واحدة بمفرده خلال تلك الزيارة.
«أنا في الأول مكنتش عارف بتسأل السؤال ده ليه».. بهذه الكلمات أوضح «عبدالرازق» عما كان يدور في رأسه حينها، كاشفا أنه بدأ يفهم ويعرف لماذا يتكرر هذا السؤال أثناء تواجده بمصعد البرج، من خلال موظفة المصعد، مشيرا إلى أنه فضل عدم ذكر ذلك في منشوره أو حتى التلميح له، حتى لا يكون ذلك سبب في أي ضرر قد يلحق بموظفة المصعد، «أنا كمان بصراحة شكيت لوحدي لما الموضوع اتكرر بالصورة دي».
ولا يستطيع المرشد السياحي، تحديد ماهية مشاعره بشكل دقيق تجاه تلك التجربة، موضحا أن الاهتمام الذي لمسه من جميع عاملي وموظفي البرج وحرصهم على سلامته ومنعه من الإقدام على هذه الخطوة أمر جيد بالنسبة له بكل تأكيد، لكن فكرة أنهم لم يسمحوا له بالتواجد أعلى البرج إلا لمدة ربع ساعة فقط هي المشكلة بالنسبة له، «ربع ساعة بس دي اللي ضايقتني كتير»، موجها شكره إلى موظف الأمن الذي ظل بجواره طوال مدة زيارته لبرج القاهرة وهي ربع ساعة فقط، «محتاج أشكر الراجل بتاع الأمن علشان كان لطيف جداً معايا فوق».
وكان قد شهدت القاهرة نهاية عام 2019، واقعة مأساوية حينما أقدم طالب بكلية الهندسة على الانتحار ملقيا بنفسه من أعلى برج القاهرة، ووقتها توصلت تحقيقات النيابة بتلك الواقعة، أن هذا الشاب أقدم على القفز من أعلى البرج بسبب مروره بأزمة نفسية حادة.
وتعليقا على تلك الواقعة، تواصلت «الوطن»: مع أحد مسؤولي برج القاهرة، الذي أكد أن ما حدث مع الشاب محمود عبدالرازق، إجراء أمني يقوم به موظفي البرج مع أي زائر للبرج بمفرده، معللا أن الهدف الوحيد من ذلك يتمثل في الحفاظ على أرواح الناس، مشيرا إلى إن إدارة البرج، لا تقوم بهذا الفعل، ولا تجبر موظف أمن على مرافقة أيا من زائري المكان، إلا إذا كان قادما بمفدره، مواصلا: «المكان من فوق مش مقفول، والمفروض الناس تفرح أننا بنحاول نحافظ على سلامتهم ومهتمين بأرواحهم»، مؤكدا أنه قبل حوالي العامين فوجئنا بواقعة انتحار شاب من أعلى البرج، ولا نرغب أن يتكرر هذا مجددا.
تعليقات الفيسبوك