منتصر يستعرض الجوانب السلبية للهواتف والسوشيال ميديا: ابتزاز وبلطجة

كتب: محمود البدوي

منتصر يستعرض الجوانب السلبية للهواتف والسوشيال ميديا: ابتزاز وبلطجة

منتصر يستعرض الجوانب السلبية للهواتف والسوشيال ميديا: ابتزاز وبلطجة

قال الكاتب والمفكر الدكتور خالد منتصر، إن الإنسان قد ظن أنه مع السوشيال ميديا حصل على حريته الكاملة وحلَّق بعيدًا خارج أسوار الحصار، وتخيل أن بيت أفكاره قد أصبح بلا سقف وبلا جدران، لكنه استيقظ على الحقيقة المرة وهي أنه قد فقد خصوصيته وأن الجموع تمارس عليه الابتزاز وأنه قد صار مراقبًا مرصودًا يكتشف فجأة أنه لم تعد هناك أبواب سرية أو كواليس مخفية لتصرفاته، موضحًا أن الحماقات والنزوات وزلات اللسان صارت تحت الميكروسكوب، حتى التصرفات العادية لا بد أن تحصل على ترخيص من الجموع الفيسبوكية بأنها تصرفات عادية ومقبولة حسب الشرع الجمعي الإلكتروني.

وأضاف «منتصر»، خلال مقال له في صحيفة «الأهرام»، أنه خلال الأيام الماضية حدثت عدة أشياء متتالية تؤيد هذا التحليل وتلك الرؤية، مستشهدًا على بذلك بتغريدة كتبها الفنان نبيل الحلفاوي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» وهو شخص مشهور بمتابعاته وتحليلاته الكروية التي لها جمهور كبير على السوشيال ميديا، فإذا بمن يقتحم عليه التويتة معلقًا «كيف تتابع مباراة كرة قدم وغزة تحترق»، هذا الأمر ذاته حدث مع الفنانة رانيا يوسف، التي تعرضت لنفس الهجوم حين نشرت صورتها على انستجرام وهي في الجيم، فدخلت عليها سيدة لتهاجمها على أنها تُمارس الرياضة وتريد الحفاظ على رشاقتها بينما هناك قصف وصفارات إنذار.

وأردف المفكر والكاتب، أن رد رانيا يوسف هو سؤالها «كيف تجد الوقت للتفاعل مع إنستجرام والمتابعة وتقليب الصور في ظل القصف»، وتمادت وتضخمت حكايات الابتزاز الإلكتروني حول شتائم وهجوم على فنان بكى صباحًا في جنازة وحضر حفل زفاف في المساء، موضحًا أن هذا الأمر يُعد تربصا واصطيادا ومحاولة اغتيال معنوي، كما أن الأزمة هو أن كل هذا يتم من خلال لجان إلكترونية منظمة تريد أن تسوقك وتقودك وتشكل وجدانك وعقلك كيفما تريد وأن حاولت التمرد على الكتالوج أو الخروج من الإطار تتعرض لتجريس اجتماعي مرعب يجعلك إما تنسحب أو تعتذر أو تنضم إليهم.

وأوضح أنه عندما وجد الإخوان أن الشماتة في وفاة فنان أو مفكر والسباب وصب اللعنات عليه بعد رحيله قد أثارت غضب الإنسان المصري الطبيعي الذي يقدس طقوس الموت ويحترم جلال الحزن ويبجل مظاهر الوداع، فعندما وجدوا أن تلك الطريقة قد جاءت بنتائج عكسية وضعوا خطة بديلة للجانهم الإلكترونية، فبدلًا من تشويه الفنان قاموا بتشويه الفن نفسه، حيث يرون أنه لا بد من شيطنة الوسط الفني، ثم مد الخط لشيطنة الفن، وهو الملعب والمجال والساحة التي تضم هؤلاء الشياطين أو المشيطنين.

وتابع: «هذا هو ما يحدث حاليا وننقاد نحوه وتحت رايته واستجابة لابتزازه في تلك المظاهرة العنكبوتية المليونية التي لا يستطيع مقاومتها إلا من هم من فولاذ، ومثلا يبتز بعضنا البعض بتلك الحروب والمعارك الإنترنتية، صار اقتحام الخصوصية شيئًا عاديًا ومقبولا بل ومطلوبًا ويمثل مصدر بيزنس، فتلك الكاميرات الملعونة في الموبيل والتي صارت في حوزة كل عابر سبيل أصبحت سلاح اقتحام مرعب لحرية وخصوصية أي بنى أدم على وجه الكرة الأرضية، فمن غرفة النوم إلى الحمام أنت مراقب، حتى الجنازات صارت ساحة ميديا ولوكيشن تصوير».

وأردف أن اللقطة صارت صنم العصر الحديث، ثم تتحول من إنسان لحم ودم وأعصاب إلى أسلاك ونبضات وبوستات وهاشتاجات وتريندات بعدما فقدنا وخاصمنا اتكيت الموبايل وصرنا نتكلم بصراخ في وسائل النقل ونحن نضعه على أذاننا والمفروض أنها مكالمات خاصة، نتحدث فيه بالساعات لمجرد الرغي وهو مصنوع من أجل خبر سريع أو نبأ عاجل لا يمكن تأجيله، وليس مصنوعًا لثرثرة كيف تحشو ورق العنب وتقور الكوسة وتقمع البامية، ونقتحم بعيوننا شاشات البعض في فضول قاتل وبشع.

وأوضح أنه بعد كل هذه السلوكيات التي كان لابد أن تستورد بروتوكولها الصحيح مع الموبيل، فعلنا الشيء نفسه مع إتكيت السوشيال ميديا، فالبرغم من أن مخترعي السوشيال ميديا منحونا كل الفرص والوسائل والطرق لنهجر ونترك صفحات من لا يعجبوننا بالبلوك وتركوا لنا الحرية في متابعة من نحبهم، فإن الكثيرين ما زالوا مصرين على بلطجة الابتزاز الإلكتروني وممارسة الردح والسفالة التي كانت قديما حبسية ركن من أركان الزقاق والحارة لكنها الآن وبفضل السوشيال ميديا صارت ردحًا وبلطجة ورفع مطاوي قرن غزال على الفضاء الإلكتروني وصفحات التواصل الاجتماعي في العالم كله.

وتابع: «تقطيع لحم البشر والخوض في سمعة الناس والتدخل في خصوصيات المواطنين وابتزازهم بأنهم لابد أن يكونوا على مقاسك وإلا تم سحلهم الكترونيا، كل هذه أمثلة مما يحدث في عالم السوشيال ميديا، فمظاهر غرائز غابة بشرية لا تصرفات حضارية لابد من تخذيبها حتى نكتسب ونستحق صفه الإنسانية وفضيلة الحرية».


مواضيع متعلقة