علا الشافعي تكتب: الرابحون فى دراما رمضان.. نجوم الأداء الهادئ والمنضبط

كتب: علا الشافعي

علا الشافعي تكتب: الرابحون فى دراما رمضان.. نجوم الأداء الهادئ والمنضبط

علا الشافعي تكتب: الرابحون فى دراما رمضان.. نجوم الأداء الهادئ والمنضبط

أيام قليلة وينقضى شهر رمضان الكريم، وهى الأيام التى تلاحقنا فيها تساؤلات حول النجوم الرابحين فى السباق الرمضانى، ومن تصدر المشهد والكثير من أفعل التفضيل، أحسن ممثل، وأفضل نجمة، وهكذا، ومن تراجعت أسهمهم وخسروا فى هذا السباق، والحق يقال إننا على مدار الكثير من السنوات، والمواسم الرمضانية دائماً ما يتأكد لنا أن لدينا مواهب متميزة تنتمى إلى أجيال مختلفة، ونجوم يبذلون أقصى ما فى جهدهم.

والقائمة تطول لتضم الكثير من المواهب التمثيلية اللافتة أصحاب الأداء الناضج والواعى، بعيداً عن أفعل التفضيل أو انحسار الاختيارات فى اسم أو اثنين، كما أن هناك نجوماً أيضاً يحملون القصور الموجود فى بعض النصوص الدرامية.

وإذا كان موسم رمضان 2021 قد شهد الكثير من الظواهر الإيجابية، وأهمها البطولات الثنائية فى الكثير من الأعمال المعروضة، والرابحون فيها بشكل لافت للأنظار هم الثنائى كريم عبدالعزيز، وأحمد مكى، اللذان قاما مع الكثير من النجوم وضيوف الشرف ببطولة مسلسل «الاختيار 2 - رجال الظل» تأليف هانى سرحان وإخراج بيتر ميمى.

كريم عبدالعزيز يقدم واحداً من أدواره الدرامية المهمة (زكريا يونس)، فنحن لسنا أمام «سوبر هيرو» مفتول العضلات، ويواجه كل شىء بعضلاته، وعادة ما ينجو من الموت بأعجوبة، ولكننا أمام بطل يعتمد على ذكائه وتوافر المعلومات، وتحليلها، وملامحه الفيزيائية عادية وغير مبالغ فى شكله، ولا يعتمد على عضلاته، إضافة إلى أداء كريم الناضج والمنضبط دون مغالاة فى ردود الفعل وذلك لفهمه الجيد لطبيعة الشخصية التى يجسّدها، حتى المشاهد التى ظهر فيها وهو يمزح، سواء مع أصدقائه أو فى منزله، لم يبالغ فيها النجم كريم، بل أداها بخفة.

الحال نفسه بالنسبة لأحمد مكى، الذى حقق نقلة نوعية بدور (يوسف الرفاعى) فى مسلسل «الاختيار 2»، مكى بالأساس فنان متعدد المواهب وصاحب رؤية حقيقية فى ما يقدم من أعمال ككاتب ومخرج ومغنٍ، واختصار موهبته فى الكوميديا فقط يحمل الكثير من الظلم له، وهو ما تأكد للجمهور العريض الذى تابع مسلسل «الاختيار 2»، حيث يقدم «مكى» دور ضابط العمليات الخاصة، الذى يترقى وينقل بعد ذلك للأمن الوطنى، بحرفية عالية، خصوصاً أن تركيبة يوسف الرفاعى المحملة بالأسئلة طوال الوقت، والذى يخشى أن يرتبط بحبيبته، خوفاً من أن يصيبه مكروه ويجعلها أرملة فى عز شبابها، ما بين عدم اليقين ببعض الأشياء، وخوفه الدائم على المقربين منه، وإيمانه الراسخ بقضيته، وحبه لعاليا (أسماء أبواليزيد).

ينقل «مكى» كل تلك الانفعالات والتناقضات فى الشخصية بحرفية عالية ودون تزيّد أو مبالغة تُذكر فى أى مشهد من مشاهده، كما أن مشاهد «كريم ومكى» تحمل الكثير من المتعة والخفة وكأن هناك تناغماً كبيراً بينهما، يبشر بتقديم تجارب جديدة ومتنوعة.

ومن النجوم الرابحين أيضاً فى هذا الموسم الرمضانى الفنان طارق لطفى، الذى يجسّد دور «رمزى» فى «القاهرة كابول»، وقد تبدو هيئة طارق قريبة فى الشكل من أسامة بن لادن، لكن الحقيقة التى يجسّدها طارق هى معنى التطرف، حيث يقدم سمات وملامح شاهدناها فى نماذج متعددة شديدة التطرف، تلون أداء طارق وانتقاله ما بين الحزم والجدية، المكر أو التجهم وإعلان الغضب فى لحظات أو الابتسام الخفيف، أو ارتفاع ضحكته المنضبط وهو مع زوجاته، وتحول ملامحه تماماً وعينيه عندما يذكر اسم منال (حنان مطاوع) حبيبته وخطيبته التى لم يعشق سواها، أو وهو يكتب لها ويهاتفها، عندما يستمع للعزف، كل تلك الانفعالات والنقلات الخاصة بالشخصية يجسّدها طارق لطفى بنضج ووعى شديدين، والحقيقة أن «طارق» يتألق عادة فى تلك النوعية من الأدوار المحمّلة بالمشاعر المتناقضة، وهو واحد من النجوم القلائل الذين يستطيعون ببراعة توظيف لغة الجسد والعينين ليعكسا كل ما يدور داخل الشخصية دون صراخ أو مبالغات.

حنان مطاوع فى دور منال فى «القاهرة كابول» هى صاحبة أداء رفيع، وتسير بخطوات واثقة طوال الوقت وكل دور تقدمه تضع بصمتها الخاصة، توظيف للصوت وتلون النبرات وتعبيرات الوجه ونظرة العين لفتاة تعانى من إحباط كبير وفقدان للأمل فى حب حياتها، الذى خذلها بشكل كبير، ولكنها فى الوقت نفسه تعرف أن هناك حياة يجب أن تستمر ووالداً حنوناً عانى فقدان الزوجة والابن، وتتحمل هى مسئوليته نفسياً أمام نفسها.

من نجمات دراما رمضان بالتأكيد منى زكى، التى تعود للدراما الرمضانية بقوة مع المخرج تامر محسن فى (لعبة نيوتن)، وذلك بعد غياب طويل منذ أن قدمت دورها البديع «تحية» فى مسلسل (أفراح القبة)، مع المخرج المتميز محمد ياسين.

«منى» التى تجسد دور «هنا»، ذلك الدور الصعب والمركب لامرأة تبدو بسيطة وساذجة فى الكثير من تصرفاتها، دائماً ما تكون محاصرة برغبات من حولها وتوقعاتهم لأفعالها وتصرفاتها لذلك فهى دائماً رد فعل لكل ما يدور حولها، ماذا تفعل وكيف تكون تصرفاتها عندما تكون هى صاحبة الفعل؟ راجع مشاهدها (وهى تتحدث إلى الطبيبة النفسية، معتمدة أنها من أصول عربية مثلها، وتقول لها بنبرة صوت خائفة إحنا غير، مشهدها فى المحكمة وهى تتحدث إلى القاضية، مشهد مواجهتها لحازم فى القسم بعد عودتها وهى ترتدى الخمار)، كثيرة هى المشاهد التى جسّدتها منى بإحساس عالٍ شديد الرهافة، ويكفى أنها طوال الوقت وأثناء متابعة الحلقات جعلت المشاهدين يتساءلون: «يا ترى هنا هتعمل إيه تانى»؟ لا يستطيع أى متابع للدراما الرمضانية ألا يتوقف عند دور مؤنس الذى يقدّمه الفنان محمد فراج فى مسلسل (لعبة نيوتن) رغم أنه يظهر بأكثر من وجه فى دراما رمضان، إلا أن دور مؤنس واحد من أفضل أدوار فراج على الإطلاق، فهو ظاهرياً يبدو شخصاً محافظاً يتقى الله، ولكنه مراوغ وغير مريح.

هناك إحساس ما بالقلق منه، وتخيل ما يخفيه فى كل مشهد يطل به على الشاشة، تلك الشخصية المراوغة، غير المريحة التى تبطن أكثر ما تظهر، ترجمها «فراج» على الشاشة إلى الكثير من التفاصيل، فى الحركة نظرات العين التى تهرب دائماً -نادراً ما ينظر إلى عين من يحادثه مباشرة- كأنه يمتلك وجوهاً عدة تتكشف فى تفاصيل كثيرة (مشهد المحكمة عندما احتضنته هنا بشكل تلقائى، مواجهة لزى عندما كان يسأله عن طبيعة علاقته بهنا، مراقبتها فى كاميرات المحل، مواجهته مع حازم) «فراج» أحد الفنانين والمشخصاتية الموهوبين، تحت إدارة المخرج تامر محسن.

هناك أيضاً الكثير من الفنانين الذين يستحقون التوقف عند أدوارهم بشكل أكثر تفصيلاً، ومنهم «أنوشكا»، فى دورها المميز شيرين زركش، فى مسلسل «نجيب زاهى زركش»، مع النجم القدير يحيى الفخرانى.

«أنوشكا» تتألق حقاً فى هذا الدور رغم أنها سبق وقدمت دور السيدة الأرستقراطية فى مسلسل «جراند أوتيل»، ولكن تركيبة «شيرين» تختلف تماماً، فيغلب عليها خفة الدم والإحساس بالذات المبالغ فيه، وهو ما ينعكس فى تفاصيل الشخصية وعلاقاتها بشقيقها وأبنائها.

أنوشكا ممثلة مهمة تملك طلة خاصة، وكان عليها أن تركز فى التمثيل مبكراً فى مسيرتها الفنية.

ريهام عبدالغفور التى تجسّد دور «عايدة» فى «قصر النيل»، لا تتوقف عن إدهاشنا مع كل دور جديد تقدّمه.

هى واحدة من نجمات رمضان صاحبات الأداء الرفيع. «عايدة» تلك الشخصية المتعالية ذات النظرة الحادة التى تخفى الكثير، وتشعر بأن كل شىء سينهار من حولها إذا لم تحكم السيطرة على حياتها وحياة من يسكنون معها فى القصر، لذلك تتصدى للصراع مع دينا الشربينى التى ترى أنها ستأخذ منها كل شىء، وهى أيضاً امرأة تعيش علاقة زوجية محبطة وعلاقة محطمة مع والدتها التى دخلت فى علاقة مع خطيبها الأول، وما بين الوجه الصارم -رغم الملامح البريئة- والنظرة المتعالية والتناقضات الداخلية.

تصوغ «ريهام» شخصية «عايدة» بسلاسة ومهارة تضيف الكثير إلى رصيدها.

وكما قُلنا القائمة تطول، لتضم أيضاً الكثير من الممثلين والفنانين، منهم على قاسم، وأمينة خليل، ومن المخضرمين رشدى الشامى والد «رمزى» فى (القاهرة كابول)، وعزيز فى (حرب أهلية)، ومحمد محمود فى دور طريف (نجيب زاهى زركش)، صفاء الطوخى، وسلوى محمد على (خلى بالك من زيزى)، فهما صاحبتا أداء راق، وأيضاً بيومى فؤاد رغم وجوهه المتعددة واستسهاله فى الكثير من الأحيان، فإنه يقدم دوراً مميزاً فى (خلى بالك من زيزى)، ويستحقون التوقف عندهم بشكل مفصّل أيضاً.


مواضيع متعلقة