مهاجر غير شرعي يروي لـ«الوطن» تفاصيل رحلة الموت إلى ليبيا: اللي بيقع بنسيبه يموت

كتب: أسماء أبو السعود

مهاجر غير شرعي يروي لـ«الوطن» تفاصيل رحلة الموت إلى ليبيا: اللي بيقع بنسيبه يموت

مهاجر غير شرعي يروي لـ«الوطن» تفاصيل رحلة الموت إلى ليبيا: اللي بيقع بنسيبه يموت

3 آلاف كيلو تلك المسافة التي يقطعها المُهاجر غير الشرعي من مصر إلى ليبيا في رحلة محفوفة بالمخاطر، يصارع الموت خلالها عدة مرات وبطرق مختلفة سواء جوعاً أو قتلاً، أملاً في الوصول إلى ليبيا للعمل في مجالي المعمار والزراعة مقابل مبالغ مالية جيدة تُدفع بالدولار.

وقال «عبد الستار. ج»، أحد أبناء قرية «حجز دفنو» بمركز إطسا بمحافظة الفيوم، والذي اعتاد السفر إلى ليبيا منذ أكثر من 10 أعوام عبر هجرة غير شرعية، إنّ كل شخص يدفع 25 ألف جنيه لـ«المُهرب» بعد وصوله إلى ليبيا، موضحاً أنّ الرحلة إلى ليبيا تتضمن مرحلتين هما «التخزين» و«المُبايعة»، فالأولى تتم خلال تخزينهم في مخابئ خلال الرحلة، والثانية حينما يبيعهم كل مهرب إلى الآخر حتى يصلون إلى طرابلس.

أولاد «أبو علي» جوكر تهريب المصريين إلى ليبيا

وأوضح «عبد الستار»، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أنّ رحلة الهجرة غير الشرعية تبدأ من قريتهم بالاتفاق مع أحد المهربين، حيث ينطلقون بسيارة ميكروباص إلى محافظة مرسى مطروح، ويتم تسليمهم لأولاد «أبو علي» حيث يقومون بتخزينهم كل 100 فرد في غرفة لا تتجاوز الـ 6 أمتار تمهيداً لتهريبهم، وحينما يجدون الوضع هادئاً وتحديداً عقب صلاة المغرب يقومون بتهريبهم إلى المنطقة الجبلية ثم يتسلقون هضبة السلوم.

رحلة الـ 80 كيلو متراً سيراً على الأقدام

وأضاف «عبد الستار»، أنّ الجزء الأصعب والأخطر في الرحلة هو بعد النزول من هضبة السلوم في الجبال والوديان، حيث يتم التنبيه عليهم بقطع مسافة 80 كيلو سيراً على الأقدام قبل طلوع الفجر، موضحاً أنّهم يتعرضون لإطلاق نيران عليهم من قبل حرس الحدود المصريين، إضافة إلى سقوط وفيات منهم خلال السفر سواء قتلاً من الشرطة الليبية التي تطارد المتسللين، أو من موتاً من الجوع والعطش والمجهود.

الموت جوعاً أو عطشاً أو قتلاً بالرصاص في الوديان الجبلية

وأشار إلى أنّه خلال الـ80 كيلو متراً يسقط الكثيرون مُغشياً عليهم من التعب أو الجوع أو العطش، ولا يقوم أحدهم بحمل من يقع أو الانتظار بجواره، وإنما يكملون مسيرتهم في الجبل، لافتاً إلى أنّ الهروب في الجبل يكون في مجموعات، كل واحدة تتكون من 300 هارب إضافة إلى الدلالين من أبناء «أبو علي».

رحلة الثمانية مخازن حتى الوصول إلى ليبيا

وكشف أنّهم يصلون بعد ذلك إلى الجانب الآخر في السلوم في ليبيا ليبدأون نظام «المُبايعة»، حيث يتسلمهم أحد المهربين من أبناء أبو علي ثم يضعونهم في سيارات «لاند كروزر» حتى منطقة «مساعد»، ويتم بيعهم لمُهرب آخر ينقلهم حتى منطقة طبرق، ثم يشتريهم مهرب آخر ويبيعهم في «أجدابيا»، وتستمر الرحلة على هذا الحال مروراً بـ«المرج»، ثم «سلوك»، ثم «الجوفرة»، ثم «الشويرف»، حتى يصلون إلى منطقة التخزين الرئيسية بـ«بني وليد» حيث يتم تخزينهم حتى تهدء الأجواء.

وبينّ أنّ رحلتهم تنتهي بنقلهم من «بني وليد» إلى «طرابلس»، وحينما يصلون هناك يتم حبسهم ومنحهم هواتف ليتحدثون إلى أسرهم ويطلبون منهم دفع 25 ألف جنيه للمهرب بالقرية، وحينما يتسلّم المبلغ المالي يقوم بالإفراج عن كل شخص قامت أسرته بالدفع، لينطلق في ليبيا بحثاً عن العمل.

عذاب 30 يوماً للوصول إلى ليبيا

ولفت إلى أنّ رحلة الهروب إلى ليبيا تستغرق من 6 أيام وحتى شهر حسب التشديدات الأمنية على الطرق والدروب الصحراوية، وعلى حسب مدة التخزين التي يخضعون لها، حيث تصل مدة التخزين لأسبوع وأكثر في المكان الواحد، ولكن في النهاية من يصل إلى الأراضي الليبية تُفتح له «طاقة القدر» نظراً لأنّ فرص العمل هناك كثيرة جداً، ويحصلون على رواتب كبيرة بالدولار تجعلهم يحققون كل أحلامهم في شراء أراضٍ وبناء منازل جيدة وتدبير نفقات الزواج بسهولة.

ونوّه إلى أنّ هناك طريق آخر للسفر إلى ليبيا بطريقة غير شرعية من الفيوم إلى ليبيا بشكل مباشر عبر الجبال من خلال قبيلة «القذاذفة» في أطراف مركز يوسف الصديق، وأطراف مركز إطسا، ولكنه لا يعرف الطريق ولا كيف يسيرون فيه، لكنه سمع ذلك ممن سافروا عبر تلك الطرق، ولكن يستخدمها سكان مراكز يوسف الصديق وأهالي قرى الغرق والبرنس والسدح بمركز إطسا.

وشدد على أنّ شباب الفيوم ومحافظات الوجه البحري يعملون في مجال المعمار والبناء، بينما شباب الصعيد يعملون في مجال الزراعة، لافتاً إلى أنّه بعد منع السفر إلى ليبيا كان هناك أشخاص يسافرون بطريقة أكثر أماناً ولكنها طويلة ومُكلفة، حيث كانوا يسافرون من مصر إلى تركيا، ومنها إلى ليبيا، ولكن بعد قطع العلاقات بين مصر وتركيا ازداد الأمر سوءاً وأصبح من يخشى على حياته من الهجرة غير الشرعية يسافر إلى الإمارات، ومنها إلى تونس، ثم إلى بني غازي، ولكن هذه الرحلة تتكلف أكثر من 60 ألف جنيه ويجب دفعها مُقدماً، وأغلب المسافرين لا يملكون هذا المبلغ، لذا يختارون التهريب البري والدفع عند الوصول.

 


مواضيع متعلقة