بعد أسبوعين على مذبحة الفيوم.. ظلام ودماء وحزن في منزل الضحايا

كتب: أسماء أبو السعود

بعد أسبوعين على مذبحة الفيوم.. ظلام ودماء وحزن في منزل الضحايا

بعد أسبوعين على مذبحة الفيوم.. ظلام ودماء وحزن في منزل الضحايا

باب مغلق تتخلل أشعة الضوء الثقوب المنتشرة جرّاء الطلقات النارية.. شباك مكسور والزجاج أسفل منه بجوار الحائط.. دماء على الأرض والحوائط .. قرآن يصدح ليل نهار أملاً في إخراج أرواح القتلى من داخل المنزل بعدما أصبح يُطلق عليه الجيران «بيت العفاريت» ليتحول من منزل تضج به الحياة وتتعالى فيه ضحكات الأمهات والأطفال إلى بيت حزين مهجور يخشى الجميع دخوله.

15 يوماً مرت على مجزرة الفيوم التي راح ضحيتها سيدتين وطفل، وأُصيب خلالها سيدة وطفلين، حيث قام شاب يدعى عمرو ناصر قطب الربعاوي، 34 عاماً، بإطلاق النيران على زوجته وأسرتها، ما أسفر عن مقتل زوجته نسمة سامي 30 عاماً، وطفلها آدم 3 أعوام الذي كان يجري على والدته ليختبئ في حضنها فانفجرت رأسه جراء طلقه من سلاح والده، وشقيقتها رحمة 24 عاماً، وهي زوجة شقيق القاتل في نفس الوقت، فيما أصيب طفليه مروان 6 أعوام بطلق ناري بالفخذ وآخر بأعلى القدم من الخلف، ومي بإصابات بسيطة، وإصابة حماته بدرية رياض بشلل نصفي إثر إصابتها بطلق ناري بالظهر وآخر بالكتف.

ورغم مرور أسبوعين على الواقعة، وقيام أشقاء القتيلتين بتنظيف المنزل عدة مرات إلا أنّ آثار الدماء لا تزال على الحوائط والأرض تأبى الخروج، حيث حاولوا إزالته باستخدام الكلور ومواد التنظيف المختلفة والثلج لإزالة الدماء ولكن دون جدوى، كما أصيبت حوائط المنزل وأبوابه بالعديد من الثقوب جراء الطلقات النارية التي أطلقها سفاح الفيوم بشكل عشوائي.

وقال أبو الحارث سامي شقيق القتيليتين، أنّه يعمل في الكويت وعلم بالحادث من موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، فعاد من السفر فوراً وحينما وصل اطمأن على والدته وأبناء شقيقته، ثم دفن شقيقته الثانية وطفل شقيقته، وذهب إلى المنزل وحينما دخل إليه فوجئ ببركة دماء داخل المنزل بالإضافة إلى وجود الكثير من فوراغ الطلقات الآلية.

وأضاف «أبو الحارث» في تصريحات خاصة لـ «الوطن»، أنّه في بداية الأمر لم يتحمل مشاهدة المنظر حيث كان شديد البشاعة خصوصاً غرفة النوم حيث ملأت الدماء الأرض والسرير والدولاب، فطلب من عدد من شباب عائلته مساعدته في تنظيف المنزل، وبالفعل نظفوه وأزالوا فوارغ الطلقات وملاءات السرير والمفروشات التي كانت تحمل دماء شقيقتيه ووالدته وأبنائهما، ولكن لا تزال آثار الدماء ورائحتها باقية على الأرض والحوائط.

وأكدّ أنّهم أعادوا تنظيف المنزل عدة مرات باستخدام مواد مختلفة ولكن دون جدوى، ونصحهم أحد شيوخ قريتهم بتشغيل القرآن الكريم داخل المنزل لطرد أرواح القتلى، وبالفعل أشعلوا التليفزيون على إحدى قنوات القرآن الكريم وتركوه يعمل ليلاً نهاراً دون انقطاع، موضحاً أنّ والدته خرجت من المستشفى ولكنها تسكن في منزل جده ولم تعد لمنزلها.

وكشف أنّ الكهرباء انقطعت بالمنزل في ثاني أيام المجزرة، وفشلوا في العثور على كارت شحن عداد الكهرباء، وظل المنزل مظلماً حتى اليوم، وكأنّه حزين على مقتل من كانوا يعيشون فيها، مُبيناً أنّ سكان الشارع وأهالي قرية فيديمين بالكامل يخشون الاقتراب من المنزل قائلين أنّه بيت العفاريت، حيث قُتل بداخله 3 أشخاص خصوصاً بعد مصرع شقيقته الثانية متأثرةً بإصابتها.

وأشار إلى أنّه قام ببناء ذلك المنزل عقب سفره هو وشقيقه عدة أعوام جراء تعبهم في الغربة لتعيش والدتهم حياة كريمة بداخله، وكانت شقيقته الكبرى نسمة تعيش برفقة والدتها بعدما تركت منزل زوجها وقررت الانفصال عنه بسبب إدمانه لمادة «الشابو»، ورفضه العلاج وهروبه من المصحة، ثم حضرت شقيقته «رحمة» لتبيت معهم في ذلك اليوم بسبب تطعيم طفلها الرضيع بحقنة حتى يساعدوها في حمله.

ولفت إلى أنّه كان يتحدث إلى شقيقته «رحمة» ،قبل الجريمة بنصف ساعة وكانت تمزح معه وقامت بمحادثته عبر الفيديو كأنّها كانت تريد توديعه، ثم جعلته يرى والدته وشقيقته وأطفالهما وكانوا يلهون ويلعبون ويضحكون بصوت مرتفع، وأغلق معها بعدما اطمأن عليها، ثم أبلغوه بمقتلهم بعد دقائق قليلة.

وتابع قائلاً: «كل لما آجي عند البيت ده قلبي بيتقبض ومش قادر أنسى شكل إخواتي وعيالهم وأنا بكلمهم وبيضحكوا ومبسوطين وبعدها جيت شيلت دمهم من على الأرض، كل لما اتخيل الرعب اللي عاشوه قبل ما يموتوا وعيالهم اللي خبوهم في الدولاب بتخنق»، منوهاً إلى أنّه عرض المنزل للبيع لكن يرفض الجميع الاقتراب منه بحجة أنّ فيه عفاريت عشان الناس اللي اتقتلت جواه روحها هتفضل موجودة فيه.


مواضيع متعلقة