«أنا اللي هاقتحم».. مدير قوات أمن الفيوم قبل استشهاده: مش عايز حد يخسر حياته

كتب: أسماء أبو السعود

«أنا اللي هاقتحم».. مدير قوات أمن الفيوم قبل استشهاده: مش عايز حد يخسر حياته

«أنا اللي هاقتحم».. مدير قوات أمن الفيوم قبل استشهاده: مش عايز حد يخسر حياته

«ارجعوا أنتم ورا.. خليكم ورايا وبيني وبينكم مسافة.. أنتم لسة صغيرين مش عايز حد فيكم يخسر حياته.. أنا اللي هاقتحم.. لما أقولكم تعالوا ورايا تعالوا».. كانت تلك آخر كلمات نطقها العميد الشهيد محمد عمار زناتي مدير قوات الأمن المركزي بمحافظة الفيوم، قبل استشهادة بدقائق قليلة.

لم يكن عمر الشهيد الذي اقترب من الـ50 عامًا، حائلا بينه وبين تقدم عناصر الاقتحام، بل زاده قوةً وإقدامًا على مواجهة الموت خلال تبادل إطلاق النيار مع «سفاح الفيوم»، الذي ارتكب مجزرة، عندما فتح النيران على زوجته وأبنائه وأسرة زوجته، ما تسبب في مقتل شقيقة زوجته، وطفله، وإصابة زوجته وطفليه وحماته.

وبدأت تفاصيل واقعة اقتحام وكر المتهم، بتحديد مكان اختبائه بمنزل والده القديم، حيث انتقلت قوات من مديرية أمن الفيوم إلى محيط المنزل، وأغلقت كل المداخل والمخارج، لمنع هروب «السفاح»، كما طلبوا من المواطنين عدم الخروج من منازلهم لحين إلقاء القبض عليه.

ما أن رأى المتهم قوات الشرطة، حتى فتح عليهم النيران، وأمطرهم بوابلٍ من الرصاص، وعلى طريقة «عزت حنفي» في فيلم «الجزيرة»، ألقى المتهم أسطوانة بوتاجاز على قوات الشرطة، وأشعل بها النيران، إلا أن قوات الحماية المدنية تمكنت من إخماد الحريق سريعا.

ثم بدأت قوات الأمن المركزي، في إطلاق الغاز المُسيل للدموع داخل منزل المتهم ليتمكنوا من ضبطه، ويمنعوه من الهروب، ثم تقدّم فريق تقدّمه العميد الشهيد محمد عمار زناتي قائد قوات الأمن المركزي.

وقال هشام عويس، شاهد عيان على الواقعة لـ«الوطن»: إنّ «عمرو الربعاوي» استفز قوات الشرطة، ولم يتوقف عن إطلاق الرصاص عليهم، كما أنّه ألقى أسطوانة غاز مشتعلة عليهم ليشتت انتباههم حتى يتمكن من الهروب، إلا أنّ الشرطة لم تترك له المجال ليهرب، فأطلقوا قنابل الغاز المسيلة للدموع داخل مكان اختبائه.

وبحسب شاهد العيان، فإنّ الشهيد العميد محمد عمار زناتي تحرّك معه فريقا يضم ضابطين صغار في السن، بالإضافة إلى 13 مجندا، وحينما اقتربوا من باب المنزل أمرهم العميد الشهيد بالرجوع للخلف قليلًا، وعدم الاقتحام معه، مشددا على أنّه سيقتحم بمفرده، ثم سيطلب منهم الدخول، لكنه سيذهب أولا ليواجه «المتهم» خوفا على حياتهم، نظرا لكون المتهم يطلق النيران بشكل عشوائي، ويتسبب في مقتلهم أو إصابتهم.

وأكد أنّ الضباط والمجندين، حاولوا إقناعه بالاقتحام معه، لكنه أصر على الرفض، وبالفعل اقتحم بمفرده المنزل وسط تصاعد كثيف للغاز المسيل للدموع، وتمكن من إصابة «عمرو الربعاوي» بطلقات نارية لفظ أنفاسه الأخيرة إثرها، وحينما سمع الضباط والمجندين إطلاق النيران، دخلوا إلى المنزل بسرعة، فوجدوا العميد محمد عمار سقط أرضاً.

وأوضح «هاشم» الذي كان يقف خلف قوات الشرطة، يتابع ما يحدث، أنه فوجئ بالضباط والمجندين يحملون الشهيد العميد، ويخرجون به من المنزل وهم يبكون بسبب إصابته باختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع، وعلى الفور نقلته سيارة الإسعاف إلى المستشفى، بعد فشل محاولة إسعافه في مكان الواقعة، حيث تبين إصابة الشهيد بفشل تنفسي، وتوقف بالنبض، فجرى نقله إلى مستشفى «فيديمين» لعمل إنعاش قلبي رئوي، إلا أنّه لم يستجب وتوفى متأثرا بإصابته بفشل تنفسي.

وتابع «هشام»: مشهد اقتحام الضابط ومنعه لضباطه وجنوده من الاقتحام خوفا عليهم، كان تماما مثلما فعل الشهيد أحمد منسي مع الضباط والجنود المرافقين له، مؤكدا أنّ المجندين والضباط دخلوا في نوبة بكاء، عقب سماعهم نبأ وفاة العميد محمد عمار، لدرجة أنّ عدد منهم جلسوا على الأرض من شدة الصدمة والبكاء.

وأضاف أن الشهيد ضرب مثلاً في الشجاعة والإقدام على مواجهة المخاطر، دون تردد مع تضحيته بنفسه لحماية الضباط والمجندين الصغار.


مواضيع متعلقة