«الوطن» في متحف الحضارة بعد يوم من نقل المومياوات.. «الحفلة مستمرة» (فيديو)

كتب: عبدالله مجدي

«الوطن» في متحف الحضارة بعد يوم من نقل المومياوات.. «الحفلة مستمرة» (فيديو)

«الوطن» في متحف الحضارة بعد يوم من نقل المومياوات.. «الحفلة مستمرة» (فيديو)

مبنى شاهق عظمة معماره الخارجي تدهش الناظرين، يخبئ بين جدرانه «التاريخ ذاته»، أسواره الحديدة السمراء، تظهر بين فجواتها الأشجار العالية، بوابات تأخذك في رحلة إلى عبق التاريخ والحضارة بمجرد دخولك للمتحف، تمر عبر ثلاث بوابات لتصير في حياة أخرى وكأنما تبعث في عصر غير العصر لتعود آلاف السنين، يعود تصميمه إلى حقبة زمنية قديمة، على طراز أثري فاخر، بداية بالمسابح على جوانب كل بوابة إلى ممرات الدخول التي تحمل عواميدها أسماء ملوك صنعوا بأمجادهم تاريخ البشرية.. هنا المتحف المصري للحضارة المصرية.

عقب عبور البوابة الرئيسية للمتحف، وحجز التذكرة، تقع بوابات الأمن العديدة التي نفذت منها أكثر من واحدة لتفادي الزحام، بين كل واحدة والأخرى أحواض السباحة بمياهها الزرقاء، تجذب أنظار الزوار إليها منذ البداية، باجتيازها يجد المرء نفسه يسير في مكان فسيح تتراص على جانبيه لوحات ذات طابع فرعوني، كتب عليها أسماء الملوك، التي شهد العالم أجمع حفل موكب المومياوات الملكية، وبجانبها ذلك المدخل المؤدي للداخل، والممزوج باللونين الأسود والرصاصي، وعليه وقف الرئيس السيسي، أمس، يستقبل المومياوات القادمة من متحف التحرير.

صوت نغمات الموسيقى التي نالت إشادة الملايين في حفل أمس يتعالى في نفق زجاجي نصف دائري، ملاصق لبوابات عبور التذاكر، يحمل الزوار إلى مدخل المتحف، يبعُد أمتارا قليلة عن القطع الأثرية، والتي تعمل بأحدث الأنظمة، بمثابة وضع الزائر التذكرة على المساح الإلكتروني أو صورة الحجز الإلكتروني، تفتح البوابات تلقائيا.

قاعة فارهة، تتنوع بينها الآثار على مر العصور، ما بين الفرعونية، الرمانية، القبطية، وحتى العصر الحديث، الزائرون يتجولون بوجوه ترتسم عليها علامات الإعجاب بروعة الحضارة المصرية بمختلف عصورها، يلتقطون الصورة مع تلك القطع، يعبرون باللهجات المختلفة عن تقديرهم لها ومدي إبداع المصريين في بناء تلك الحضارة التي ما زالت تذهل العالم.

بوسط المتحف يوجد تصميم دائري جذاب يقف الزائرون أمامه ثابتين أعينهم ترمق المنظر وحواسهم تتابعه حركة صور المومياوات وهي تدور حول نفسها بشكل دائري عن كثب، يفصلهم عن ملمسها شاشة دوارة، بينما العيون والجوارح تتابع حركتها الهادئة دون أن تغمض لحظة، في أسفل التصميم الدائري تظهر المومياوات التي تعكسها الإضاءة، لتوحي للمشاهد وكأنها حقيقية أمامه.

السائح الهولندي «كارل»: حفل الموكب كان عظيما وهو ما دفعني لزيارة المتحف اليوم

في إعجاب شديد، يقف السائح الهولندي فمصر أبهرت العالم بالحدث الأسطوري معبرا عن سعادته بوجوده في المتحف، يلتقط الصور التذكارية في الداخل، فرغم أنه قدم إلى مصر قبل 3 أيام في رحلة عمل، إلا أنه بعد مشاهدته لحفل موكب المومياوات الملكية «كان في قمة التنظيم والروعة، هو ما دفعني لزيارة المتحف، رغم أنها لم تكن في حسباني»، يتجول في كافة القطع الأثرية، يدون ملاحظات عن التاريخ المصري في العصور المختلفة.

زيارة الشاب العشريني «كارل»، ساعدته في معرفة الكثير عن الحضارة المصرية، ففي المتحف شاهد العديد من الاكتشافات الأثرية التي كان سمع عنها في المواقع الإخبارية، «شاهدت أخبار عن اكتشافات أثرية لقطع فرعونية في المجالات، ولم أفكر في زيارتها، إلا أنني بعد حفل موكب المومياوات قررت الزيارة، وتفاجأت بوجودها هنا».

بزي موحد عبارة بدلة رمادية اللون رابطة عنق سوداء، وبطاقة تعريفية تحمل اسم وصورة كل منهم، يقف موظفو المتحف بين الزوار، بنبرات صوت هادئة منخفضة يوجهون من يطلب المساعدة، يشرحون حكايات القطع الأثرية للراغبين في معرفة تفاصيل أكثر عن البيانات الموضوعة أسفل كل قطع أثرية، لا يملون من التفسير للزوار أهمية الالتزام بارتداء القناع الطبي، حفاظا على الصحة العامة في ظل أزمة فيروس كورونا.

 

بين الآثار الفرعونية يقف إبراهيم محمد، البالغ من العمر 19 عاما، الذي قرر رفقة اثنين من أصدقائه المجيء إلى المتحف بعدما شاهدوا حفل موكب المومياوات الملكية، «لقينا الحفلة كانت عظيمة جدا، فقرنا إننا نيجي نتفرج على المتحف والآثار»، كما كان يرغب في مشاهدة المومياوات الملكية، إلا أن المتحف لم يسمح بعرضها حتى الآن، لكونها بحاجة إلى تأهيل بعد عملية النقل والترميم.

في المبني الأول، بعبور أحد البوابات الموجودة على الجهة اليمنى، يظهر أحد المناظر البارعة، حديقة فسيحة بها عدد من الأشجار، مصممة بحرفة معمارية، تطل على بحيرة «عين الصيرة»، بعد التطوير الشامل للمنطقة، يقف أمام العديد من الزوار، يلتقطون الصور معه، معبرين عن إعجابهم بذلك المنظر الذي لم يقل إبداع تصميمه عن الآثار المعروضة بداخل المتحف.

 

المدير التنفيذي للمتحف: مصر أبهرت العالم بالحدث الأسطوري.. واحتفالية مميزة في افتتاح المومياوات

الدكتور أحمد غنيم، المدير التنفيذي لمتحف الحضارة، يقف وسط القاعة الوحيدة المتاحة للجمهور في المعرض، يتفاعل مع الزائرين ويسعد بفرحتهم بالحضارة المصرية وتنظيم المتحف، يروي أن الافتتاح كان حدثا مشرفا، نقل صورة رائعة عن مصر للخارج، فمصر أبهرت العالم بالحدث الأسطوري الفريد حتى أصبحت كلمة موكب المومياوات الملكية الكلمة الأكثر بحثًا في مصر والعالم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وجوجل.

مدير المتحف التنفيذي، يحكي أن متحف الحضارة يعد من أكثر المتاحف المصرية تميزًا كونه من بين المتاحف القليلة جدًا التي تعرض مظاهر الحضارة المصرية المختلفة على مر العصور منذ عصر ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث، وقاعة المومياوات الملكية التي ينتظرها العالم ستفتح أبوابها في يوم 18 إبريل في احتفالية ستبهر الجميع من عظم العرض الذي ستكون فيه.

يوم أمس لم يكن يوما عاديا على مصر، العالم وقف لمدة ساعتين يتابع باهتمام روعة أداء المصريين في نقل أجدادهم، سيطرت على سكانه حالة من الذهول والهيام لما رأوه من تاريخ عريق أمام أعينهم، حضرت مصر في الموعد، نقلت الـ22 مومياء بشكل أروع مما تخيله الجميع، لتنتهي الليلة اتلتي كان عنوانها الأبرز.. «مصر تبهر العالم».


مواضيع متعلقة