المومياء.. فيلم مصري يجسد رحلة «ملوك الموكب» من الأقصر إلى القاهرة

كتب: دينا عبدالخالق

المومياء.. فيلم مصري يجسد رحلة «ملوك الموكب» من الأقصر إلى القاهرة

المومياء.. فيلم مصري يجسد رحلة «ملوك الموكب» من الأقصر إلى القاهرة

بعد تحضيرات مكثفة بدأت منذ عدة أشهر، ينتظر الجميع في مصر وخارجها، اليوم، موكب المومياوات الملكية، الذي سينطلق خلال ساعات، لنقل 22 ملكا فرعونيا من المتحف المصري القديم، إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، وسط اهتمام عالمي بالغ.

موكب نقل المومياوات الملكية 

وفي مشهد فريد من نوعه لأول مرة منذ أكثر من قرن، وعلى أنغام الموسيقى العسكرية، ستمر سيارات مصممة بطراز مصري قديم تقوده الخيول، أمام عدسات أكثر من 400 كاميرا ومراسل صحفي من مختلف دول العالم، في فاعلية تستمر لمدة ساعة ونصف يستقبلها «أوركسترا سيمفوني»، للترويج للمناطق الأثرية المصرية بالفسطاط.

وسيتم نقل 22 مومياء ملكية، منها 18 لملوك، و4 لملكات، أبرزهم مومياوات الملك رمسيس الثاني، والملك سقنن رع، والملك تحتمس الثالث، والملك سيتي الأول، والملكة  حتشبسوت، والملكة ميريت آمون زوجة الملك آمنحتب الأول، والملكة أحمس - نفرتاري زوجة الملك أحمس، الذين مرت مومياواتهم بالكثير من الأحداث.

رحلة المومياوات

تلك المومياوات لملوك الفراعنة، تم العثور عليها رسميا بعد سرقتها في 1871، بمقابر الدير البحري والملك أمنحتب، حيث عثر عليها شقيقين في الأٌصر واستمروا في بيع مكوناتها لحوالي 10 أعوام، قبل أن تتوصل إليهم الشرطة، ويتم نقلها في موكب مهيب على يد العالم المصري الشهير أحمد باشا كامل، وآخر بريطاني، إلى متحف بولاق بالقاهرة، الذي يعتبر أحد أقدم المتاحف بالبلاد، عام 1881.

وعلى غرار الموكب المنتظر، تم نقل المومياوات في حدث عالمي ضخم، حيث استقبلهم حينها بالقاهرة، الخديوي توفيق، الذي قرر إيداعهم بالمتحف المصري في ميدان التحرير.

فيلم المومياء

العثور على المومياوات ونهبها وكشفها للشرطة ومن ثم موكب نقلها، جسده فيلم «المومياء» الذي تم إنتاجه عام 1969، من تأليف وإخراج شادي عبد السلام، ولكنه لم يعرض الفيلم جماهيريا إلا في 1975، حيث حصد العديد من الجوائز الدولية والاحتفاء به في مهرجانات عالمية.

كما يعتبر الفيلم الذي تناول قضية سرقة الآثار المصرية، من أفضل 100 فيلم مصري، واحتل المرتبة الثالثة بالقائمة، وتم اختياره كأفضل فيلم عربي في استفتاء عام 2013، لذلك أشرف على عملية ترميمه المخرج الأمريكي مارتن سكورسيزين، وهي النسخة المتاحة حاليا للعرض على الإنترنت وفي جناح خاص بمكتبة الأسكندرية.

وتناول الفيلم الأحداث الحقيقية، التي وقعت عام 1871؛ من خلال قبيلة كانت تسمى «الحربات» في صعيد مصر، والمشهورة بالتنقيب عن الآثار الفرعونية ثم بيعها، حيث إنه بعد موت شيخ القبيلة يقرر أولاده التوقف عن سرقة الآثار، ولكن يتم قتل أحد الأبناء على يد عمه فيما ينجح الثاني في الهرب من أجل إبلاغ الشرطة وبعثة الآثار.

واستوحي شادي عبدالسلام الفيلم من القصة الأصلية، الخاصة بأبناء عائلة عبد الرسول الذين يتمكنوا بالصدفة من اكتشاف ما يعرف بخبيئة مومياوات الدير البحري، الخاصة بأعظم  الملوك الفراعنة، مثل أحمس الأول وسيتي الأول ورعمسيس الثاني، ويستمروا في نهبها لأعوام لحين الوقيعة بينهم، ليبلغ أحدهم الشرطة بالأمر.

والفيلم من بطولة «نادية لطفي، أحمد مرعي، عبدالعظيم عبدالحق، زوزو حمدي الحكيم، محمد نبيه، محمد مرشد، شفيق نورالدين، أحمد خليل»، وكان اسمه بالبداية هو «ليلة أن تمض السنين»، وبلغت إيراداته ٤٤٧٥ جنيها فى ٣ أسابيع عرض بسينما رمسيس بالقاهرة.

فيما وصلت تكاليف إنتاجه حوالي مبلغ ٩٠ ألف جنيه، الذي كان رقما كبيرا للغاية، حيث لم تكن تكاليف أى فيلم تتعدى ٣٠ ألف جنيه.

 

شادي عبدالسلام يكشف عقدة فيلمه 

احتل فيلم «المومياء»، مكانة بارزة بين أعمال المخرج الراحل شادي عبدالسلام، حيث سبق أن تحدث عنه خلال مشاركته مع ناهد جبر، في برنامجها الشهير السابق «سينماتك»، بصحبة المخرج صلاح أبو سيف.

ويرى عبدالسلام أن الفيلم لم يكن فرعونيا، لكنه كان يتناول اكتشاف المقبرة الفرعونية وعمليات السرقة وقتها في قالب درامي، نظرا لكونه كان متأثرا بالتراث المصري وحريص في البحث عن الأصول بأعماله.

وقال المخرج إن عقدة البطل في «المومياء»، هو كونه يبحث عن كيانه الحقيقي بين العالم الكبير، في صراع بين الماضي والحاضر.

ونفي فكرة محاربة الفيلم سياسيا، مؤكدا أن العمل الجيد يفرض نفسه، ولا تستطيع أي جهة سياسية عرقلته، لذلك حصد جائزة في مهرجان فينيسيا متفوقا على فيلم إسرائيلي، فضلا عن حصده عدة جوائز أخرى منها مهرجان تونس، الذي استقبله الجمهور بحفاوة بالغة، لنجاح الفيلم الكبير وقتها.

وذكر شادي عبدالسلام أن دراسته للعمارة والفنون التشكيلية، ساعدته في تصميم مشاهد وإخراج الفيلم، حيث كان يعمل خلال بحواسه جميعا وتفاني بالغ.

لماذا تأجل عرض الفيلم؟

وفي حوار آخر للمخرج، بمجلة الكواكب عام 1970، روي بداية فكرة الفيلم، قائلا: «كنت قد قرأت قصة اكتشاف المومياوات في الدير البحري عام 1956، وتأثرت بها بشدة، لذلك في عام 1963 خلال تواجدي في بولندا أثناء العمل في فيلم فرعون، قادني الحنين إلى مصر للتفكير في تلك القصة مجددا بعمق، وبدأت في كتابة السيناريو».

بالبداية، كتب عبدالسلام، اسم الفيلم دفنوا «مرة ثانية»، ثم «ونيس»، وبدأ فى مارس 1968، تصويره مع عبد العزيز فهمي وسمير عوف، وصلاح مرعي مهندس الديكور، الذين يعتبرهم من خيرة الشباب في السينما المصرية، على حد قوله وقتها.

وبعد الانتهاء من الفيلم الذي لعبت فيه الكاميرا دورا بالغا، قال المخرج إن المسئولين ترددوا بشأن عرضه، بحجة أنه لم يكن فيلما جماهيريا ولن يحقق إيرادات، ولكن فى عام 1974، قرر يوسف السباعي وزير الثقافة حينها، عرض الفيلم، حيث اعتبره عملا فنيا مصريا متكاملا يرتقي لمرحلة العالمية.


مواضيع متعلقة