مريم وهاني وطفليهما.. قصة حب وزواج من الكنيسة إلى ورش الخيامية والنجارة

مريم وهاني وطفليهما.. قصة حب وزواج من الكنيسة إلى ورش الخيامية والنجارة
- الصم والبكم
- ورش النجارة
- الصم
- الكنيست
- كنيسة يسوع نور العالم
- ورش الخيامية
- الصم والبكم
- ورش النجارة
- الصم
- الكنيست
- كنيسة يسوع نور العالم
- ورش الخيامية
قبل أكثر من 25 عاما، اجتمع مريم وهاني في وحدة الصم التابعة لكنيسة يسوع نور العالم بمنطقة مصر القديمة، صغار في العقد الأول من العمر يتحسس كل منهما خطواته نحو مستقبل لم تتضح ملامحه بعد، قطعا سويا طريقا طويلا في مواجهة الصمم بتدريبات عملية أجادا بعدها لغة الإشارة، وبينما كانا يقضيان ساعات طويلة من الليل يصارعان أفكارهما ومخاوفهما، كان القدر ينسج لهما خيوطًا من الفرح دون أن يدري أحدهما، اجتمعا صغارًا على طلب العلم واجتمعا كبارًا بأمر الحب.
من ورش التدريب إلى الحب والزواج
غرف متوسطة المساحة، يصدح منها صوت أدوات النجارة ومحرك ماكينات الخياطة المتراصة جنبا إلى جنب، يختلط بصوت ضوضاء الشارع ليكسر مشهد الصمت الذي كان يعهده سكان العقارات المجاورة للمكان، يتواصل الجميع بلغة الإشارة يتسامرون ويضحكون ويبدعون في حياكة منتجات الخيامية وتصميم قطع الأثاث الخشبية بعناية تليق بزبائنهم، هكذا يبدو المشهد من داخل وحدة الصم التابعة لكنيسة يسوع نور العالم بمنطقة مصر القديمة، جدران المكان شهدت مشاعر صداقة نقية جمعت «مريم مرزوق وهاني عيسى» في البداية، سرعان ما تحولت إلى مشاعر حب وطلب للزواج.
«كنا نعرف بعض من أيام الطفولة وكل واحد اتفرق في مكان واتجمعنا من تاني في إيفنت تبع الكنيسة ويومها قالي إنه بيحبني وعايز يتجوزني»، تقول مريم في حديثها لـ«الوطن» بلغة الإشارة، بينما تولت مترجمتها المرافقة لها وشقيقتها «جيهان» في ترجمة إشارات أصابعها.
مريم أجادت فن الخيامية وهاني يبدع في ورشة النجارة
فن الخيامية بكافة بجميع أنواعها وأشكالها، شغفها حبًا، أجادت تعلمه في وحدة الصم التابعة للكنيسة الكائنة بحي مصر القديمة حتى احترفتها وباتت تبدع في حياكة قطع تبهر الناظرين إليها، يدعمها زوجها «هاني» بمشاعر تتضح في عينيه جليًا، حتى وإن كان أصم لا يتحدث إليها، بحسب وصفها كما أشارت بأصابعها بعلامة الحب في لغة الإشارة.
أدواته حديدية تصدر صوتًا عاليًا، وعالمه صامت هادئ لا يسمع همسًا، تقطع خلوته إشارات مديريه في موقع العمل للفت انتباهه يتحدثون إليه بإشارات يجيد ترجمتها بسهولة متمكنًا من متابعة حركة الشفاة، هكذا يبدو«هاني» زوج «مريم» داخل ورشة النجارة التي يعمل بها في نفس الوحدة التابعة للكنيسة، سلاحه الأول قوة التركيز وقوة الإرادة وعينيه بديلًا عن أذنيه للتعامل مع زملائه في مكان العمل.
فادي وهادي طفلين من الصم
بعد سنوات قلائل من زواجهما، رُزق «مريم وهاني» بطفليهما «فادي وهادي» من الصم والبكم أيضًا، لم تجد الأم الثلاثينية أزمة في ذلك، «مزعلتش إن ولادي الاتنين من الصم بالعكس كلنا أسرة واحدة زي بعض وعارفين نتعامل ونتفاهم»، بحسب تعبيرها بلغة الإشارة.
داخل ورش تعليم الحرف بوحدة تعليم الصم، أجاد الصغيران «فادي وهادي» حرفة النجارة، كما نجح الأب في تعليمهما حرفته، جلست الأم «مريم» في تركيز شديد تنظر إلى رأس الإبرة تحاول «لضم» الخيط بها أثناء عملها في الورشة، ثم وضعتها جانبًا لتشير بأصابعها كيف بات المكان جزءًا من روحها، هنا كانت صغيرة تلعب ومراهقة تواجه الحياة حتى باتت زوجة مسؤولة عن أسرة بأكملها، «ولادي اتعلموا لغة الإشارة هنا وبيتدربوا في ورشة النجارة مع أبوهم»، لها ذكريات محفورة هنا تكاد جدران الكنيسة تنطق بها.
علاقة «مريم وهاني» لم تقتصر على كونهما زوجين فقط، بل صديقين داعمين لبعضهما في المعارض المختلفة التي يذهبا إليها لتسويق منتجاتهما من الخيامية والنجارة، بحسب وصف الزوج هاني، كما أشار بلغة الإشارة خلال لقاء «الوطن» به داخل ورشة النجارة التي يعمل بها ويتولى تدريب الشباب الجدد أيضًا.
«الطفلين هادي وفادي الكل بيشهد ليهم بالشطارة والتطوير والأب بعد ما كان متدرب بقى مدرس نجارة في الوحدة والأم كمان أصبحت مسؤولة في ورشة الخيامية»، تصف الدكتورة ماري إسحاق، مديرة وحدة تعليم الصم بالكنيسة الأسقفية، أسرة «ماري وهاني» التي نشأت من داخل تدريبات الوحدة ويشهد الجميع لهم بالحرفية والتميز.
حق الصم وضعاف السمع في الحصول على فرص عمل تناسب ظروفهم الصحية وحاجتهم إلى تلقي تدريبات تؤهلهم لسوق العمل، دفع وحدة تعليم وتدريب وتأهيل الصم التابع لجمعية الناردين للخدمات الاجتماعية بالكنيسة الأسقفية، إلى تدشين برامج تدريبية مختلفة بلغة الإشارة تتناسب مع التطور الحاصل في سوق العمل.
وبحسب وصف الدكتورة ماري، تستقبل الوحدة كافة ضعاف السمع والصم من المسلمين والأقباط، في وورش تدريب مختلفة على الخياطة والخيامية للسيدات وورش نجارة وصدف وإكسسوارات ورسم وأورجامي، تحت إشراف متخصصين لتنمية مهاراتهم وخروجهم من العزلة إلى الدمج المجتمعي.