«الوطن» في منطقة عقار جسر السويس المنهار: «هنا الموت في لحظة»

«الوطن» في منطقة عقار جسر السويس المنهار: «هنا الموت في لحظة»
- العقار المنهار
- عقار جسر السويس المنهار
- عقار جسر السويس
- منطقة جسر السويس
- أهالى منطقة جسر السويس
- العقار المنهار
- عقار جسر السويس المنهار
- عقار جسر السويس
- منطقة جسر السويس
- أهالى منطقة جسر السويس
ما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال، ربما هذا هو الحال الحقيقي للمنطقة المحيطة بعقار جسر السويس، ففجأة من دمر وخراب وبكاء عويل عادت المنطقة إلى طبيعتها كسوق تجاري يدب بالضجيج في كل مكان، وكأن شيئًًا لم يحدث.
عقب انهيار عقار منطقة جسر السويس، قرر مجلس الوزراء، بشأن تشكيل لجنة فنية تختص بمعاينة المباني، والمحلات، والورش، والمصانع، بمنطقة عمر بن الخطاب، والشوارع الجانبية لها، وشارع جمال عبدالناصر، بمنطقة جسر السويس، لالتأكد من السلامة الإنشائية للعمارات والمباني الكائنة بها وحالتها وتحديد مدى سلامتها.
انتقلت «الوطن» إلى المنطقة وتفقدت الشوارع الجانبية لها، لرصد حالة الورش والمخازن، والحديث مع أهالى المنطقة وأصحاب الورش.
فبمجرد أن تخطو بقدميك إلى الشوارع المجاورة للعقار المنهار بمنطقة جسر السويس، بشارع الثلاجة تقسيم عمر بن الخطاب، بجوار محطة مترو عمر بن الخطاب «حي السلام 1».
لن تشعر أبدا أن هذا هو المكان الذى شهد انهيار عقار منذ يومين، تحديدا صباح السبت الماضي.
الحركة هنا وهناك، أصوات العمال يملأ أرجاء المكان، المتواجدين أمام كل عقار، ينقلون البضائع من المخزن إلى الخارج والعكس، مستعينين بالعربات النصف نقل والتروسيكل.
إذ تشعر للوهلة الأولى داخل المنطقة، أنك داخل منطقة صناعية أو «سوق تجاري» كما وصفه عدد من سكان المنطقة، وليس منطقة سكنية هادئة، كما تظهر من الخارج، ويغلب على معظم المحلات الطابع السورى، إذ يملك عدد كبير من السوريين محلات مختلفة الأنشطة داخل المنطقة.
كلما تعمقت في التجول داخل الشوارع الجانبية للمنطقة، ظهر أمامك عدد كبير من المصانع الملاصقة للعمارات السكنية، والتي تتكون من دورين إلى 3 أدوار على الأقل، وتبدو عليها قدم عمرها، إذ تظهر بعضها متهالك وكأنها مهجورة من قديم الأزل.
ليس ذلك فقط، بل تجد الورش والمخازن والمحلات فى الأدوار السفلية للعقارات السكنية بالمنطقة والتى يصل ارتفاعها إلى 9 أدوار، حيث لم تخلو عمارة واحدة بالمنطقة من وجود ورشة أو مخزن داخل الأدوار السفلية لها، وذلك على حد قول عدد من أهالى المنطقة.
بالانتقال إلى موقع العقار المنهار بالمنطقة، تشعر أن الحادث قد حدث من دقائق قليلة، ركام العمارة مازال يملأ المكان، أصوات اللودر تتعالى فى المكان، عدد من السكان يقفون فى محيط العقار المنهار، يتفقدون ما جرى بين ليلة وضحاها.
وتسبب حادث انهيار العقار، فى حالة من الذعر والخوف لدى السكان المحيطين بالعقار المنهار، حيث ترك عدد من سكان العمارات المجاورة للعقار المنهار، منزلهم عقب الحادث، ليجلسوا عند أقاربهم وزويهم لفترة، لحين القدرة على العودة والعيش بالمنطقة، وذلك بحسب رواية جيران العقار المنهار.
سكان المنطقة
فرحة عارمة، انتابت عدد كبير من سكان منطقة جسر السويس، فور سماعهم عن بيان مجلس الوزراء، بشأن عمل لجان فنية، لفحص ومعاينة الورش، المخازن، المبانى والمصانع المخالفة، منعا لتكرار سيناريو العقار المنهار، لأنها ستساعدهم فى التخلص من المخازن والورش التي تشكل خطورة عليهم داخل العقار.
أما ما تبقى من العقار المنهار، وقف أحمد عبد الحميد، في أوائل الأربعينات، موظف، أحد مواليد المنطقة، وساكن بالعقار المجاور للعقار المنهار، يقول إن العقار المنهار كان عبارة عن «ثلاجة» ومنذ شهور قليلة فوجئوا بكونه عقار ضخم مكون من 10 أدوار، وصنفه الحى بكونه مخالف: «مينفعش نقول عليه عقار، لأنه مكنش يصلح يبقى عمارة دورين حتى، لأن أساسياته كانت ضعيفة».
وأضاف أن معظم العقارات داخل المنطقة، توجد بها مخزن أو ورشة، وهو ما يسبب إزعاجًا كبيرًا ومعاناة للسكان: «طول الوقت بيكونوا عاملين دوشة وحركة، الواحد ما بيعرفش يرتاح فى البيت شوية».
وأكد عبد الحميد على كون بيان مجلس الوزراء فى صالح السكان بالمنطقة، ويتمنى سرعة تنفيذه على أرض الواقع: «بعد انهيار العقار ناس كتير بتفكر إنها تسيب الشقق هنا وتسكن فى مكان تانى».
واتفق معه محسن عيد، 25 عام، أحد سكان شارع الثلاجة بالمنطقة، حيث يرى أن المنطقة تحتاج إلى رقابة أكثر، كي تتخلص من المخازن والمصانع المخالفة، التى تمثل خطورة على السكان قائلًا: «بعد انهيار العقار بقينا خايفين ليكون مصيرنا نفس مصير سكان العقار، الحي قام بدور كبير خلال الفترة الماضية، بتشميع عدد كبير من المصانع المخالفة داخل المنطقة، للحفاظ على أرواح السكان والأهالى بالمنطقة، فيه سكان كتير من المنطقة، سابوا شققهم ومشيوا من كتر الرعب اللى عاشوه بسبب العقار المنهار».
أصحاب الورش
داخل محل صغير للأقمشة، يبعد مسافة قليلة من العقار المنهار، جلس محمد عزيزى، سورى الجنسية، يبلغ من العمر 62 عاما، والذى يوجد داخل المنطقة منذ قرابة الـ 6 سنوات، يقول إن المنطقة أصبحت بمثابة «سوق تجاري» وليست منطقة صناعية، مضيفًا أن السبب فى ذلك هو استفادة ملاك العقارات من تأجير الأدوار السفلية للعقار، لعمل مصنع أو مخزن أو ورشة، وذلك لتحقيق ربح أكثر، حيث يكون إيجارها أضعاف إيجار الشقة السكنية.
وأشار عزيزي إلى أن حادث انهيار عقار الثلاجة، هو الحادث الأول من نوعه داخل المنطقة: «مفيش أى عمارة وقعت قبل كده، لكن حصل حوادث زى حرائق بسيطة مش كبيرة».
أما عن بيان مجلس الوزراء الصادر أمس، بشأن عمل لجان فنية لفحص الورش والمخازن والمبانى والمصانع المخالفة بالمنطقة، أوضح عزيزي أنه مع القرار، ولكن يجب التفرقة بين الورش المخالفة التى تهدد حياة المواطنين، وبين المحلات والورش التي لديها ترخيص وتعمل بشكل قانونى، ولا تشكل أى خطر على حياة السكان بالعقار.
فى سياق متصل، يقول محمد على، 32 عامًا، صاحب سوبر ماركت بالمنطقة، إنه لا يوجد عقار واحد بالمنطقة يخلو من وجود ورشة أو مخزن، حيث اعتاد ملاك العقارات بالمنطقة، على تأجير الدور الأرضي والأول، للعمال مشيرًا إلى أنه سمع عن حادث العقار المنهار، وسمع أيضا عن بيان مجلس الوزراء، ويرى أن القرار فى صالح السكان وأصحاب الورش والمخازن، كي لا يتعرض أحدا منهم لسيناريو العقار المنهار.
لم يختلف الوضع كثيرا، عند وحيد جعفر، 63 عامًًا، سوري الجنسية، جاء إلى مصر منذ 4 سنوات، وعمل بمجال الخياطة والأقمشة، ويسكن بأحد العقارات بالشوارع الجانبية المجاورة للعقار المنهار، الذى يرى أن هناك ورش ومخازن داخل العقارات بالمنطقة، وتمثل خطورة على حياة السكان، وفى الوقت نفسه هناك ورش ومحلات تعمل بشكل قانوني، ولا تمثل مصدر خوف أو حوادث.
وعن الحوادث التى حدثت داخل المنطقة من قبل العقار المنهار، أوضح جعفر، أن هناك حريق حدث خلال الشهور القليلة الماضية، داخل عقار، وكان السبب وراءه هو احتراق «كاتيل شاي»، داخل الدور الأول من العقار، والذى كان عبارة عن مخزن ملابس جاهزة.