«كوفيد-19».. اختفى؟!

جيهان فوزى

جيهان فوزى

كاتب صحفي

ماذا لو استفقنا ذات صباح ووجدنا أن مرض كوفيد 19 قد تبخر، تماماً مثلما ظهر فجأة؟! إنها الأمنية التى أصبحت لسان حال البشر على كوكب الأرض، هذا الكابوس المزعج الذى يصر على مواصلة المشوار رغم أنف العالم، متحدياً كل أنواع التصدى من أدوية ولقاحات ودراسات وأبحاث مهمة تحاول التوصل إلى سلاح فتاك لهزيمته، لكنها ليست أمنية، بل إن حقائق التاريخ تؤكدها بعد زوال أوبئة كثيرة مرت على كوكب الأرض وأنهكت البشرية، وبلغت ذروتها الفتاكة، وفى لحظة فارقة كتبت فصول نهايتها واختفت، أصبحت من الماضى، نتعلم منها الدروس والخبرات، مثل الطاعون والحصبة الألمانية والكوليرا والجدرى، وغيرها من الأوبئة التى ضربت استقرار العالم، ثم اختفت.

هل تعرفون مجزرة «سانت برايس»؟ تلك التى ارتكبها «إثليرد الثانى» ملك إنجلترا عندما قرر فى نوفمبر عام 1002 اتخاذ عمل حاسم، وهو إعدام كل الرجال الدنماركيين فى بلاده، فكانت الضحايا بالمئات، بعد أن جاءت جيوش الفايكنج لتقتنص رقعة تلو أخرى من الأراضى وتستوطنها تحت إمرة زعمائهم المشهورين بلحاهم المشذبة، وألقابهم الرنانة مثل سواين «ممشط اللحية»، ورغم ذلك فقد منحت هذه المجزرة علماء الآثار المعاصرين هدية غير متوقعة، حين اكتشفوا بعد أكثر من ألف عام 37 هيكلاً عظمياً فى محيط كلية «سانت جون» بأوكسفورد يُعتقد أنها تعود لبعض الضحايا، وقد حملت هذه الهياكل سراً فى طياتها! فحين حلل العلماء الحمض النووى للرفات، وجدوا أن أحد الضحايا أصيب مرتين، أصابه السيف وأصابته عدوى الجدرى قبل ذلك. ثم كانت هناك مفاجأة أخرى، ففيروس الجدرى المكتشف لم يكن المألوف فى تاريخنا الحديث -وهو الفيروس الذى أعلن على الملأ اندثاره فى السبعينات بفضل جهد حثيث لبرامج التطعيم. وكانت سلالة الجدرى المكتشفة مغايرة وغير مألوفة، وهى سلالة اختفت فى صمت قبل قرون. إذ يبدو أن الجدرى اندثر مرتين.

الآن أصبحنا نعرف كيفية ظهور الخطر الفيروسى، إذ يأتى بسبب مخالطة البشر بالحيوانات المصابة، ينتقل من خلالها الفيروس بينهما، ثم المصاب رقم «صفر»، وهو أول شخص يصاب بالمرض، ثم الحاملون للعدوى على نطاق واسع فى أنحاء العالم، ومع التقدم العلمى بدأ العلماء يهتمون بما يحدث فى نهاية دورة الفيروس، لماذا تختفى بعض الفيروسات؟ وماذا يحدث لها؟

فى زمن كورونا يسابق العلماء الزمن لكشف الحقيقة، وسط تزايد الخطر الذى يشكله هذا الفيروس البدائى متناهى الدقة، مثل فيروس سارس الذى كان آخر الفيروسات التى اختفت فى فبراير عام 2003، استمر الفيروس عامين وأصيب أكثر من 8 آلاف شخص، مات منهم 774، وكان من الممكن أن يتطور للأسوأ، لكنه فاجأ العالم واختفى!؟ سارس مثله مثل كوفيد- 19 لديه ما يؤهله للسيطرة على العالم، فهو من عائلة ما يعرف بفيروسات الحمض النووى الريبى(RNA)، ما يمكنه من التطور بسرعة والانتشار عبر رذاذ التنفس، بما يصعب تجنبه، وقد خشى العلماء من تفشى الفيروس، وإلحاقه الدمار بالبشر كما فعل الأيدز، أو جائحة الإنفلونزا الإسبانية التى قتلت خمسين مليون شخص، لكن ذلك لم يحدث واختفى الفيروس؟ وهذا يعتمد على الجهود المتطورة فى تتبع الإصابات، والخصائص المتعلقة بالفيروس نفسه.

يحدونا الأمل فى انتهاء الجائحة قريباً، وأن يحمل كوفيد-19 عوامل فنائه سواء بالتحور أو بالتطعيم.