بريد الوطن.. «الحلزونة» وذكريات الزمن الجميل

بريد الوطن.. «الحلزونة» وذكريات الزمن الجميل
الحلزونة لمن لا يعرفها هى عبارة عن أوتوبيس أخضر اللون لا يتجاوز طوله ٣ أمتار، وعرضه متر ونصف، ويسع عشرات الركاب بأغراضهم، وكان أهم وسيلة لنقل الركاب بين البندر والقرى فى حقبة الستينات من القرن الماضى، وكان يحلو لبعض أهل القرى أن يطلقوا عليه اسم «محلاهم» أيضاً.
كانت الحلزونة تخترق الطرق الترابية بين القرى، ومعظمنا استمتع فى طفولته برحلة جميلة وهو يستقل تلك الوسيلة التراثية وهى تشق طريقها بين الترع والغيطان وهو ينظر من نافذتها على الأشجار والنخيل المصفوف على جانبى الطريق!
كذلك معظمنا يتذكر كمسارى الحلزونة، ذلك الرجل الأنيق ذو البدلة الصفراء والكاب البنى الذى يظل واقفاً طوال الرحلة وهو يفتح الباب قليلاً متكئاً على ساعده بعد أن يجمع الأجرة وهى ٥ مليمات ويناول كل راكب تذكرته بأدب جمّ بعد أن يخطها بقلم الكوبيا الذى يضعه فى أذنه!
ولأن الطريق طويل ويغطيه النخيل والأشجار الكثيفة مما يحجب الرؤية ولا يستطيع بعض الركاب تمييز القرى الممتدة على جانبَى الطريق وهى متشابهة بالمداخل فيبدأ الكمسارى بالمناداة بصوت عالٍ بين الركاب والنساء اللائى يحملن المقاطف والأسبتة الخوص التى ينبعث من داخلها صياح الطيور المقيدة بأشرطة الثياب القديمة، فيعلن أسماء القرى التى يحفظها.
يوسف القاضي
مديرمدرسة ديروط الثانوية الصناعية العسكرية بنين سابقاً وحالياً بالمعاش
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com