جانب آخر لحكاية أصغر خطاط حاصل على إجازة كتابة المصحف: يتيم الأب وعائل أسرته

جانب آخر لحكاية أصغر خطاط حاصل على إجازة كتابة المصحف: يتيم الأب وعائل أسرته
لم يكن طفلا مدللا لديه رفاهية الفراغ، الذي يمكنه من تنمية موهبته في حسن الخط، كما لم تكن الظروف من حوله مهيأة ليتقن هذه الموهبة، فقد وجد نفسه يتيما منذ أن كان في الصف الرابع الابتدائي، وليس هذا فحسب، بل كان أكبر أشقائه، وبالتالي، آلت إليه مسؤولية أشقائه بعد وفاة عائل الأسرة، ليصبح هو عائلها الوحيد، رغم صغر سنه، لكنه ورغم كل ما سبق استطاع الحصول على إجازة لكتابة المصحف الشريف بخط النسخ، ليصبح أصغر خطاط لكتابة القرآن الكريم بمصر بل والعالم أجمع.
وشهدت الأيام الماضية، احتفاء أهل قنا- بل وكل مصر- بابنهم عبد الكريم مرجان، صاحب العشرون عاما، الذي ينتمي لقرية الشرقي سمهود بمحافظة قنا، وهي الحفاوة التي لم تقتصر على دائرته فقط، بعد نشر عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية قصته، ليتلقى التهانئ من عديدين، وأبرزهم ناصر الميمون، عميد خطاطين الممكلة العربية السعودية.
وعقب حصوله على الإجازة المباركة، كل ما يحلم به عبد الكريم، هو أن يستخدم براعته وإتقانه للخط العربي، والشهادة التي حصل عليها مؤخرا، في فرصة عمل جيدة توفر له ولأخواته وأسرته حياة كريمة، حسبما يقول لـ«الوطن».
غياب التقدير المادي
ويشير الشاب إلى أنه لم يتلق أي تقدير مادي لدى حصوله على شهادة الإجازة، «تقدير مادي بالطبع لا، لم أحصل على أي دعم مادي أو مساعدة مالية أو أي مرتب، بعد حصولي على تلك الشهادة من أي مؤسسة حكومية أو خاصة».
لكن في المقابل، نال الفتى الكثير من التقدير المعنوي، إذ يكيفه أن اعترف الجميع بموهبته، التي أشاد بها من قبل نقيب الخطاطين في مصر، خضير البورسعيدي، فضلا عن عميد خطاطين المملكة العربية السعودية.
تحديات البداية
وعن بدايته مع هذا المجال واتجاهه له، أشار الخطاط الشاب، إلى أن اهتمامه بهذا المجال بدأ منذ سنوات، حيث لجأ لمحرك بحث «جوجل» google، ليجيب على كل التساؤلات التي درات في ذهنه وقتها عن كيفية تعلم الخط العربي، وكيف يكتبون القرآن الكريم، وعلى ماذا يُطبع وتساؤلات أخرى كثيرة.
ويشير عبد الكريم، إلى أنه واجه الكثير من التحديات أيضا، حتى يصل إلى تلك الشهادة، وفي مقدمتها حالة الإحباط التي سيطرت عليها من ردود فعل البعض تجاه ما يحاول أن يفعله، لدرجة أن بعض الناس كانت تقول له «مين إنت عشان تكتب القرآن، وأنت صغير متنفعش ومتقدرش على المجال الكبير ده».
ولم تقف التحديات عند الإحباط الذي صدره له البعض في البداية، إذ كان التحدي الرئيسي للشاب هو صعوبة الأمر نفسه، لأنه ليس بالسهل إطلاقا كما يعتقد البعض، موضحا أنه تخطى كل تلك التحديات بالصبر والتمارين، لدرجة أنه قضى سنتين كاملتين في التدريب حتى يكتب أول صفحة من القرآن الكريم.
حلم حياته يساهم في كتابة مصحف لمصر
«بحلم أشتغل في مجمع لكتابة القرآن الكريم وطباعة المصحف الشريف مثل الشيخ عثمان طه، ومثل أي خطاط في المصحف، ويكيفيني فقط أن أعمل بهذه المهنة الشريفة»، حسبما نبه «مرجان»، معللا ذلك بأنه يرى أن في ذلك أعظم تقديرا قد يحصل عليه، مناشدا الرئيس عبد الفتاح السيسي، وشيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب، مؤكدا أنه ينتظر دعم الدولة والأزهر، ليس من الناحية المادية، ولكن بالطريقة التي تساهم في استغلال موهبته ورعايتها بالشكل السليم، معربا أنه يتمنى أن يساهم في كتابة مصحف لمصر.