أحلام بكرة أبداً مش مستحيلة: يوسف «طبيب يعالج الفقراء مجاناً».. وسلامة «ضابط ينظم المرور»
تختلف حكاياتهم، وظروف وصولهم إلى «الدار» وإقامتهم فيها، لكن تتشابه إلى حد بعيد أحلامهم وحكاياتهم التى صاغوها من سنوات حياتهم المليئة بالأحداث.. فـ«يوسف» يحلم بعلاج الفقراء بالمجان، و«سلامة» يتمنى أن يكون ضابط مرور، و«غريب» يريد أن يكون «فرّاناً» يصنع الخبز للناس.
بنظرات شاردة من عينيه الملونتين، جلس سلامة على سعيد، ابن التسع سنوات يراقب أقرانه وهم يلعبون، يشاركهم تارة ويكتفى بمتابعتهم تارة أخرى. يعانى «سلامة» من إعاقة ذهنية بسيطة يصعب ملاحظتها لمن يراه للوهلة الأولى، وتتضح آثارها عند الاقتراب منه والحديث معه، فى ثقل كلماته وحركاته.
يحمل الطفل أحلاماً تتخطى سنوات عمره التسع، ومرة يضع على كتفيه مجموعة من النجوم، وأخرى يلف حول رقبته «سماعة» تساعده فى علاج عيون «باسم»، أحد أبناء الدار. يحكى عن أحلامه قائلاً «نفسى أكون ظابط مرور عشان أنظم المرور وأقبض على الحرامية اللى بيؤذوا الناس فى الشارع أو دكتور عيون عشان أعالج عيون باسم أخويا وأى طفل مريض ومالوش حد يسأل عنه ونفسى يكون عندى عصافير كنارى وسمكة، ودول هاجيبهم إن شاء الله من مصروف العيد، ولو ماكفاش هاحوش وأبقى أخلى ماما سمر تشتريهم لى». «الظلم وغياب العدل»، كلمات كبيرة لكنها وصلت إلى مسامع الطفل الصغير الذى بات يرددها لوصف واقع يتحدث عنه، قائلاً: «أكتر حاجة بتزعلنى إن مفيش عدل وفيه ظلم فى الدار، ولما بيكون عليا تنظيف الطرقة أو ترتيب الغرفة، أخلصها، ألاقيهم بيقولوا لى اعمل السلم كمان، ده اسمه إيه؟! ساعتها باكون زعلان وباحس بالظلم، لكن باعمله لما باشوف ماما سمر (الأم البديلة لسلامة) تعبانة وبيقولوا لها تعمل حاجات كتير ومش قادرة تعمل حاجة بتصعب عليا وباسيب اللعب لو كنت بالعب وباساعدها وألم السرافيس وأعمل حاجة إخواتى معاها، وبازعل لما ماما سمر تسافر وتسيبنا لأنها طيبة ومش بتضربنا من غير سبب زى أمهات تانية، أنا باخاف منهم وباسمع كل اللى بيقولوا عليه وباقعد مؤدب عشان مفيش حد يضربنى، ولما ماما سمر ترجع ماتكونش زعلانة مننا». يقطع حديث «سلامة» صوت يوسف حمزة، صاحب الـ12 عاماً، يتبادل الطفلان الحديث عن مصير العيدية، فيقول سلامة: «بعد الحفلة هانزل أشترى بمصروف العيد حاجات حلوة لإخواتى»، ويرد «يوسف» بأنه سيحتفظ بالعيدية ومبلغ آخر كان قد ادخره من قبل لشراء «تابلت» يلعب به. وبسعادة بالغة يخطط الطفلان بأنهما بعد الانتهاء من صلاة العيد والعودة إلى الدار لتناول كعك العيد وارتداء الملابس الجديدة، سوف يتبادلان الألعاب الخاصة بهما ويستعدان لاستقبال الزيارات الوافدة إلى الدار. ويتذكر «يوسف» حياته فى الدار، قائلاً: «ماعرفش أنا هنا من إمتى، بس بيقولوا إنى مولود فى شهر 3. أول ما جيت الدار كان معايا إخوات تانيين، لكنهم سابونى وراحوا مكان تانى فى مصر الجديدة، زعلت لما عابد وأحمد ماجد مشيوا وسابونى وحسيت إنى وحدى، لكن جه إخوات جداد مكانهم وحبيتهم وفرحت لما لاقيتهم معايا فى نفس المدرسة». أحلام «يوسف» هى أن يصبح صاحب مستشفى لعلاج المرضى الفقراء مجاناً، فيما يتطلع غريب سعد غريب أو «عاشق الليمون» كما يسميه أقرانه لأن يصبح «فرّاناً»، قائلاً «نفسى أطلع فران وأعمل عيش للناس تاكله».