خوفا من سيناريو «تشاوشيسكو».. كواليس 72 ساعة قبل تنحي «مبارك»

02:07 م | الخميس 11 فبراير 2021

تمر اليوم الذكرى العاشرة لتنحى الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك، عن السلطة فى 11 فبراير عام 2011، بعد 18 يوما شهدت احتجاجات مليونية في القاهرة وعدد من المدن المصرية، تطالبه بالرحيل والتنحي عن الحكم، حيث أعلن نائبه آنذاك، اللواء الراحل عمر سليمان، عن تخلي الرئيس محمد حسني مبارك عن منصب رئيس الجمهورية، وكلف المجلس الاعلى للقوات المسلحة بادارة شئون البلاد.

وتستعرض «الوطن»، في السطور التالية كواليس التنحي، وذلك من خلال ما رواه الدكتور حسام بدراوى في كتاب «رجل العاصفة»، للمؤلف أحمد مبارك.

كواليس 72 ساعة

الدكتور حسام بدراوي، آخر أمين عام للحزب الوطنى المنحل، قال عن كواليس 72 ما قبل تنحي مبارك، خلال اجتماعه بالرئيس الراحل حسني مبارك صباح يوم 9 فبراير 2011:: «كانت الرحلة القصيرة بين مكتب اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية، إلى مكتب الرئيس مبارك، أطول رحلة قامت بها في حياتي، والتقيت مبارك، وتحدث له قائلًا: أرجو أن يتسع صدرك لما سأقوله سيادة الرئيس، وجهة نظري السياسية الآن هي أن تدعو سيادتكم لانتخابات رئاسية مبكرة، وأن تعلن تسليم السلطات كاملة لنائب الرئيس، وهو ما يجعل الناس تطمئن أن هناك فعلًا نجاح إن النظام ده فعلًا مش موجود».

ورد مبارك: كان أمامي 8 أشهر ولم اكن انتوي ترشيح نفسي، فكان رد بدراوي: «الناس لم تصدق بسبب فقدان الثقة، حضرتك لازم تطلع بوضوح وتقول إنك خرجت خارج السلطة وتطلب في إطار الدستور انتخابات رئاسية مبكرة».

وقال مبارك: «أنا خدمت بلدي طوال هذه السنين، أنت عارف انا غيرت البنية التحتية والمواصلات والخدمات، ومستعد أموت من أجل بلدي»، ورد بدراوي: «سيادة الرئيس متزعلش منى، أنا بكلم سيادتك وتشاوشيسكو أمام عينى»، حيث كان يقصد وقتها «نيكولاي تشاوشيسكو»، الرئيس الرومانى الأسبق الذى قبض عليه الثوار وزوجته، وتمت محاكمته، و إعدامه.

بعدها أعلن مبارك، أنه موافق على سرعة التعديلات الدستورية، وتم الاتصال بالدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب آنذاك، واتفق معه على الإجراءات المطلوبة للتعديلات.

وأوضح بدراوي، أن أثناء ذلك جاء أحد الموظفين في القصر الجمهوري، وقال له: «المقابلة انتهت ولابد أن ترحل»، فكتب ورقة على مكتب نائب الرئيس، وقال له: «لقد تم طردي من القصر الجمهوري»، وبعدها تلقى اتصال من جمال مبارك، وزكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق، حيث سألوه لماذا خرجت؟.

ورد بدراوي: «انكم غير جادين، وسأعقد مؤتمرًا صحفيًا وأفصح عن هذا الكلام، لأنه تم طردي من القصر»، فاستدرك زكريا عزمي: «هذا ضابط صغير وأنا سأحاسبه، الرئيس يريد مقابلتك»، فعاد حسام بدراوي مرة أخرى لمساعدة مبارك على اتخاذ الإجراء الصحيح.

الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة

وقال مبارك حينها: «هاطلع اليوم وسأقول هذا الكلام»، فكرر بدراوي عليه الكلام: «أرجوك ياريس يكون واضح في الخطاب أنك لن يتبقى كرئيس إلا الدعوة للانتخابات الرئاسية المبكرة، والدعوة للاستفتاء على تعديل الدستور، بما فيها تحديد مدة الرئاسة»، فرد مبارك :«موافق».

وأشار بدراوي، إلى أنه بمجرد أخذ الكلمة من مبارك، خرج لإعلانها في الإعلام، وتلقى اتصالا من الـ «بي بي سي»، فقل لهم بأن مبارك سيستجيب ويتنحى الليلة، وهو الخبر الذي انتشر بسرعة على لسان أرفع مسؤول سياسي في ذلك الوقت، إلا أن أنس الفقي، وزير الإعلام آنذاك، خرج ونفى الخبر.

واستكمل الدكتور حسام بدراوي: عُدت إلى منزلي وأنا في انتظار الخطاب وفوجئت باتصال من سكرتارية مبارك دون علمه، يخبرني أن هذا الأمر لن يحدث ومش هيتكلم يا دكتور، غيروا رأيه.

وتابع: في صباح يوم 10 فبراير، رأيت أن اللحظة التاريخية تجاوزت الحلول السياسية، وتجاوزت مبارك نفسه بسبب تأخيره المستمر، لافتًا أنّه بعد ساعات أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بيانه الأول بانعقاده الدائم دون وجود الرئيس، فكانت رسالة قوية للرئيس بأن الأمور أصبحت خارج سيطرته، وموافقته على قبول التنحي، إلا أن الدائرة التي تحيط به لم تكن على الدرجة نفسها من الاستيعاب، وتمت إذاعة الخطاب الذي اقترحه بدراوي، في مساء الخميس 10 فبراير.

جمعة الزحف

وأضاف آخر أمين عام للحزب الوطنى المنحل: «غضب الشعب من طريقة إلقاء الخطاب، وانفجر البركان وبدأت المسيرات في التحرك في صباح الجمعة 11 فبراير، ما يعرف بـ«جمعة الزحف»، وفي الظهر غادر مبارك القصر، دون أن يوقع أي قرار مكتوب يفيد بتخليه عن منصبه، رغم أن كلمة «تخلي» غير موجودة في الدستور، أما البيان الذي سمعه الملايين، فقد كتبه عمر سليمان وقرأه في التليفون على مبارك بعد أن وصل إلى شرم الشيخ.

وتابع: فور المكالمة، قام عمر سليمان بتسجيل البيان وأرسله إلى التليفزيون المصري، وتنحى مبارك عن مسئولية الحكم.