مصطفى الفقي يروي كواليس المشهد الذي أبكى سوزان مبارك

مصطفى الفقي يروي كواليس المشهد الذي أبكى سوزان مبارك
- سوزان مبارك
- مصطفى الفقي
- مذكرات مصطفى الفقي
- رئاسة الجمهورية
- سوزان مبارك
- مصطفى الفقي
- مذكرات مصطفى الفقي
- رئاسة الجمهورية
روى الدكتور مصطفى الفقي، المفكر السياسي، ومدير مكتبة الإسكندرية، عددا من المواقف التى جمعته بالسيدة سوزان مبارك، قرينة الرئيس الأسبق مبارك، وتفاصيل المشهد الذي دفعها للبكاء، إبان عمله في مؤسسة الرئاسة، وذلك عبر مذكراته «الرواية.. رحلة الزمان والمكان»، الصادرة مؤخرا عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة.
فيقول: «ولا زالت في رأسي بعض المواقف التي جمعتني بالسيدة سوزان مبارك، ومنها عندما تلقيت ذات يوم دعوة لاجتماع المجلس القومي للمرأة برئاستها، على أن يكون الاجتماع في منتجع السليمانية، على مسافة تزيد على خمسين كيلو مترا من بداية طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، وذهبت إلى هناك لأجد زملائي الكبار مثل الدكتور أحمد كمال أبو المجد، والدكتورة فرخندة حسن الأمين العام للمجلس، والدكتور محمود شريف الوزير الأسبق، والدكتور جابر عصفور الذي كان عضوا بالمجلس، وأمينا عاما للمجلس الأعلى للثقافة في ذلك الوقت».
وتابع الفقي أنه توافد الحاضرون إلى أن وصلت السيدة الأولى، وخلفها سيارات الحراسة وسيارة إسعاف مجهزة، التي ترافقها، كما هو الأمر بالنسبة للرئيس أيضا، وقد بدأت الأحاديث الجانبية على امتداد الحديقة الواسعة في ذلك المنتجع، الذي يملكه ضابط مهندس سابق- ويوليه اهتماما وعناية دائمين- ثم اتجهنا إلى مائدة الطعام، لتناول الغداء في حضور السيدة قرينة رئيس الجمهورية، وكنت أجلس على مسافة شخصين منها.
الفقي يتعرض للتسمم
واستطرد: «وما إن انتهينا من الطعام بدقائق قليلة، حتى وجدتني غير قادر على الوقوف أو السيطرة على جسمي تماما، وبدأت أشعر بهبوط حاد ورغبة مؤلمة في التقيؤ، وتمكنت بالكاد أن أقول للدكتور محمود شريف، أنا أموت ثم سقطت مغشيا علي، وتجمد الجميع في أماكنهم، وطلبت السيدة الأولى أن تنقلني سيارة الإسعاف المرافقة لها إلى أقرب مستشفى فورا. وهو «دار الفؤاد» ولم أكن أدري بشيء مما يحدث حولي إلا بشكل ضبابي غير واضح مع آلام حادة، وركب معي في سيارة الإسعاف الدكتور محمود شريف الوزير الأسبق، وهو جراح شهير- ومعنا الدكتورة وفية قرينة وزير الصحة آنذاك الدكتور إسماعيل سلام، وكانت عضوا بالمجلس القومي للمرأة أيضا، منوها إلى «وكان واضحا أنني تعرضت لحالة تسمم شديدة جراء الطعام الذي ترك مكشوفا لأكثر من ساعة قبل تناوله».
وتابع: «علمت فيما بعد أن أمن رئاسة الجمهورية انتقد بشدة نقلي بسيارة الإسعاف الخاصة بالسيدة الأولى، وقالوا إنها لا تتحرك إلا لها، رغم أن ذلك كان بأمرها وتساءلوا لو تعرضت هي- لا قدر الله- لمكروه، وسيارة الإسعاف غير موجودة بالموكب، فإننا سنكون أمام موقف خطير، نتيجة التصرف المتعجل بالسماح باستخدام سيارة الإسعاف المرافقة لها، حتى ولو لإنقاذ شخص آخر، ولكنه كان موقفا كريما منها لم أنسه لها أبدا».
بكاء سوزان مبارك
ويحكي «الفقي»: «وأتذكر للسيدة سوزان مبارك وهي عائدة من زيارة بعض ملاجئ الأطفال، ومعظمهم أيتام أو مجهولو النسب، وقد رأيتها للمرة الوحيدة في حياتي، والدموع في عينيها، وعندما تتتحدث عن حال الأطفال الصغار، الذين شاهدتهم في ذلك الصباح، وكيف أنهم يعيشون في حالة مزرية صحيا ونفسيا، وتفتقر إلى الأساليب التربوية السليمة.. وكانت زيارة السيدة سوزان مفاجئة لذلك المكان، فلم يتمكن القائمون عليه من وضع الرتوش، وتزييف الصورة، فرأت الحقيقة التي أبكتها إلى الحد- وهي المعروفة بالهدوء- الذي جعلها تصيح في وجه المشرفات وتقول لهن: «إنكم تدعون التدين كما أرى، فهل تقبل الأديان ما تفعلون؟ وهل هذا الإهمال وغياب الضمير أمر يرضي الله ويتفق مع شرائعه؟»
ويعقب الفقي: «إنني أسوق هذا المشهد في مذكراتي، لكي يدرك الناس مرارة الأوضاع التي يعاني منها بعض الأطفال الذين يواجهون ظروفا قاسية في الحياة، يعيشون بيننا، ونحن لا ندرك حجم معاناتهم ونوعية العذاب الذي يتعرضون له، وقد لا يجعل منهم أبدا مواطنين أسويا، وأذكره أيضا لأنقل مشاعر السيدة الأولى (سوزان نموذجا)، والدور المنوط قيامها به».