انحلال الجلد الفقاعي.. مرض نادر يحول حياة طبيب لمأساة: نفسي ألاقي علاج

كتب: شريف أسامة

انحلال الجلد الفقاعي.. مرض نادر يحول حياة طبيب لمأساة: نفسي ألاقي علاج

انحلال الجلد الفقاعي.. مرض نادر يحول حياة طبيب لمأساة: نفسي ألاقي علاج

شاب أربعيني يجلس عاجزا وحيدا في بيته، دون أن يمارس حياته الطبيعية، غير قادر على الحركة، لا يستطيع القيام بأي شيء سوى أن يغمض عينيه حتى ينام، يحتاج إلى رعاية من نوع خاص، تخدمه امرأة مقابل قوت يومها، تساعده على ممارسة حياته لمدة نصف يوم، يخشى ألا تأتي ذات مرة، ويموت وحيدا في فراشه، بعد أن توفي والداه اللذان كرسا حياتهما لخدمته.

في أحد المنازل بمدينة المنصورة، يقطن الدكتور محمد واصف، طبيب الأسنان، الذي لم يتخط الـ44 من عمره، بشهادة تفيد أنه يحمل مرضا وراثيا نادرا وغير معدي، يسمى بـ«انحلال الجلد الفقاعي»، جعل حياته تتحول لمعاناة بعد أن ولد بهذا المرض الجيني الذي يجعل طبقات الجلد غير متماسكة، وبمجرد تعرض الجلد لعوامل الحياة الطبيعية مثل حرارة الشمس والضوء والهواء، تظهر بثور بالجلد ومن ثم تتحول إلى قرح، ما ينتج عنها معاناة لصاحبها.

يحكي طبيب الأسنان، لـ«الوطن»، أنه عندما كان صغيرا، كانت والدته تقوم برعايته، حيث كانت تربط يداه بشاش طبي، حتى يتماسك جلده ليتمكن من الإمساك بالقلم، «ساعات كانت بتمسك ايدي وأنا بكتب»، مضيفا، أن والديه عانى معه كثيرا، وبالرغم من ظروفه الخاصة كان متفوقا في دراسته بفضل والديه، حتى تمكن من الدخول لكلية طب الأسنان، بجامعة المنصورة، «المرض كان عائق كبير في حياتي، لكن ربنا رزقني بوالدي ووالدتي اللي وقفوا جمبي».

الكثير من أصدقاء «واصف»، نصحوه بأن يدخل كلية نظرية بدلا من كلية طب الأسنان، لأنها كلية تتطلب الوقوف دائما والاحتكاك بالناس، لكنه لم يسمع لأحدهم، باحثا عن نظرة الفخر في أعين والديه، موضحا: «أنا دخلت الكلية علشان أحس إن تعب أمي ووالدي معايا مراحش»، وأن تلك النصائح بالابتعاد عن طب الأسنان جعلته يسعى ليكون متفوقا في الكلية، حيث كان أساتذته يشجعونه بالوقوف بجانبه، فضلا عن والديه وأصدقائه، حتى تخرج بتقدير جيد جدا، وعمل بأحد المستشفيات الحكومية.

لم يكن العمل سهلا، مثلما توقع طبيب الأسنان ولكن أصدقاءه لم يتركوه وحيدا، «الكل كان متفهم حالتي، وكانوا بيخلوني أكتب روشتات علاجية فقط»، وبعد وفاة والده في عام 2017، كانت والدته تعمل على إثبات حالته الطبية، ليتم إصدار قرار بعجزه صحيا، بالإضافة إلى عدم قدرة الأم المسنة على تحمل معاناة الابن الوحيد لها، حتى أصيبت بانهيار نفسي أدى إلى إصابتها بجلطة في المخ، مؤكدا: «أمي تعبت بسبب إن مفيش حد من إخواتها كان جمبها في عز الحاجة ليهم، وكانت بتصعب عليها نفسها لما تشوفني محتاج رعاية وهي مش قادرة تراعي نفسها».

استمرت معاناة الأم كثيرا، لكنها لم تعد تتحمل نظرا لظروفها الصحية، وفي 2020 توفيت الأم، ليبقى «واصف» وحيدا دون رعاية، غير قادرٍ على مجاراة أموره الحياتية، يتألم حين يتعرض لأي شكل من أشكال الحياة الطبيعية التي يعيشها الجميع، باحثا عن علاج أو عملا مطابقا لظروفه الصحية، بدلا من جلوسه وحيدا الذي تسبب في حالته النفسية الصعبة بجانب حالة جسده.

لم ييأس «واصف» من البحث عن علاج لهذا المرض النادر، لكنه توصل إلى أن هذا المرض ليس له علاج في مصر، موضحا: «مش عارف المرض ليع علاج في دول العالم ولا لا، نفسي ألاقي علاج علشان نفسيتي اتدمرت»، لافتا إلى أنه كان يحلم بأن يكون مذيعا بالراديو، وأنه قام باختبارات في إحدى المؤسسات الإذاعية الكبرى عبر الإنترنت، وأنه تم ترشيح المقطع الخاص بصوته ليكون ضمن إعلانات تلك القناة الإذاعية.


مواضيع متعلقة