ساحة الدعوة الإسلامية.. من التطرف والتحريض إلى تجديد الخطاب الديني

كتب:  سعيد حجازى

ساحة الدعوة الإسلامية.. من التطرف والتحريض إلى تجديد الخطاب الديني

ساحة الدعوة الإسلامية.. من التطرف والتحريض إلى تجديد الخطاب الديني

شهدت الساحة الدعوية الإسلامية، بعد أحداث 25 يناير عام 2011، خروج العديد من الأصوات التى تسببت فى تشويه الخطاب الدينى لدى جموع المصريين، فتم استبدال معانى الرحمة والرأفة والأخوة بخطاب التكفير والعنف والكراهية والقتل باسم الدين، وكان على رأس تلك الأصوات خطاب تنظيم الإخوان الإرهابى، والسلفية المدخلية، وتنظيم الجهاد، وخطاب الجماعة الإسلامية، وتنوع الخطاب السلفى ما بين المدرسة السلفية بالقاهرة بقيادة محمد عبدالمقصود، والمدرسة السلفية بالإسكندرية بقيادة ياسر برهامى ومحمد إسماعيل المقدم، والمدرسة السلفية بالمنوفية بقيادة محمد سعيد رسلان، كذلك أعلام الدعوة السلفية مثل محمد حسان وأبوإسحاق الحوينى ومحمد حسين يعقوب، والذين حوّلهم الأتباع إلى أصنام يتقربون بها إلى الله.

واتجه الخطاب الدعوى فى مصر إلى الاستقطاب، وعدم قبول اختلاف الآراء وقبول المخالف، فى ظل ضعف شديد شهدته المؤسسات الدينية الرسمية فى هذا الوقت، إلا أنه بعد ثورة 30 يونيو، وتولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الأمور فى 2014، شهد الخطاب الدينى طفرة دعوية كبيرة، مع انطلاق دعوة الرئيس السيسى لتجديد الخطاب الدينى.

وعملت المؤسسات الدينية على تنفيذ تلك المهمة الثقيلة من خلال تجديد الخطاب الدينى، واستبدال مفاهيم الكراهية والعنف بالمواطنة والمحبة، كذلك تصحيح المفاهيم التى تسببت جماعات الإرهاب فى تشويه سمعتها الطيبة كمفهوم الجهاد فى الإسلام، والتصدى لمفاهيم أخرى وضعتها الجماعات الإرهابية فى منزلة المقدسات. وشملت خطة وزارة الأوقاف فى التجديد الخطب والدروس والندوات والمحاضرات والمقالات والتأليف والترجمة والنشر، وخوض غمار التجديد، وتدشين المدارس العلمية والقرآنية ومراكز الثقافة الإسلامية، إضافة إلى برامج التدريب والتأهيل العصرية المتنوعة، مع التوسع المطرد المستمر فى القوافل الدعوية والمدارس العلمية والقرآنية وسائر الأعمال العلمية والدعوية والتثقيفية.

كذلك شملت خطة دار الإفتاء التصدى لجماعات الإرهاب من خلال نشر الفتاوى الوسطية، والرد على فتاوى جماعات الإرهاب، خاصة فيما يتعلق بالفكر المتطرف، وعلى مستوى الأزهر الشريف عملت المشيخة من خلال القطاعات المختلفة على التصدى للفكر الشاذ من خلال مرصد الأزهر لمواجهة التشدد، ومركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، وتنقيح المناهج الدراسية، كذلك الوجود فى الشارع عبر القوافل واللقاءات الجماهيرية.

«علام»: قدمنا نماذج واقعية في التجديد وخففنا ما لحق بالدين من تشويه

وقال د. شوقى علام، مفتى الديار المصرية، إن الدولة قدمت الكثير فى ملف تجديد الخطاب الدينى، واستهدفت دار الإفتاء قيادة قاطرة تجديد الخطاب الدينى فى مجال الفتوى التى تعد بمثابة رأس الحربة فى عملية التجديد، عبر تقديم النماذج الواقعية فى التجديد، وتخفيف ما لحق بالدين من عداء وتشويه تقوم به الجماعات المتطرفة، والتصدى لظاهرتى الفوضى والتطرف فى الفتوى، خاصة بعدما أصبحت الفتاوى سلاحاً تستخدمه تيارات الدم والتخريب لشرعنة ممارساتها التى تخدم بها الأجندات الخارجية الممولة والداعمة لها، ولا شك أن لدينا عدداً من القضايا المعاصرة المهمة، التى تشمل المستجدات فى مجالات مثل الاقتصاد والسياسة والاجتماع والفضاء الإلكترونى، وجميعها بحاجة إلى التجديد.

«جمعة»: دور العلماء هو البلاغ لا الهداية والحساب

وأكد د. محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن الفتوى ليست كلأ مباحاً لغير المؤهلين، والدعوة علم وفن يحتاج إلى إعداد ومهارات خاصة، الدعوة إلى الله عز وجل يجب أن تكون عن بصيرة لا عن جهل ولا هوى، مشيراً إلى أن دور العلماء هو البلاغ لا الهداية ولا الحساب، فأمرهما إلى الله وحده، وبناء الشخصية والتكوين العلمى والمهارى للأئمة، ومن الافتراء البين على دين الله عز وجل أن يسمى الإفساد فى الأرض وترويع الآمنين جهاداً فى سبيل الله.

وأوضح الوزير، فى تصريحات له، أن الدعوة إلى الله تتم من خلال الحكمة والموعظة الحسنة، مضيفاً: «نسير وفق خطة محكمة واستراتيجية واضحة مرنة ومتجددة ومتطورة وديناميكية لنشر الفكر الإسلامى الوسطى الصحيح، ومواجهة ومحاصرة الفكر المتطرف، وتحصين النشء والشباب ضد الأفكار المتطرفة، مع الأخذ بزمام القراءة المتأنية لقضايا العصر فى إطار الحفاظ على الثوابت والتجديد فى إطار المتغيرات وفق ظروف العصر ومستجداته».

من جانبها، قالت د. آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، إن الساحة الدعوية فى مصر خلال السنوات العشر الماضية شهدت مستجدات كثيرة، فوجدنا السلفية والإخوان يصدرون خطاباً تكفيرياً عدائياً ليس له علاقة بالأصول المرعية لحقائق العقيدة، ولأصول الفكر الذى يتواكب مع عصرنا، مؤكدة أن تجديد الخطاب الدينى كان الحل الوحيد للقضاء على الفساد العقلى الذى تسببت فيه جماعات الإرهاب.


مواضيع متعلقة