صلوا الظهر وماتوا.. تفاصيل وفاة 3 عمال في سقوط مصعد مصنع مخالف بالشرقية
صلوا الظهر وماتوا.. تفاصيل وفاة 3 عمال في سقوط مصعد مصنع مخالف بالشرقية
ودع 3 عمال أسرهم قبل أن يتوجهوا بخطى متسارعة إلى مقر عملهم في مصنع ملابس بقرية الفدادنة التابعة لمركز فاقوس ولم يكن أحد منهم يعلم أنه سيكون الوداع الأخير وأن عودتهم هذه المرة لن تكون لغرفة نومهم وسط أبنائهم ولكنها ستكون لمثواهم الأخير.
في الساعات الأولى من صباح يوم السبت خرج العمال الثلاثة أحمد كمال عبدالعزيز 56 عاما، مقيم بقرية البروم، وباسم سليمان الشبراوي سليمان، 39 عاما مقيم بسنيطة وعلي محمد عبدالعال أحمد 46 عاما مقيم بقرية السماعنة من منازلهم متوجهين إلى عملهم بحثا عن الرزق لتوفير احتياجات أسرهم من عرق جبينهم ولكنهم عادوا جثثا هامدة بعد سقوط مصعد بهم داخل المصنع الكائن والذي تبين في وقت لاحق أن المبني مخالف "حسب المسؤولين".
عقارب الساعة كانت تقترب من الساعة الثانية عشرة ظهرا وبينما العمال مشغولون في أداء عملهم وتشوين بعض البضاعة والمعدات داخل المصنع انبعث عبر أثير تسجيل موصل بميكرفون من داخل مسجد قريب صوت أحد المشايخ يتلو آيات من القرآن الكريم تلاه تواشيح ثم انطلق أذان الظهر ليردد العمال بألسنتهم عبارات الأذان خلف المؤذن وما إن انتهى توقفوا عن العمل لمدة 10 دقائق أدوا خلالها صلاة الظهر وعادوا لاستئناف عملهم مسرعين إلا أن القدر قد نسج خيوطه ففي أثناء وضعهم البضاعة على مصعد «ونش» سقط بهم من الطابق الرابع ما أدى لوفاتهم جميعا.
«ضهري انكسر راح سندي ورفيق عمري» بتلك الكلمات بدأت "شوكار أحمد عبدالغفار" 51 عاما زوجة " أحمد كمال عبدالعزيز" 56 عاما أحد الضحايا حديثها معنا وتابعت قائلة: " زوجي يعمل في المصنع منذ عدة سنوات في المقر الرئيسي للمصنع بمدينة فاقوس ويوم الحادث كان صاحب المصنع طب منه التوجه إلى فرع المصنع بقرية الفدادنة ". ومضت قائلة: " ياريته ما راح.. خرج منه جثة هو وزمايله".
بمجرد تلقيها خبر الحادث هرولت السيدة المكلومة تتخبط بين جدران منزلها تكاد قدميها لا تحملها ووسط صرخاتها وبكائها وخرجت للشارع وهي تتوشح بطرحة تغطي سوداء تغطي رأسها وتوجهت إلى مستشفى فاقوس المركزي وبمجرد رية زوجها منوم على سرير في استقبال المستشفى سارعت برفع غطاء من على وجهه تطلب منه أن يرد عليها أو يفتح عينيه ولكنه لم يجيبها فتتحسس دقات قلبه التي توقفت عن النبض وتتأكد أنه فارق الحياة ليرتفع صوتها بالصراخ الي كاد يصل لعنان السماء وتجلس بجواره في حالة انهيار حتى عادت به إلى المنزل مع الأهالي وشيعوه إلى مثواه الأخير بمقابر الأسرة.
وتوضح السيدة الخمسينية " زوجي كان هو المسؤول عن رعايتي وأبنائنا " فتاتين وولد طالب في الجامعة". مشيرة إلى أنه رغم كبر سنه إلا أنه لم يتوقف عن العمل يوما واحد حتى إذا مرض كان يرفض أخذ إجارة ويقول : " أتحمل أي تعب وأي شغل عشان خاطر عيالي". وتابعت: " أحنا ناس على قد حالنا وعايشين وبنحمد ربنا على القليل وعمرنا ما طعمنا في حاجة". لافتة إلى أن زوجها كان يعمل منذ السادسة صباحا وحتى الخامسة مساء براتب 1000 جنيه شهريا.
وأشارت إلى أن زوجها كان يهتم بشؤون المسجد المجاور لهم "لوجه الله" فكان دائما يقوم بتنظيف المسجد ومسحه مرددا " أنا مش أطول أبقى خادم لبيت الله .. ربنا يتقبل مني .. ويجعله عمل صالح". وأردفت: "عندما توفى هو وزملاءه توفوا بعد أدائهم صلاة الظهر ".
وقال "محمود كمال" شقيق المتوفي : "نريد من الجهات المختصة إجراء التحقيقات اللازمة ومحاسبة صاحب المصنع خاصة أنه تبين أن مبنى المصنع تم إنشائه بالمخالفة من عدة سنوات ". وتابع: " مش عاوزين دم العمال الغلابة يروح هدر".
وأضاف "عثمان محمد عبدالعال" شقيق المتوفي "علي" 46 عاما : أن شقيقه يعمل في المصنع من شهر أغسطس 2020 الماضي ولديه 3 أبناء " محمد طالب في الصف الثالث الإعدادي ومحمد تلميذ في الصف السادس الابتدائي وحنين تلميذه بالصف الثاني الابتدائي". مشيرا إلى أن شقيقه كان المسؤول عن رعاية أسرته .
وأشار محمد أبو الخير أبن خال العامل الثالث المتوفي في ذات الحادثة " باسم سليمان الشبراوي " 39 عاما أن الفقيد متزوج منذ نحو عامين وهو المسؤول عن رعاية أسرته ووالده ووالدته المسنيين وشؤون شقيقاته الأربعة . لافتا إلى أن والديه أصيبا بحالة من الانهيار بعد الحادث حزنا على وفاة فلذة كبدهم.
وطالب الأهالي وزير التضامن نيفين القباج والدكتور ممدوح غراب محافظ الشرقية بتقديم مساعدات لأسر المتوفين أو صرف معاشات لهم ضمن تكافل وكرامة أو معاشات الإعانة خاصة أن الضحايا لم يكن مؤمن عليهم وكانوا مصدر الدخل الرئيسي لأسرهم . وطالبوا بإجراء تحقيقات عدلة وناجزة خاصة في ضوء ما يتررد عن بناء المصنع بالمخالفة وكذلك إقامة المصعد بالمخالفة.
وقررت نيابة مركز فاقوس تشكيل لجنة هندسة من مجلس المدينة لفحص مكان الواقعة وبيان عما إذا كان صادر له ثمة تراخيص من عدمه وبيان عما إذا كان المصعد لنقل البضائع أم الأفراد وعما إذا كان صادر له ثمة تراخيص من عدمه وبيان عما إذا كان الوير الخاص برقع المصعد صالح للاستخدام من عدمه . كما طلبت تحريات المباحث النهائية حول الواقعة وظروفها ملابساتها.
وفي السياق نفسه عاينت لجنة هندسية من مجلس مدينة فاقوس برئاسة عبادة محمد، رئيس المجلس، مقر المصنع الملابس.
وقال رئيس المدينة لـ «الوطن»، إن المصنع مشيد من مبنيين متجاورين أحدها جرى إنشائه عام 2015 مرخص ومكون من 8 طوابق، ومبنى ملاصق له تم إنشائه منذ نحو 5 سنوات يتكون من بدروم و8 طوابق وهو المبنى الذي وقع بداخله الحادث وتبين أنه غير مرخص واتخذت الوحدة المحلية الواقع بنطاقها المصنع الإجراءات اللازمة بشأن رصد المخالفات وإتخاذ الإجراءات القانوينة في حينه، مشيرا إلى أن مالك المصنع تقدم مؤخرا بطلب للتصالح بشأن مخالفة البناء ضمن تصالحات مخالفات البناء .
وأضاف أنه تبين أن العمال كانوا يستقلون مصعد «ونش»، لرفع المعدات والمواد الخام إلا أنه سقط بهم ما أدى لوفاتهم، موضحا أنه تبين للجنة المعاينة أن مكان المصعد معد ليكون أسانسير ولكن لم يتم إقامة الأسانسير حتى الآن.
وكان مدير أمن الشرقية، اللواء إبراهيم عبد الغفار، إخطاراً بورد بلاغًا إلى مركز شرطة فاقوس، بسقوط مصعد من الطابق الرابع في مصنع ملابس بقرية الفدادنة، دائرة المركز، ما أسفر عن مصرع 3 أشخاص، وذلك إثر انقطاع «الواير»، الخاص بالمصعد. وجرى نقل جثث الضحايا إلى مستشفى فاقوس المركزي، حيث تم التحفظ عليها في مشرحة المستشفى تحت تصرف النيابة، التي صرحت بالدفن وباشرت التحقيق.