«شهيد لقمة العيش» بالفيوم.. «مصطفى» خرج للعمل نقاشا فعاد جثة محطمة

كتب: أسماء أبو السعود

«شهيد لقمة العيش» بالفيوم.. «مصطفى» خرج للعمل نقاشا فعاد جثة محطمة

«شهيد لقمة العيش» بالفيوم.. «مصطفى» خرج للعمل نقاشا فعاد جثة محطمة

نشأ في أسرة فقيرة، فوالده خادم مسجد لا يتجاوز راتبه 800 جنيه، ووالدته ربة منزل لا تعمل، وهو أكبر أشقائه الثلاثة، لم يجد مفراً من أن يعمل في سن صغيرة، ليساعد والده على نفقات ومصاريف تعليم أشقائه، فتخلى عن أحلام طفولته، وبدلاً من الإمساك بالألعاب، أمسكت يداه البريئتان بالفرشاة وجرادل الدهانات، ليعمل مساعداً لأحد النقاشين في مدينة الفيوم، قبل أن يسقط "شهيداً" للقمة العيش.

اشتهر "مصطفى" بالالتزام الديني والأخلاق العالية وسط أهالي قريته، الذين كانوا لا يرونه إلا قليلاً، فلم يكن يجلس على المقاهي مثل باقي أصدقائه، وكان دائماً من "البيت للشغل ومن الشغل للبيت"، هكذا وصفه "محمد قرني"، أحد جيرانه، قائلاً إنّ أسرتهم تحت خط الفقر بكثير، وحمل والده ثقيل، حيث إنّه أب لـ4 أبناء في مراحل مختلفة من التعليم، وبما أنّ "مصطفى" هو الابن الأكبر، كان "لازم يشيل مع أبوه".

وأضاف "قرني" في تصريحات لـ"الوطن" أنّ "مصطفى" كان متفوقاً في الدراسة، ولكنه رفض الالتحاق بالثانوية العامة، حتى لا يكون عبئاً على والده في المصاريف والدروس الخصوصية، كما أنّه سيضطر للتوقف عن العمل من أجل الدراسة، فالتحق بمدرسة هوارة الثانوية الصناعية المتقدمة نظام الخمس سنوات، ليحصل على مؤهل فوق متوسط.

وأشار إلى أنّ والده كان يروي لهم أنّه عندما يعود من عمله، كان يُعطيه اليومية كاملةً، ولا يأخذ منها شيئاً، إلا عندما يكون عنده دراسة بالمدرسة، كان يأخذ القليل، وعندما يطلب منه والده أخذ بعض الأموال لنفسه كان يرفض، قائلاً: "انت محتاجهم أكتر مني، أنا مش محتاج حاجة، ادي اخواتي فلوس الدروس، وهاتوا اللي ناقصكم في البيت".

وأوضح أنّ "مصطفى" كان "ابن موت"، والبلدة كاملةً كانت تحسد والديه على أدبه وأخلاقه والتزامه، ورغم عدم ذهابه إلى مدرسته كثيراً، إلا أنّه كان يحظى بحب واحترام المدرسين، بسبب احترامه وحُسن تعامله مع الجميع، ولذلك قامت إدارة المدرسة بنعيه حزناً على وفاته.

ولفت إلى أنّه في يوم الواقعة، خرج "مصطفى" مبكراً ليعمل في النقاشة بإحدى الشقق السكنية في برج جديد بمنطقة "باغوص"، بعدما أدى صلاة الفجر، وفي مساء نفس اليوم، فوجئ والده باتصال هاتفي يُخبره بمصرع نجله، إثر سقوطه من الأسانسير، وطلبوا منه الذهاب إلى مشرحة مستشفى الفيوم العام، مؤكدًا أنّ والده لم يكن يصدق، قائلًا إنّ والده كان يردد في جنازته عبارة "ضهري اتكسر بموتك يا مصطفى".

ولقي "مصطفى محمود إبراهيم"، 19 سنة، مصرعه إثر سقوطه من الدور العاشر بأحد العقارات السكنية ف منطقة "باغوص"، بنطاق قسم ثاني الفيوم، بعدما انتهى من عمله كنقاش في إحدى الشقق السكنية، وعندما همّ بالنزول في الأسانسير، كان نظام الأمان مُعطلاً، وانفتح الباب في عدم وجود الكابينة، ومد "مصطفى" قدمه ليستقل المصعد، فسقط من الطابق العاشر، ولقي مصرعه في الحال.


مواضيع متعلقة