رواية أخرى لوباء كورونا على لسان «الترابية»: رعب الوداع يملأ القبور

كتب: فادية إيهاب

رواية أخرى لوباء كورونا على لسان «الترابية»: رعب الوداع يملأ القبور

رواية أخرى لوباء كورونا على لسان «الترابية»: رعب الوداع يملأ القبور

سكون يملأ أرجاء المكان النابع منه رائحة الموت، حالة اعتاد عليها كل من «فاضل» و«نور» و«محمود»، لكن الأمر تبدل معهم بمجرد انتشار أصوات العويل المشيرة إلى اقتراب المشاركة بوداع شخص جديد إلى دار الحق، كون مهنتهم هي «دفن الموتى» بالقبور.

ورغم مرور سنوات عدة لهؤلاء الأشخاص الثلاثة في دفن المئات، إلا أن فترة انتشار فيروس كورونا المستجد كان لها تأثير كبير سواء على مستوى العدد الذي وصل أن يدفن أحدهم 17 شخصا باليوم الواحد، أو مواجهتهم للرعب والخوف من قبل الأهالي الرافضين الاقتراب من ضحاياهم الراحلين جراء المرض القاتل.

«خوف الوداع الأخير».. «تٌرابية» يتحدثون عن «رعب» دفن ضحايا كورونا

«بعض الأهالي بترفض تدفن الجثامين».. بتلك الكلمات بدأ الشيخ محمود الأزهري، التُربي الثلاثيني والعامل بمقابر منطقة 6 أكتوبر، حديثه لافتا لـ«الوطن» أن الأمر اختلف كثيرا بعدما انتشر الوباء القاتل خاصة تكرار وتزايد طلب العديد أشخاص لدفن ذويهم خوفا من نقل العدوى.

ولطبيعة عمله المرتبطة بتكريم الموتى في لحظاتهم الأخيرة في دار الدنيا يتسلح «الأزهري» بالقناع الطبي والقفازات، فضلا عن تطهير المكان من أجل دفن مرضى كورونا، متابعا: «بنضطر نعمل ده في الآخر كلنا هنموت»، متابعا أن حالات الموتى التي يواجهها في يومه تزداد بشكل غير طبيعي حتى أنه في يوم واحد دفن حوالي 17 جثمان بمفرده مما أثر علي حالته النفسية لكنه تذكر وقتها أن الجميع في نهاية المطاف مكانهم الأخير هو دار الحق، وفقا لقوله.

ومن مقابر أكتوبر، إلى البساتين، كانت هناك مواقف مشابهة يعايشها «تُربي» آخر يدعى نور إبراهيم، والذي أكد لـ«الوطن» مواجهته طوال الوقت للعديد ممن يخشون دفن ذويهم لانتقال العدوى، متابعا: «بندفن إحنا والعمر واحد والرب واحد كلنا في الآخر هنكون في التراب».

وبمنطقة مقابر البساتين، روى حمادة فاضل، أحد التُرابية البالغ من العمر 60 عاما، أنه يلقى العديد من الاتصالات من بعض الأهالي الذين يطلبون من يقوم بإجراءات الدفن خوفا من كورونا، متابعا: «لكن فيه ناس شجاعة بتنزل وبتودع أهلها بنفسها».

ولازالت مخاوف المواطنين من كورونا ودفن الموتى مستمرة على الرغم من تصريحات الصحة العالمية السابقة، والتي تفيد أن أجساد الموتى لا تنقل عدوى «كوفيد 19» بوجه عام، وعليه نصحت جميع العاملين الصحيين وموظفي المشرحة والقائمين على عملية الدفن، والمسؤولين عن التعامل المباشر مع الجثامين باتخاذ التدابير اللازمة قبل الدفن.

وأكدت الصحة العالمية، في تصريحاتها الصادرة بشهر إبريل الماضي، أنه يجب على العاملين الذين يقومون بمهام تغسيل الموتى وتمشيط الشعر وتقليم الأظافر والحلاقة، ارتداء معدات الوقاية الشخصية المناسبة، مثل القفازات والعباءات وحيدة الاستعمال المانعة للماء والكمامات الطبية وواقيات العينين، وفقاً للاحتياطات القياسية. ‏‫


مواضيع متعلقة