البحيرة «كوم النص»: غسل الموتى من مياه الترعة

البحيرة «كوم النص»: غسل الموتى من مياه الترعة
«أوشكت قريتنا على الهلاك، الأمراض تحاصرنا من كل جانب، بعد أن لجأنا لمياه الترع والمصارف للشرب والاستحمام وطهى الطعام، لانقطاع المياه منذ أكثر من 3 أشهر»، بهذه الكلمات بدأ أهالى قرية «كوم النص»، التابعة للوحدة المحلية لبولين بمركز كفر الدوار، كلامهم مع «الوطن»، التى انتقلت إلى القرية المنكوبة التى تبعد أكثر من 17 كيلو عن مدينة كفر الدوار، ويبلغ عدد سكانها نحو 15 ألف نسمة.
وأمام مصدر المياه الوحيد الموجود بالقرية، وهو ترعة رى الأراضى الزراعية، التى يستخدمها الأهالى لطهى الطعام والاستحمام وأحياناً الشرب فى الضرورة القصوى، أشاروا إلى رحلة المعاناة التى يبدأونها مع ظهور أول خيوط الشمس، حيث يذهبون إلى قرى مركز أبوحمص، الذى يبعد عنهم أكثر من 10 كيلومترات، ليحصلوا على المياه مقابل 3 جنيهات للجركن الـ10 لتر، بالإضافة إلى أجرة السيارة التى تبلغ 50 جنيهاً، وقال بعضهم: «إنه رغم هذا يصعب أحياناً الحصول على المياه بسبب انقطاعها فى ساعات الذروة، ما يضطرنا إلى الانتظار لفترة المساء لملء الجراكن وإحضار الماء». يقول جمعة أبوصفية، مدير بالتربية والتعليم: «نعانى من انقطاع المياه منذ 3 أشهر، ذهبنا خلالها لجميع المسئولين، حتى وصلنا إلى رئيس مجلس إدارة مياه الشرب بالبحيرة، وأمام المهندس خالد حسين عرضنا أزمتنا، وأخبرنا أنها بصدد الحل فى ساعات معدودة، إلا أن جميع الوعود التى حصلنا عليها ذهبت أدراج الرياح، ولم نجد شيئاً تحقق منها».
واستكمل «أبوصفية»: «عجزت مواتير رفع المياه بالقرية عن جلب مياه الشرب، التى يضطر الأهالى لتشغيلها بالساعات دون جدوى، وبدأت الأزمة تتفاقم مع ارتفاع حرارة الجو، حيث يسافر المواطنون إلى قرى مركز أبوحمص للحصول على مياه الشرب، بعد أن أصبح الحصول على نقطة المياه شيئاً مستحيلاً، وباتت تجارة المياه بتلك القرى هى الرائجة حيث وصل سعر الجركن إلى 3 جنيهات، بالإضافة إلى 50 جنيهاً أجرة السيارة التى تنقلها». وأضاف: «تلجأ السيدات إلى مياه الترع والمصارف لطهى الطعام وتخزين مياه الاستحمام، حيث أصبحت مياه الترع هى الشريان الرئيسى، على الرغم من تلوثها واختلاطها بمياه الصرف الصحى، إلا أن المواطنين بالقرية لا يجدون لها بديلاً». والتقط سلامة خميس أبوجبل، أحد أهالى القرية، أطراف الحديث قائلاً: «دخلت المياه إلى قرية كوم النص عام 91، ومنذ ذلك الحين لم تأت أى ميزانية لعمل صيانة أو إحلال وتجديد لشبكات المياه التى تضخها الشركة داخل المواسير الأسبستوس الأسمنتية القابلة للترسيب، والممنوعة دولياً لتسببها فى الأمراض، وأخطرنا المسئولين بشركة المياه بمنطقة الحرير الصناعى بهذا الأمر، وطالبناهم بتغيير المواسير وعمل صيانة ووعدونا طوال هذه السنوات ولم يتم تنفيذ شىء، وتسبب هذا الأمر فى انتشار الأمراض بين أهالى القرية، ومنها الفشل الكلوى وأمراض الكبد». وقال سعد محمود سعد، أحد الأهالى: «أصبحت الوحدة الصحية بكوم النص خارج نطاق الخدمة، بسبب انعدام المياه داخلها، واضطر الأطباء هناك إلى التنبيه على الأهالى بجلب جركن مياه نظيفة مع كل مريض يريد الكشف». وأضاف: «إن الأزمة الكبرى نجدها عند وجود حالة وفاة بالقرية، حيث يضطر الأهالى محدودو الدخل إلى جلب مياه المصارف والترع لتغسيل الموتى، فيما يذهب القادرون مادياً إلى شراء مياه معدنية لتغسيل موتاهم بها». من جانبه، صرح اللواء فتحى عبدالغنى، رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر الدوار، لـ«الوطن»، بأنه جارٍ التنسيق مع القيادات بمحافظة البحيرة، لبحث تلك الأزمة والعمل على حلها بسرعة.
الأخبار المتعلقة:
مصر العطشانة
الأقصر «المريس»: الحق فى المياه لمدة ساعتين فقط
القليوبية «عزبة عبدالمقصود»: ربنا موجود
المنيا.. من «دير البرشا» و«زهرة» إلى «البرجاية» و«دماريس»: «العطش» سيد الموقف
مطروح «الشولحى»: الأمطار من عندك يا رب
الدقهلية «كفر عبدالمؤمن»: حياة بالكامل من الترع والمصارف
كفر الشيخ «صندلا»: مظاهرة بـ«الجراكن الفارغة» فى وجه «لبيب»
قنا «الكويت»: بناها كويتى بعد السيول ثم عاشت فى «عطش» مستمر