دماء على عتبات الكنوز.. «الزهوري» لغز القرابين البشرية بمقابر الفراعنة

كتب: محمد بركات

دماء على عتبات الكنوز.. «الزهوري» لغز القرابين البشرية بمقابر الفراعنة

دماء على عتبات الكنوز.. «الزهوري» لغز القرابين البشرية بمقابر الفراعنة

يتزايد التكالب على التنقيب عن الآثار والوصول للكنوز يومًا تلو الآخر، ومع تلك الرغبة المحمومة في الثراء السريع يلجأ المنقبون لطرق شيطانية، منها استخدام القرابين البشرية خاصة فئة من الأطفال يطلق عليهم السحرة «الطفل الزهري أو الزهوري»، الذي يشترط السحرة العثور عليهم وذبحهم كـ قرابين لفك الطلاسم الموجودة على المقابر واستخراج الكنوز من داخلها، وهو ما تسبب في مقتل عشرات الأطفال، أملا في العثور على الكنوز.

وهو ما كشفته التحقيقات في تلك القضايا والتي كان آخرها ضبط فيلا في أكتوبر أمس الأول «مخزنًا للآثار المستخرجة بتلك الطريقة».

التفاصيل الكاملة لتلك الطرق وثقتها «الوطن» من منقبين عن الآثار، ومصادر أمنية.. وفيما يلي التفاصيل:

في ليلة صافية، معتدلة، من شهر أبريل عام 2017، وبينما كانت نسمات الهواء الطرية تداعب الأشجار المورقة بأنفاس فصل الربيع، نظر فلاح من قرية أبو ساعد في الجيزة الى السماء، وهو يقطع خطواته الرتيبة، وسط الظلمة الحالكة، يرنو بين الحين والآخر لتشكيلات النجوم في السماء، بدا كأنه يترقب شيء ما.

الطقس الغامض: رحلة أخيرة في درب أبوساعد

كان الرجل القروي، ذو الوجه المنحوت وملامح جامدة، يغلق عينيه بين الحين والآخر على نظرات غامضة، كأنه يستر بئرًا من الأسرار في جوفه، كانت طفلته «عبير» تخطو إلى جواره، أخرستها غرابة المشهد، وصرامة الأب، تنظر إلى والدها مرعوبة.

توقف الرجل وحدق في عينيها ثم ابتسم، وأمسك بكفيها ونظر فيهما، ثم تحسس بأنامله الكفين، قبل أن يشير لشقيقه الذى أسرع ناحيته وكأن الأرض انشقت عنه، ربت الفلاح على كتف ابنته ثم ضمها إليه، «حضن أخير» أغرق فيه بكاء الطفلة الصامت صدر والده بالدموع.

أمسك العم بالطفلة، ثم خنقها الأب، حتى فاضت روحها بذهول بين أحضانه، قبل أن يحملها ويجرى إلى منزله، يقف أمام حفرة في إحدى الغرف، قفز بداخلها، وقف مصدومًا، لم يظهر الكنز، كان الرجل قد قدم لتوه طفلته عبير قربانا للجن لفتح مقبرة كان ينقب عنها في منزله، لكن الكنز لما يظهر، قال في التحقيقات إنه ربما غاص في قعر الأرض.. «الجن غاضب».

أبناء الجن.. أطفال بصفات سفلية

ما سبق نقلا عن سجلات موثقة لواحدة من جرائم القتل التى راحت ضحيتها طفلة فى قرية أبو ساعد التابعة لمركز الصف بمحافظة الجيزة، مررت الجريمة مرور الكرام، ضحية جديدة تذهب فى جريمة قتل تبدو متكررة، لكن الأمر لم يكن عاديا، بل مرعبا ودمويا.. ما حدث كان طقسا سحريا مروعا.

ما حدث في تلك الليلة بقرية أبو ساعد، لم يكن اعتباطا، لا التوقيت ولا المكان ولا طريقة القتل، ولا حتى الضحية، لم يكن الغرض قتل أي طفلة أو طفل، ولا القربان كان المقصود به تقديم دم دافئ لأى قربان بشري.. جرى الأمر بعناية، كانت تلك الليلة هى ليلة مختارة لاصطفاف عدد من الأجرام السماوية، وكانت الساعة هي ساعة تمام توافق الاصطفاف، وكانت الطفلة، حسب اعتقاد الأب ومن أشار عليه من المشعوذين بقتلها، واحدة من جنس نادر في بني البشر، يقولون إن نسبتهم 1 في كل مليون.. إنهم الأطفال الزهريين أو السلاسة الزهورية.

الأطفال الزهريون.. سلاسة وسيطة بين الجن والبشر

أصل الطفل الزهوري أو الزهري هو الجن،  وفق عبد اللطيف السماحي، المعالج الروحاني الذى قال لــ«الوطن»، إنه حسب معتقدات السحرة والخرافات المتداولة بينهم فإن الطفل الزهري أو الزهوري، هو ابن من أبناء الجن، تبدأ عملية اختياره بشكل غامض لحظة الولادة حيث يقولون إنه يتم استبدال أحد أبناء الجن بأحد أبناء البشر.

يرى «عبد اللطيف» أن ذلك الأمر مجرد خرافة، لكنها راسخة في أصول السحر والشعوذة وباب كبير من أبواب فتح المقابر الأثرية والوصول للكنوز وإرضاء الجن، فهم يروجون إلى أن هؤلاء الأطفال كائنات غير عادية ترى أحيانًا أشياء لا يراها البشر، كما أنه لا يتأثر بالسحر أو الطلاسم أو ما شابه، فهم سلالة وسيطة بين الجن والبشر.

لسان مشقوق وبريق غامض ورضوخ الجان

يشرح «عبد اللطيف» مواصفات هؤلاء الأطفال حسب معتقدات المشعوذين خاصة سحرة شمال إفريقيا بأنهم أطفال يولدون بخط متصل يقطع راحة يده بشكل عرضي، وقد تكون له علامة أخرى على مستوى لسانه بحيث يكون مفلوقا أي يقطع صفحة لسانه خط بشكل طولي، ويضيف البعض أن شكل عينيه يختلف تماما عن باقي الأعين الأدمية، حيث تتميز ببريق خاص، كما يمكن أن يتميز باختلاف بينهما وهذا الاختلاف عبارة عن تمزق غير واضح في منتهى الجفن.

وعن فائدته للسحرة أوضح «عبد اللطيف»، يروج السحرة ويشيعون بين الناس أن الزهري مفتاح الكنوز المختبئة تحت باطن الأرض، لأنه مرتبط بالجن فهو لا يخاف من الجن، حتى وإن اقترب من الكنز الذي يحرسه لهذا الغرض يلجأ «المشعوذون» للاستعانة به لكشف الكنوز ونقلها مباشرة بعد ما تظهر معالمها، حيث ينزل الزهوري إلى المغارات والكهوف لحمل المحتويات الكنوز من نقود وذهب وفضة وجواهر وما إلى ذلك.

وأضاف، «لأنه لو نزل ساحر لهذا الغرض لتعرض لعقوبات شديدة قد تكلفه حياته أو نفيه إلى مكان بعيد، وتصل الأمور فى بعض الأحيان إلى قتل هؤلاء الأطفال كقربان، في حالات الكنوز المستعصية، مؤكدًا أن هذه الأمور تشيع في البلدان التي ينتشر فيها السحر، لصرف الناس عن أصل الجريمة العظيمة، وهي تقرب الساحر إلى الجن بذبح بعض الأطفال.

فتنة الطفلة عبير.. جنون الثروة المحصنة

لم تكن الطفل عبير وحدها هي من دفعت ثمن ندرة صفاتها كما هو متوهم حسب تأكيد مصدر أمني، الذى قال إن سجلات الأجهزة الأمنية وثقت عدة جرائم تنتمى لتلك النوعية من الجرائم المرتبطة بالخرافة، موضحًا أنه سبق القبض على عصابة مكونة من 3 أشخاص للتنقيب عن الآثار بدائرة مركز دار السلام.

وبالفحص تبين وجود حفرة تنتهي بسرداب يؤدي إلى مقبرة فرعونية، كما عثر داخل الحفرة على جثة طفلة تبلغ من العمر 9 سنوات عليها آثار ذبح، ودلت التحريات أنها ابنة أحد أفراد التشكيل العصابي المقبوض عليه بتهمة التنقيب والحفر.

وأكدت تحريات المباحث قيام المتهم بقتل نجلته، بعد أن أشار عليه أحد المشعوذين بذلك كي يقدمها قربانا للجن لفتح المقبرة الأثرية.

حليمة.. 7 سنوات من البراءة على عتبات الكنز

يصل الأمر أحيانا الى الخطف، حسب المصدر الذي قال إن الأجهزة الأمنية مؤخرًا نجحت في كشف لغز العثور على جثة الطفلة «حليمة موسى» 7 سنوات، مذبوحة في إحدى الزراعات بقرية أبو مناع غرب، التابعة لمركز دشنا شمال قنا.

وأشار، إلى ان تلك الطفلة كانت مختفية وبعد إجراء التحريات تمكنت الأجهزة الأمنية من إلقاء القبض على المتهم «أحمد.م» 51 عاما، مزارع، لاتهامه باختطاف الطفلة وذبحها، وإلقاء جثتها في زراعات القرية.

وأفاد التحريات أن الطفلة اختطفت ليلًا أثناء لهوها مع أطفال الجيران أمام منزلها، وتمكن المتهم من تكميم أنفاسها حتى لا تتعالى صرخاتها وينكشف أمره، وأنه اختطفها لمنطقة زراعية مهجورة، ومن ثم إلى المنطقة الجبلية التي تقع بها المقبرة الأثرية وقام بذبحها، ومن ثم ألقى جثتها في إحدى المناطق الزراعية.

بدعة جديدة قادمة من شمال إفريقيا

«بدعة جديدة نشرها سحرة شمال إفريقيا وبدأت تتزايد في مصر»، بهذه الكلمات تحدث مفتش بمنطقة آثار شمال الصعيد، مشيرًا إلى أن الأمر بدأ في الظهور بمصر للتنقيب عن الآثار، بعد اتجاه المنقبين للاستعانة بسحرة ومشعوذين من شمال إفريقيا وتحديدًا من المغرب، حيث أقنعوهم بالعثور على هؤلاء الأطفال كضرورة للوصول إلى الكنوز والمقابر المستعصية.

وأوضح أن الطفل الزهوري مجرد خرافة وعملية نصب مكتملة الأركان، وتأتي في سياق لجوء المنقبين الى السحر الأسود، كـ حل أخير لاستخلاص الكنوز واستخراج المومياوات من أعماق المقابر المحصنة حسب اعتقادهم بتعاويذ سحرية.

ووجّه مفتش الآثار رسالة لمن يسعى لذلك بقوله إنها مجرد عمليات نصب وخرافات لا تؤدي إلى أي شيء، موضحًا أنه لم يظهر أي أثر لتلك الطريقة، والنتيجة هم ضحايا جدد لعمليات التنقيب غير المشروع عن الآثار.


مواضيع متعلقة