مفتي الجمهورية عن وصفات كورونا: التجرؤ في العلم فساد يخالف الشرع

كتب: سعيد حجازي

مفتي الجمهورية عن وصفات كورونا: التجرؤ في العلم فساد يخالف الشرع

مفتي الجمهورية عن وصفات كورونا: التجرؤ في العلم فساد يخالف الشرع

شهدت الأشهر الماضية خروج العديد من الوصفات لمواجهة فيروس كورونا، عبر الأعشاب الطبيعية أو عبر بعض الأدوية التي لم تعتمدها منظمة الصحة العالمية، في ظل مخاوف من توحش الموجة الثانية لفيروس كورونا وعودة ارتفاع نسب الإصابات، وكان آخرها نبات السقط الهندي، والحديث عن مدى فعاليته في مواجهة الفيروس، وهو ما نفاه الأطباء.

وواجه الشرع الحنيف نشر الوصفات الطبية لفيروس كورونا بواسطة غير المتخصصين، حيث حذر من هذا الأمر، مؤكدا أنه يخالف الشرع، في ظل ما تعانيه معظم بلاد العالم من فيروس كورونا المستجد، حيث يعمد غير المختصين على نشر وصفات للوقاية من هذا الفيروس، دون التثبت من جدواها الطبي؛ وهو ما يعتبر مخالفة شرعية.

الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، أكد أن القاعدة الشرعية التي وضعها الإسلام للتثبت من الأمور هي "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، وأهل التخصص يكونوا علي حسب الاختصاص الذي يتحدث عنه الإسلام، والمراد بأهل الذكر في تلك الواقعة، هم أهل التخصص والعلم والخبرة من الأطباء. 

وحذر نبي الإسلام، من الاستعانة بغير المتخصصين في كل مجال، ففي مجال الطب حذر الإسلام من التطبب لدى غير الطبيب، وحذر من تصدر أي شخص لمعالجة الناس من غير أهلية لذلك، فقال النبي الكريم صل الله عليه وآله وسلم، "من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك؛ فهو ضامن".

التجرؤ في العلم فساد يخالف الشرع

ومعنى التطبب، بحسب تصريحات مفتي الجمهورية، هو الإقدام على ممارسة الطب مع الجهل بهذه الممارسة؛ ولفظة "تطبب" تدل على تكلف الشيء والدخول فيه بعسر وكلفة، وأنه ليس من أهله.

وقال الإمام الخطابي، في تفسيره لذلك، إن المتعاطي علما أو عملا لا يعرفه متعدٍ، فإذا تولد من فعله التلف ضمن "الدية"، وسقط عنه "القود"؛ لأنه لا يستبد بذلك دون إذن المريض، بمعني أن التكلم بغير علم في العلوم الطبية لا تقل خطورته عن التدخل بغير علم في العلوم الدينية، حيث إن التجرؤ في علوم الدين بغير علم يؤول إلى فساد في الاعتقاد والدين.

وأكد مفتي الديار المصرية، أن التجرؤ في العلوم الطبية ونشر وصفات من غير المتخصصين، يهدد كل ما يتعلق بأمن الإنسان وحياته، سواء كان ذلك في مجال الطب أو الصيدلة، فقد يؤول إلى فساد في الأنفس، ويعرض حياة الإنسان إلى الخطر، وهو ما يخالف الشريعة الإسلامية.

وأوضح "علام" أن المقاصد الشرعية العليا أهمها حفظ النفس، وهي الضروريات المقاصدية الخمس التي قام على أساسها الشرع الشريف؛ فكان حفظها أصلا قطعيا، وكلية عامة في الدين.

وتابع، بأن وصف غير المختصين لمهنة الطب الأدوية للمرضى أو تقديم النصح لهم؛ هو من باب التكلم بغير علم؛ وقد نهى الله تعالى عن أن يتحدث الإنسان فيما لا يعلم، فقال تعالى "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا".

المفاسد أكبر من المصالح 

وقال الإمام الشافعي، "فالواجب على العالمين أن لا يقولوا إلا من حيث علموا، وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه؛ لكان الإمساك أولى به، وأقرب من السلامة له إن شاء الله". وقال الإمام ابن حزم، "لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها، وهم من غير أهلها فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون".

وشدد المفتي على أن مفاسد نشر الوصفات من غير المختصين أكبر من المصالح المزعومة، ولا يشفع في ذلك حسن القصد؛ لأن فيه عبثا بحياة الناس يؤدي إلى الإضرار بصحتهم وأبدانهم، وهذا نوع من الفساد في الأرض يتنافي مع حرص الإسلام الشديد على حماية الحياة الإنسانية وصيانتها وتحريم الاعتداء عليها. 

واختتم المفتي فتواه، بأن التطيب من عند غير الطبيب ودون التثبت من جدوي الوصفات أمر مذموم، وأن حكم الإسلام في ناشر هذه الوصفات الطبية بانه يدخل في حيز الخطر، ولا يشفع له حسن القصد؛ فالعبث بحياة الناس والإضرار بصحتهم وأبدانهم نوع من الفساد في الأرض يتنافى مع حرص الإسلام الشديد على حماية الحياة الإنسانية وصيانتها وتحريم الاعتداء عليها، ووصف الدواء للمريض هو من اختصاص الطبيب المعالج، ولا يجوز لغير الطبيب التجرؤ على وصف دواء لمريض.


مواضيع متعلقة