هكذا يتخفى الإخوان في أوروبا تحت ستار المنظمات

هكذا يتخفى الإخوان في أوروبا تحت ستار المنظمات
- الاخوان في أوروبا
- المنظمات الاخوانية
- أوروبا
- الاخوان
- الإرهاب
- التطرف
- الاخوان في أوروبا
- المنظمات الاخوانية
- أوروبا
- الاخوان
- الإرهاب
- التطرف
لم يكن "اتحاد المنظمات الإسلامية" في فرنسا الذي طالب مجموعة من المثقفين المسلمين في فرنسا، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بحظره مؤخرا باعتباره يمثل فرعا لتنظيم الإخوان هناك وأداة لترويج فكرهم المتطرف الذي كان المنبع الذي نهلت منه كل التنظيمات الإرهابية، هو المنظمة الإخوانية الوحيدة بأوروبا، فثمة عشرات بل ومئات من المنظمات الأخرى التي أسسها التنظيم والتي تعمل على خدمة أهدافه بهذه المنطقة المهمة من العالم.
وأكدت دراسة، صدرت اليوم، للمرصد المصري التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، بعنوان "شبكات الكُمون.. البنية التحتية التنظيمية للإخوان في بريطانيا"، أن جماعة الإخوان طالما نظرت لأوروبا في العقود التي تلت تأسيسها عام 1928، على أنها الحديقة الخلفية لأنشطة الجماعة وهياكل التنظيم الدولي، حيث مثلت أوروبا بالنسبة لها مركز التقنية والمال ومنصة ترسيم شبكات علاقات نافذة مع أدوات القرار السياسي الغربي.
ووفرت أوروبا بأجندة حرياتها وانفتاحها، وخاصة خلال الحرب العالمية الثانية؛ المناخ المناسب للجماعة لتثبيت أصول ثقافية وأدبية واجتماعية، وأحيانًا سياسية.
مركز مهم في استراتيجية الجماعة للتغلغل
وأوضح الباحث محمد حسن، الذي أعد الدراسة، أن كل هذا دفع إلى أن تحتل أوروبا مركزًا مهمًا في استراتيجية الجماعة للتغلغل والانتشار، لاسيما مع انتهاج الجماعة سياسة تتسم ظاهريًا بالاعتدال وممارسة نهج “التقية”، وهو ما حول أوروبا لما يشبه مركز قيادة متقدم لتنظيم الإخوان من خلال شبكة معقدة من المنظمات والمكاتب الإسلامية والمراكز البحثية، بيد أن هذه الشبكة تجذرت في البيروقراطية الأوروبية، ما ساهم في إنجاز قطاعات تنظيم الإخوان في أوروبا لمهام قيادة فروع التنظيم، وتحركاتها على الأرض، وخاصة عندما أصيبت مراكز القيادة الإخوانية بالانهيار والشلل الكبيرين إبان ثورة الثلاثين من يونيو في مصر.
وأشار الباحث إلى أن جماعة الإخوان توجهت لأوروبا عبر جيلين؛ الأول كان إبان فترة التحرر العربي من قبضة الاستعمار في ستينيات القرن الماضي، حيث توجهت قطاعات كبيرة من الإخوان للعواصم الأوروبية حينما اصطدمت مع المشاريع القومية والوطنية الصاعدة، وشهد عقد الستينات تأسيس أول اتحاد طلابي للإخوان المسلمين في أوروبا، واتسمت هذه الحقبة بالسعي الأول لتأسيس بنية تحتية تنظيمية للجماعة قائمة على الطلاب المهاجرين واللاجئين.
أما الجيل الثاني، فانطلق نحو أوروبا مطلع تسعينات القرن الماضي، وحصد ثمار ما حققه الجيل الأول، من خلال التوسع الأفقي في أوروبا وذلك في إطار توظيف التنظيم الدولي للإخوان للموجات الجديدة للهجرات العربية الإسلامية للقارة بالتوازي مع بدء بروز الجيل الثاني من مسلمي أوروبا في تلك الحقبة.
2000 مركز ومنظمة واتحاد
وأكدت الدراسة على أنه تم في هذا الاطار انشاء اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا كواجهة أمامية للتنظيم الدولي للإخوان وكمظلة تضم كل الجمعيات الإخوانية والإسلامية المحسوبة على تيار الإخوان في أوروبا والذي يبلغ عددها أكثر من 500 منظمة بدول الاتحاد الأوروبي وخارجها، بالإضافة إلى الكيانات غير الرسمية التي تعمل في إطاره.
وبدأت أوروبا، بحسب الدراسة، تشهد تصاعدًا في تأسيس المراكز والمنظمات والمكاتب الإسلامية التي وصلت حتى اللحظة لقرابة 2000 نقطة (مركز – منظمة – اتحاد)، في سائر القارة، واللافت أن استراتيجية الجماعة ركزت بشكل رئيسي على الوجود في ثلاثة بلدان (ألمانيا – فرنسا – بريطانيا).وأشار الباحث إلى أنه على الرغم من التشابه في ديناميكيات تحرك فروع الجماعة في البلدان الثلاثة، إلا أن طبيعة العلاقة بين الجماعة وبريطانيا عبر محطات العقود الست الماضية، اتسمت بالكثير من الخصوصية والتمايز، التي تعود إلى أسباب من بينها أن جماعة الاخوان تأسست في مصر وقت الاحتلال البريطاني لها، وحصول الجماعة على تمويل رسمي من الاحتلال ثم توظيف بريطانيا للإخوان لإجهاض مشروع عبد الناصر.
الاختراق والتطويع والتأسيس أداوت الجماعة للسيطرة
وأشار الباحث إلى أنه بالاختراق، والتطويع، والتأسيس، سيطرت جماعة الإخوان على الغالبية الساحقة من النشاط الإسلاموي في بريطانيا، عن طريق السيطرة على مئات المراكز والمنظمات الإسلامية، التي تتعامل مع شرائح واسعة من مسلمي بريطانيا، والتي يمكن تقسيمها إلى شقين أحدهما نمطي، ويشمل عددا من المنظمات منها:"ائتلاف الخير"، هي منظمة دولية يترأسها يوسف القرضاوي وأمينها العام ومؤسسها هو عصام مصطفى رئيس “أنتربال”، ويضم “ائتلاف الخير” 52 مؤسسة تعمل في أمريكا وأوروبا من أجل جمع الأموال للقيام بأنشطة جهادية، وقد تأسست المنظمة بعد خطاب شهير في بريطانيا قال فيه القرضاوي أن على المسلمين أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم ضد غير المسلمين في الغرب، وفى 12 نوفمبر 2008، قامت الخزانة العامة في الولايات المتحدة الأمريكية بتصنيفها كمنظمة إرهابية على خلفية تورطها في تمويل ودعم أعمال العنف في الشرق الأوسط.
وإلى جانب إئتلاف الخير تأتي الرابطة الإسلامية في بريطانيا، وهي منظمة حقوقية تأسست عام 1997 في سياق مزاعم تشجيع المسلمين في بريطانيا على المشاركة في العمل السياسي، ونظرًا لكونها من أوائل المنظمات في هذا المجال انضم لها أعداد كبيرة من المسلمين جعلت منها المنظمة الأقوى بين المنظمات الإخوانية هناك، وتعرف المنظمة نفسها على أنها منظمة سنية تتبع فكر ومنهج جماعة الإخوان، ويترأسها حاليًا عمر الحمدون، وهو إخواني من أصل عراقي.
ومن المنظمات الإخوانية في أوروبا أيضا، وفقا للدراسة، يأتي المجلس الإسلامي في بريطانيا، وهي أكبر منظمة دعم سياسي تعمل باسم المسلمين في بريطانيا، تأسست عام 1997 على يد قيادات جماعة الإخوان المسلمين وبمساعدة شبكة المودودي الباكستانية، وهي منظمة ظل ترعى تحتها أكثر من 500 مؤسسة إسلامية منتشرة في جميع أنحاء بريطانيا، وفي عام 2009 قررت بريطانيا وضعها تحت الرقابة على خلفية دعمها لعمليات العنف المسلح.
وهناك كذلك "منظمة الإغاثة الإسلامية حول العالم"، وهي واحدة من أقدم المؤسسات الإسلامية في العالم، حيث تأسست في بريطانيا كمنظمة دولية عام 1984 على يد الإخواني المصري هاني البنا، وتولى عصام حداد القيادي الإخواني المصري المعروف رئاستها بعد ذلك من عام 1992، إلى حين تولى الإخوان المسلمين الحكم في مصر في 2012 وتم تعيينه كمستشار علاقات خارجية لمحمد مرسي، فترك إدارتها لكل من “ناصر هاغاميد” و”طاهر سالي” و”أحمد كاظم الراوي” الإخواني من أصل عراقي، وقد جمعت المنظمة منذ ذلك الحين ملايين الدولارات من أفراد وحكومات أوروبية، تم الكشف مؤخرًا عن أنها كانت تستغل تلك الأموال في دعم أنشطة إرهابية في منطقة الشرق الأوسط وأفغانستان وباكستان.
وفي هذا السياق أيضا يأتي "اتحاد المنظمات الطلابية الإسلامية"، وهو منظمة شبابية في بريطانيا تستهدف استقطاب الطلاب المسلمين في الجامعات الإنجليزية، وتضم بداخلها أكثر من 40 منظمة فرعية وأسرة طلابية، تأسست عام 1962 على غرار منظمة “جمعية الطلاب المسلمين” في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي نفس الحقبة الزمنية تقريبًا ككيان يستطيع الإخوان العمل من خلاله مع الشباب وتجنيدهم للانضمام للجماعة في بريطانيا، وكذلك هناك "معهد الفكر السياسي الإسلامي"، وهو مركز بحثي مستقل أسسه عزام التميمي عام 2002 وعمل مديرًا له حتى عام 2008، قبل أن ينتقل للعمل كرئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير لقناة الحوار التي تبث من لندن باللغة الإنجليزية.
وفيما يتعلق بما وصفه الباحث بالشق غير النمطي من المنظمات الاخوانية، فقد أشار إلى أنه إطار للمؤسسات مواكب لمنظومة العولمة وثورة الاتصالات، ويشمل قناة الحوار، ومؤسسة قرطبة للحوار العربي الأوروبي، ومركز الإمارات لحقوق الانسان، ومؤسسة ميدل ايست آي الإعلامية، والتلفزيون العربي.
وفي مواجهة هذا التغلغل والانتشار للمنظمات الاخوانية داخل بريطانيا، فقد أشارت الدراسة إلى أن رئيس الوزراء البريطاني السابق، ديفيد كاميرون، سبق وحذر في أعقاب تحقيق مفصل للغاية، أمر بإجرائه عام 2014، عن المنظمات الإخوانية في بريطانيا ونشاطاتها، في رسالة بعث بها إلى النواب، من أنّ أيّة صلة بالإخوان يمكن اعتبارها “علامة تطرّف محتمل”، وقد كتب: “بعض فروع جماعة الإخوان لها علاقة غامضة بالتطرف العنيف”،وذهب إلى أبعد من ذلك، بالقول: إنّه “يجب أن يُنظر إلى أيّ عضو في جماعة الإخوان المسلمين، أو ينتسب إليها، أو يتأثر بها، كإشارة للتطرف”.
وتتوسع الدكتورة عقيلة الدبيشي، أستاذ الفلسلة ورئيس المركز الفرنسي للدراسات، في رصد المنظمات الاخوانية على مستوى أوروبا كلها وليس في بريطانيا فقط، مشيرة إلى: "الجماعة الإسلامية في ألمانيا (GID) التي تأسست عام 1958، والتي تعتبر الفرع الألماني للإخوان في أوروبا الذي أسسه سعيد رمضان عام 1958، وكان يرأسها الألماني المصري الأصل إبراهيم الزيات، بالإضافة إلى الجمعية الثقافية “ملتقى سكسونيا” في ألمانيا.
وبالإضافة إلى ما سبق، وفقا للدكتور عقيلة، تأتي رابطة مسلمي بلجيكا (LMB) والتي تعتبر القناة التاريخية للحركة في بلجيكا، فهي مُمثلة جماعة الإخوان المسلمين هناك، وأسَّست الرابطة عام 1997، وتملك الهيئة عشرة مساجد ومقرات بعدة مدن منها بروكسل وأن ير وغراند و ييه، ويديرها كريم شملال من مدينة أن ير، وهو من أصل مغربي يعمل طبيبا في مجال علم الأحياء.
وهناك كذلك، رابطة المجتمع المسلم في هولندا التي أسسها في لاهاي يحيى بوياف المغربي الأصل عام 1996، وتضم الرابطة عدة منظمات منها على وجه الخصوص مؤسسة اليوروب تراست نيديرلاند (ETN) والمعهد الهولندي للعلوم الإنسانية والإغاثة الإسلامية.
وتؤكد الدكتورة عقيلة أن الرابطة الإسلامية في بريطانيا (MAB) هي مُمثلة جماعة الإخوان هناك، وقد أنشأها كمال الهلباوي عام 1997، والذي ظل لوقت طويل ممثلا للإخوان في أوروبا، قبل أن ينشق عن الجماعة، ثم تولى إدارة الرابطة الإسلامية في بريطانيا أنس التكريتي العراقي الأصل وأستاذ الترجمة بجامعة ليدز، وذلك حتى عام 2005، وقد تولى تنظيم الإخوان إدارة مسجد فينسبيري بارك تحت رعاية الحكومة البريطانية. وفي بريطانيا أيضا هناك منتدى الشباب المسلم في أوروبا وهو شبكة تتألف من 42 منظمة تجمع الشباب من أكثر من 26 بلدًا، كما له صلات وعلاقات مع البرلمان الأوروبي.
وفي إيطاليا، ياتي اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية في إيطاليا (UCOII) الذي يعتبر الممثل الرسمي للإخوان هناك، وقد تأسس عام 1990، ويديره محمد نور داشان السوري الأصل، ويضم الاتحاد ما يقرب من مئة وثلاثين جمعية، ويتحكم في ثمانين بالمائة تقريبا من المساجد في إيطاليا، كما يمتلك الاتحاد فرعا ثقافيّا وفرعا نسائيّا وآخر شبابيّا.
أربع أسباب تعزز دعوات الحظر
وأوضحت الدكتور عقيلة إلى أن الغرب يستند في دعوات حظر جماعة الإخوان المسلمين إلى حجج أربع: الأولى أن جماعة الإخوان هي المصدر الرئيسي للأيديولوجية المتطرفة المستخدمة من قبل الجماعات الإرهابية، والثانية أن كثيرون من كبار قادة تنظيم القاعدة، لا سيما أيمن الظواهري، ثم بعض قادة تنظيم داعش في مدينة الرقة السورية هم من الأعضاء السابقين في جماعة الإخوان، وثالثا أن تاريخ الجماعة يتضمن أعمال العنف والإرهاب، بما في ذلك حوادث الاغتيالات السياسية، ورابعا هو هدف تنظيم الإخوان إلى خلق كيان اجتماعي مواز داخل المجتمع الأوروبي، وهي المحاولات والمساعي التي باتت تشكل تحديا طويل الأمد بالنسبة لمسألة التماسك الاجتماعي في أوروبا.
وكانت الرسالة التي وجهها مثقفون وسياسيون وناشطون مدنيون فرنسيا للرئيس الفنرسي ماكرون ورئيس الوزراء ووزير الداخلية، قد ذكرت أن "محاربة الإسلاموية هي محاربة الشبكات الإرهابية، لكنها أيضا محاربة الإيديولوجية التي تغذيهم، ثم أضافت الرسالة "نحن نعلم أن هذه الإيديولوجيا تضم حركة الإخوان".