أزمة إثيوبيا تثقل كاهل السودان: 40 ألف لاجئ في أسبوعين

كتب:  وكالات

أزمة إثيوبيا تثقل كاهل السودان: 40 ألف لاجئ في أسبوعين

أزمة إثيوبيا تثقل كاهل السودان: 40 ألف لاجئ في أسبوعين

كشف مصدر في منظمة إنسانية تابعة للأمم المتحدة في شرق السودان، عن تقديرات جديدة لأعداد اللاجئين الإثيوبيين الذين فروا من إقليم تيجراي الإثيوبي، منذ اندلاع القتال بين القوات الحكومية وانفصاليي ميليشيا "جبهة تحرير تيجراي".

وتشير التقديرات إلى دخول نحو 40 ألف لاجئ إثيوبي إلى السودان، معظمهم من النساء والأطفال.

وقال المصدر لـ"سكاي نيوز عربية"، إن الوضع الإنساني في شرق السودان، مرشح للمزيد من الانفجار في ظل التدفق المستمر على مدار الساعة من مناطق القتال.

وأوضح المصدر أن "معسكر القرية 8"، في منطقة "ودالحليو" القريبة من مدينة القضارف، والذي يبعد بنحو 25 كيلومترا عن مناطق القتال، يشهد تدفقات هائلة ويأوي حاليا نحو 14 ألف لاجئ.

في غضون ذلك، يستعد برنامج الغذاء العالمي لفتح جسر إغاثة جوي لتقديم المساعدات للاجئين الموزعين في نحو 4 معسكرات في شرق السودان.

غياب بوادر الوصول لحل

وفيما يتحمل السودان، عبء التدفق المستمر للفارين من القتال المحتدم في الإقليم لأكثر من أسبوعين، لم تظهر أي بوادر للوصول إلى حل، وسط مخاوف من أن يؤثر ذلك على الأوضاع الأمنية والاقتصادية الهشة في شرق السودان وكافة مناطق المثلث الحدودي المشترك بين السودان وإثيوبيا وإريتريا، التي تحدثت تقارير عن سقوط 3 صواريخ على عاصمتها أسمرة.

وظلت المنطقة المتاخمة للحدود السودانية الشرقية، حيث تنشط ميليشيات "جبهة تحرير تيجراي"، هاجسا أمنيا وسياسيا كبيرا للسودان، منذ ما يزيد عن 6 عقود، وهذا الأمر انعكس على العلاقة بين السودان وإثيوبيا طيلة الفترة الماضية.

وخلال الأشهر الماضية، امتد الصراع إلى داخل الأراضي السودانية حيث ظلت منطقة "الفشقة" السودانية، تشهد عددا من الحوادث الأمنية التي راح ضحيتها جنود ومدنيون سودانيين.

وفي حين تقول إثيوبيا، إن تلك الأحداث تجري بمعزل عن الجيش الإثيوبي، وتلقي باللوم في ذلك على الميليشيات المعارضة للحكومة، إلا أن الحكومة السودانية، أكدت مرارا حقها في تأمين حدودها من أي اختراقات قد تشكل تهديدا أمنيا حقيقيا على شرق البلاد.

الصراع يهدد بقطع طريق الميناء الرئيسي في بورتسودان

وإضافة إلى المخاوف المتعلقة بتدفق اللاجئين ودخول الأسلحة وإنعاش أنشطة الجريمة العابرة للحدود، فإن الصراع الجاري حاليا في إقليم تيجراي الإثيوبي، يمكن أن يهدد بقطع الطريق الرابط بالميناء الرئيسي والحيوي في مدينة بورتسودان.

ويوفر الميناء الإمدادات الغذائية والنفطية، فيما يبعد الطريق بأقل من 30 كيلومترا من بعض النقاط التي يدور فيها القتال داخل مثلث الموت على الحدود السودانية الإثيوبية الإريترية.

واندلع القتال في إقليم تيجراي، بعد توتر دام أسابيع عدة بسبب خلافات بشأن الانتخابات المحلية، واتهام الحكومة الإثيوبية لمقاتلي تيجراي، بمهاجمة قواعد للقوات الحكومية في المنطقة.

ويشكل التيجراي أقلية في إثيوبيا الواقعة بالقرن الأفريقي، حيث يبلغ عددهم نحو 7 ملايين من مجمل السكان الذين يصل تعدادهم إلى 110 ملايين نسمة، لكنهم كانوا يسيطرون على السلطة منذ عام 1991، عندما أطاحت الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية بنظام منجستو هايلي ماريام، وهو عسكري ماركسي حكم البلاد بقبضة حديدية لنحو 17 عاما.

وبعد تسلم آبي أحمد، السلطة في عام 2018، أبدى التيجراي رفضهم، وقالوا إنهم يشعرون بالاضطهاد، إذ خضع الكثير من المسؤولين السابقين المنتمين لهم للمحاكمة منذ تولي آبي، السلطة.

وخلال الأشهر الأخيرة، تعرضت حكومة آبي أحمد، لضغوط كبيرة من القوميين التيجراي الأشد حماسا لانفصال الإقليم.

وتزايدت النزعة الانفصالية بشكل أكبر، في سبتمبر الماضي، بعد أن تحدت ميليشيات "جبهة تحرير شعب تيجراي" قرار حكومة آبي أحمد، القاضي بتأجيل انتخابات محلية لاختيار حكومة جديدة للإقليم، بعدما كانت مقررة في أغسطس الماضي، بسبب جائحة كورونا.

وأجريت الانتخابات بالفعل، في العاشر من سبتمبر الماضي، وهو ما اعتبرته الحكومة المركزية في أديس أبابا، عملا غير شرعيا يشكل تهديدا للوحدة الوطنية.

لكن إثيوبيا، كانت تعاني أصلا من انقسامات عرقية وأزمات اقتصادية كبيرة عندما تسلم آبي أحمد، السلطة قبل نحو عامين، ففي 2017، أجبر أكثر من مليون إثيوبي على النزوح لأسباب تتعلق بصراعات عرقية وأخرى ترتبط بموجات جفاف ونقص كبير في الغذاء والخدمات في بعض المناطق.

لكن آبي أحمد، واجه اختبارا كبيرا، عندما سقط قرابة 240 قتيلا في أعمال العنف والاحتجاجات التي اندلعت في إثيوبيا، في يوليو الماضي، عندما اندلعت اشتباكات عرقية على خلفية مقتل المغني الشعبي هاشالو هونديسا، الذي يعتبره الكثير من أفراد إثنية الأورومو، التي ينتمي إليها آبي أحمد، صوتا لمعاناتهم من التهميش.

واندلعت تلك الاحتجاجات في العاصمة أديس آبابا، وفي منطقة أوروميا المحيطة، التي تتحدر منها أكبر قومية في البلاد لطالما شعرت بأنها مهمشة ومضطهدة في البلد المتعدد الأعراق.

لكن الكثير من المراقبين يعتبرون أن الأزمة الحالية في إقليم تيجراي، ربما تشكل اختبارا أكبر بالنسبة لـ آبي أحمد، نظرا لتعقيداتها المحلية والإقليمية، خصوصا من ناحية تداخلاتها في العلاقة بين الجارتين السودان وإريتريا.


مواضيع متعلقة