في ذكرى تجليسه.. الوجه الآخر للبابا تواضروس: أحب فيروز وكره كرة القدم

كتب: مصطفى رحومة:

في ذكرى تجليسه.. الوجه الآخر للبابا تواضروس: أحب فيروز وكره كرة القدم

في ذكرى تجليسه.. الوجه الآخر للبابا تواضروس: أحب فيروز وكره كرة القدم

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الأربعاء، بالذكرى الثامنة لتجليس البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، على الكرسي البابوي في 18 نوفمبر 2012.

والبابا تواضروس ولد في المنصورة، 4 نوفمبر 1952، باسم "وجيه صبحي باقي سليمان"، لوالد يعمل مهندس مساحة، وأم ربة منزل تدعى "سامية"، وتربى في كنفهم "وجيه" قبل أن يرزقا "صبحي وسامية" بعده بثلاث سنوات بابنتهم "هدى"، لتنتقل الأسرة مرة أخرى إلى سوهاج التي ظلت بها لمدة 3 سنوات، والتحق هناك "وجيه" بمدرسة "عبدالله وهبي الإبتدائية"، قبل أن تعرف الأسرة الرحيل للمرة الثالثة وتلك المرة انتهى المطاف بهم في "دمنهور"، وهناك رزقت الأسرة بابنتهم الآخرى "إيمان" التي تصغر "وجيه" بـ12 عامًا.

التحق "وجيه" بمدرسة "الأقباط الخيرية الابتدائية" بشارع المحبة الذي أصبح عرابي الآن، وكانت شقيقتا البابا كيرلس السادس البطريرك الـ116 للكنيسة، تعملان في نفس المدرسة، الأولى "شفيقة" ناظرة المدرسة، والثانية "عزيزة" مدرسة بنفس المدرسة، وجمعت الصداقة بين والدته "سامية وشفيقة" وكانا يذهبان سويا في تلك الفترة إبان ظهور السيدة العذراء للسهر سويا لمشاهدة الظهورات وزيارة البابا كيرلس.

توفى والده وهو في الصف الثالث الإعدادي 

وقبل يومين من نكسة 1967، فاضت روح الوالد "صبحي باقي" إلى بارئها بعد رحلة مع مرض "قرحة المعدة"، ولم يكن لأسرة المرحوم "صبحي" من أقارب في دمنهور حيث توفي، فعائلته في القاهرة تعيش، وعائلة زوجته "سامية" في براري بلقاس موطنهم، إلا أن الأطفال الصغار فضلوا أن يعيشوا في "دمنهور" حيث أصدقائهم، وكان "وجيه" وقتها في نهاية المرحلة الثالثة الإعدادية يستعد للذهاب إلى الثانوية العامة، إذ توفي والده في أول أيام امتحانات الإعدادية.

كان "وجيه" متفوقًا دراسيًا وطفلًا شقيًا كما تقول شقيقته "هدى"، وتمنى الصبي منذ صغره أن يكون صيدلانيًا تأثرًا بمرض والده الذي كان يعاني من آلامه ويرى كيف يؤثر دواء الصيدلي في أوجاعه.

عاش "وجيه" مع أسرة والدته أكثر من أسرة والده التي كانت تعيش في القاهرة وكانت مقتصرة على ارسال الخطابات للاطمئنان على أحواله وأحوال أخوته من جده "باقي سليمان" خلال الفترة من 1967، وحتى وفاته عام 1980، بينما كان يذهب إلى أسرة والدته في فترة الصيف ليختلط بجده "نسيم إسطفانيوس" وجدته "جميانة عزيز" في منطقة براري بلقاس.

أما شقيقتا "وجيه"، الأولى "هدى" المهندسة في شركة كهرباء غرب الدلتا، وتعيش في منطقة سموحة بالإسكندرية، كانت متزوجه من الدكتور "مجدي إسكندر" الذي توفي بعد زواجهما بشهرين قبل أن تكتشف "هدى" أنها حامل في ولد هو المهندس "ميناس مجدي" الذي كان الحفيد الأول في أسرة "وجيه"، وهذا الحفيد متزوج حاليًا من الدكتورة "يوستينا رأفت".

أما شقيقته الثانية "إيمان" فقد توفيت في سن صغير من عمرها وكانت متزوجة من المهندس "مدحت صبحي" ولديها ابن هو المهندس "يوسف مدحت" وابنه هي "مريم مدحت".

كانت حياة "وجيه" مرتبطة بين البيت والمدرسة وبعدها الجامعة والكنيسة، قبل أن يتخرج من كلية الصيدلة بجامعة الإسكندرية في 1975 بتقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف، ليلتحق بالعمل كصيدلي تابع لمؤسسات وزارة الصحة، حتى كانت آخر وظيفة له قبل الرهبنة مديرًا لمصنع أدوية تابع للوزارة في دمنهور.

ورغم عمله لم ينقطع "وجيه" عن الدراسة والتعليم إذ التحق بالكلية الإكليركية وحصل على شهادتها عام 1983، بالتوازي مع حصوله على زمالة هيئة الصحة العالمية في إنجلترا سنة 1985، وتحضير دراسات عُليا في الهندسة الصيدلية في جامعة الإسكندرية.

اشتياقه للرهبنة دفعه لدخول دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون

كل من حوله كان يعرف اشتياق "وجيه" ورغبته في الالتحاق بالدير والرهبنة، وهي الرغبة التي تفجرت حينما كان في الصف الثاني الثانوي عام 1969، وتأثر وقتها بكتاب "بستان الرهبان"، فضلا عن احتكاكه بالأنبا أندراوس أسقف ورئيس دير القديسة دميانة الذي قادته الصدفه في عام 1972 ليجري معه حوار لنشره في جريدة الحائط بدمنهور، وليكون آخر حوار للأسقف قبل وفاته.

وبعدما عاد "وجيه" من بعثة الحصول على زمالة هيئة الصحة العالمية في إنجلترا سنة 1985، ترك البيت وذهب لدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون وتحديدًا يوم الأربعاء الموافق 20 أغسطس 1986.

ترك "وجيه" الدنيا واستقال من عمله كمدير لمصنع أدوية في دمنهور، ورسم كطالب رهبنة في الدير تحت الاختبار، يوم 25 سبتمبر 1986، حتى وافق الدير على رسامته راهبًا، وتم طقس الرهبنة في 31 يوليو عام 1988، وغير اسمه إلى الراهب "ثيؤدور الأنبا بيشوي".

وبعد الرهبنة أصبح الراهب "ثيؤدور" مسؤولًا عن استقبال الزوار في الدير "رحلات، وأفراد" لتعريفهم بالدير وتاريخه، وظل "ثيؤدور" داخل جدران الدير لمدة 4 سنوات، منهم عامان طالب رهبنة، وعامان راهبًا، قبل أن يخرج خارج أسواره للخدمة الكنسية مجددًا.

فقد رُسِمَ قِسّا يوم السبت الموافق 23 ديسمبر 1989، ثم انتقل للخدمة بمحافظة البحيرة بعد رسامته كاهنًا بشهرين في يوم الخميس الموافق 15 فبراير 1990، وظل يخدم ككاهن راهب في إيبارشية البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية لمدة سبع سنوات، وكانت قلايته -مقر سكنه- فوق قلاية الأنبا باخوميوس.

وكلفه أسقف الإيبارشية وقتها بمسئولية خدمة "الشباب والخدام"، دون أن يدخله في دوامة الافتقاد وغيرها من الأعمال الرعوية كالجنازات والأكاليل، وانصب عمل الراهب القس ثيؤدور على أعداد الخدام والتربية الكنسية لمدارس الأحد، قبل أن يدرس مادة العهد الجديد في الكلية الإكليريكية بدمنهور.

وبعد رحلة من الجهاد الروحي والانغماس في شئون الكنيسة والأقباط والاهتمام برعايتهم، وجد الراهب القمص ثيؤدور الأنبا بيشوي، الأنبا باخوميوس يرشحه ليكون أسقفًا مساعدًا له في الإيبارشية، والتقدم بهذا الطلب إلى البابا شنودة الثالث، الذي وافق وتم طقس الأسقفية في 15 يونيو 1997، كأسقف عامًا لقطاع الصحراء بإيبارشية البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية تحت اسم "الأنبا تواضروس".

هوايات البابا: القراءة والتصوير والصيد والمراسلة 

كما امتلك "وجيه"، مواهب كثيرة، كان سببها تأثره بمحيطه الأسري وشغفه وحبه للإبداع.

فكان حب القراءة والنظام والابداع في فن "الخط العربي"، موهبة غرسها الأب المهندس "صبحي باقي" في ابنه خلال الـ15 عامًا التي قضاها "وجيه" في كنف والده قبل أن يتوفى في 3 يونيو 1967.

وكان "وجيه" يحب في صغره اصطياد السمك والمراسلة، فقد راسل الإذاعة الألمانية من أجل تعلم اللغة الألمانية، وراسل بعض الأشخاص ومنهم "نيل أرمسترونج" أول رائد فضاء أمريكي يسير على سطح القمر، وطلب منه صورة وتم إرسالها له بالفعل وعليها توقيعه عام 1969.

كره كرة القدم ولعب كرة السلة

وبسبب كسر "ساعته" في الصف الأول الإعدادي والتي حصل عليها في المرحلة الابتدائية، في أول مبارة كرة قدم لعبها بمدرسة أحمد محرم الإعدادية بدمنهور، ولدت عقدة بين الطفل "وجيه" وكرة القدم، رغم أنه لعب بعض الوقت كرة السلة.

كما يهوى وجيه "التصوير الفوتوغرافي" ويتناقل المقربون منه تلك الهواية التي يجيدها، ويعرف أحدث أنواع الكاميرات والعدسات منذ صغره رغم عدم امتلاكه كاميرا إلا بعد تخرجه بـ10 سنوات وهو فى مدينة أوكسفورد بانجلترا.

أما التليفزيون والموسيقى في حياة "وجيه"، فانحصرت في نشرات الأخبار ومتابعة اللقاءات التلفزيونية مع الشخصيات المهمة، وسماع صوت المطربة اللبنانية "فيروز" التى تمتزج أغانيها مع الترانيم المسيحية.

وانعكس حب "وجيه" للقراءة التي وصفها بأنها "حياة" في لقاءات له حتى أنه قام بعمل معرض للكتاب أثناء خدمته في إيبارشية دمنهور بعد تخرجه من الجامعة عام 1983، وكان يقوم ببيع الكتب بالتقسيط للخدام بالإيبارشية على مدار العام لتشجيعهم على القراءة، بل ودفعه ذلك بعد وصوله إلى الكرسي البابوي، إلى الشروع في انشاء أكبر مكتبة قبطية في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون وهي المكتبة المقامة على مساحة فدان كامل، وتكلفت ملايين الجنيهات، وتجمع أكبر قدر من الكتب القبطية النادرة والمخطوطات.

ولا يخفي "وجيه" عشقه بالأطفال وإيجاد راحته وسطهم، لما لا وهو من كرس حياته منذ أن كان خادمًا بالكنيسة للاعتناء بهم في "مدارس الأحد"، ومن بعدها حينما صار كاهنًا راهب في إيبارشية البحيرة أو أسقفا مساعدًا للأنبا باخوميوس.

وحينما صار أسقفا أصبح مقررا للجنة الطفولة بالمجمع المقدس، وأصدر وقتها العديد من الكتيبات الخاصة بالتربية والتدريس في الطفولة وابتكارات الطفولة ومواهب الطفولة، وأحلام البابا للأطفال وصلت إلى افتتاح أول قناة كنسية للاطفال تحمل اسم "كوجي" يشرف عليها الأنبا مرقس، مطران شبرا الخيمة، والتي تم افتتاحها في عام 2015.

رشحه 6 أساقفة لخلافة البابا شنودة 

بعد وفاة البابا شنودة الثالث، فى مارس 2012، اجتمع مطارنة وأساقفة الكنيسة فى اجتماعات المجمع المقدس لترتيب المرحلة الانتقالية داخلها وتطبيق لائحة 1957 الخاصة بانتخاب البابا الجديد، وتم اختيار الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح قائماً مقام البابا، وفى هذه الأثناء لم يكن الأنبا تواضروس، الأسقف المساعد بالبحيرة، يفكر فى الأمر، ولم يكن اسمه مطروحاً فى دوائر الكنيسة ووسائل الإعلام، فهو بعيد عن الأضواء وليس من الأساقفة أصحاب التأثير والصيت الذين يثار حولهم الضجيج فى الأوساط القبطية أو الشارع بصفة عامة، وكان أول من بشره بطرح اسمه للترشح للكرسي البابوي الأنبا أندراوس أسقف أبو تيج بمحافظة أسيوط الذي قال له مداعبا: "حينما تجلس على الكرسي البابوي ترسمني تاني يوم مطران".

بعد فتح باب الترشيح للكرسى البابوي، تقدم 6 أساقفة بتزكيات لترشيح الأنبا تواضروس للمنصب البابوى، وأجريت الانتخابات البابوية التي فاز فيها بالمركز الثاني ودخل القرعة الهيكلية التي أتت به في 4 نوفمبر 2012، بابا للكنيسة باسم "تواضروس الثاني"، قبل أن يجلس ويصير البطريرك الـ118 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في 18 نوفمبر 2012.

 


مواضيع متعلقة