"كورونا".. و"الموجة الثالثة"!!
«كورونا» يعاود نشاطه، يضرب بشدة وبلا رحمة فى أوروبا وأمريكا، العالم يتململ، شبح الإغلاق يهدد الاقتصاد، والعزل المنزلى يعود إلى المشهد بقوة، منظمة الصحة العالمية تحذر ولا تملك إجابات شافية عن المرض، ولن يكون هناك لقاح جاهز قبل بداية العام القادم على أقل تقدير، ولا أحد يعلم مدى فاعلية اللقاحات المطروحة للاستخدام حتى الآن هل سنحتاج إلى جرعة أم جرعتين؟ التخبط فى شأن «كورونا» واضح لا يحتاج إلى فراسة لنعرف مدى الارتباك والقلق الذى يعيش فيه العالم كله، أزمة «كوفيد - 19» لم تنته بعد، لا دواء له، ولا لقاح مؤكد، والمرض لا يزال ينتشر بسرعة أكبر! حتى الانتخابات الأمريكية التى يترقب نتائجها العالم بأسره سيلعب فيها فيروس كورونا دوراً محورياً ربما يحسم توجه الناخبين! أو على الأقل سيؤثر على نتائجها! الاتفاق الدولى فى وباء «كورونا» هو الاعتراف بدخول العالم موجة ثانية من المرض سريعة الانتشار، والعدوى تصيب الشباب أكثر من الفئات العمرية الأخرى دون أعراض، فقد أشارت دراسة حديثة نشرتها مجلة طبية بريطانية إلى أن 78% من المصابين بفيروس كورونا (كوفيد - 19) تظهر عليهم أعراض طفيفة أو لا تظهر عليهم أعراض (بدون أعراض وفقاً للتسمية الطبية)، وتتفق نتائج الدراسة مع بحث أجرى فى قرية إيطالية تعد بؤرة لتفشى المرض، وتبين أن 50% إلى 75% من المصابين بدون أعراض لكنهم «مصدر كبير» للعدوى.
ربما حبانا الله هبة الإحساس بالطمأنينة أكثر من الدول الأخرى التى استشرى بها المرض، وباتت مدنها تتجول فيها الأشباح من جديد، قاتمة ساكنة بلا حياة، وبالنسبة لنا المخاوف تتزايد ونستطيع استشعارها من التحذيرات المتكررة لوزارة الصحة ورئاسة الوزراء والمسئولين، رغم أننا لا نبالى كثيراً ولم نعد بنفس القدر من الحذر السابق، فالتجمعات مستمرة، وفكرة التباعد الاجتماعى تضاءلت، ولبس الكمامة تراجع، ونسينا إجراءات الوقاية بفعل الملل والنسيان فى أحيان كثيرة، لكن الخطر ما زال قائماً، وبدأت تتضح معالمه بظهور إصابات عديدة فى أماكن مختلفة، صاحبها إغلاق مدارس فى محافظات عدة، وعادت أخبار إصابة أشخاص قريبة منا بـ«كورونا» تتردد من جديد، كيف نحافظ على الحد الأدنى من سلامتنا؟ دون الدخول فى أزمة العودة إلى الذروة التى ستربك المستشفيات وتحد من طاقتها الاستيعابية إذا ما تصاعدت وتيرة الإصابات التى تحتاج إلى رعاية طبية من جديد، المشهد العام يشى باللا مبالاة فى الشارع، والإصابات عاودت الارتفاع، ويبدو أن هناك إجراءات حكومية جديدة ستظهر فى الأفق قريباً، نظراً لعدم الانضباط فى التعامل المجتمعى مع المرض والاستهتار بخطورته، فتخلينا عن الحذر، وأصبحنا نرى التجمعات فى كل مكان، والاكتظاظ فى وسائل النقل والمواصلات والمقاهى والكافيهات والمولات على أشده، وعادت الشيشة إلى المقاهى رغم حظر تناولها، ويبدو أننا بحاجة إلى إجراءات أكثر حسماً حتى لا نصل إلى مرحلة حرجة، يزداد فيها الضغط على المنظومة الصحية التى لن تكون جاهزة لاستيعاب الحالات المتزايدة، خصوصاً ونحن على أبواب شتاء عاصف، سيختلط فيه الإحساس بالإنفلونزا الموسمية مع أعراض «كوفيد - 19»، وهو ما سيؤثر سلباً على سلوكيات الناس وتخبطهم فى التعامل مع المرض، خاصة فى ضوء الدراسات والأبحاث التى تتحدث عن الآثار الجانبية التى يتركها فيروس كورونا لمن أصيب بالعدوى، فعمليات مسح الدماغ التى أجراها باحثون على مرضى «كورونا»، تكشف مجموعة كاملة من تشوهات «كوفيد - 19» الغامضة، وربما تكون الآثار العصبية الغريبة التى يعانى منها العديد من مرضى «كوفيد - 19»، هى الأكثر غموضاً من بين العديد من الأعراض الخطيرة للمرض، ويعانى بعض المرضى الذين شُخّصت إصابتهم بـ«كوفيد - 19» أيضاً، من الارتباك والهذيان والدوار وصعوبة التركيز، وفقاً لقناة «روسيا اليوم». لكن الأخطر هو التنبؤ بإمكانية حدوث موجة ثالثة للمرض إذا لم يكن اللقاح جاهزاً للتداول، وإذا لم يتم التطعيم الشامل ضد وباء «كورونا»، فقد حذر فلاديمير تشولانوف، كبير أخصائيى الأمراض المعدية فى وزارة الصحة الروسية، من موجة ثالثة! وأشار إلى أن التطعيم الشامل يمكن أن يغير جذرياً مسار جائحة «كوفيد - 19» ويؤثر فى خطر حدوث «موجة ثالثة». ورغم عدم وجود بيانات كافية حتى الآن عن الموجة الثالثة.. لكن إذا بدأ التطعيم الشامل الآن، بحسب «تشولانوف»، فإنه يمكن أن يغير جذرياً مسار الجائحة؛ لأنه الوسيلة الفعالة للوقاية من المرض، أى عندما يبدأ نستطيع أن ننتظر تراجعاً واضحاً فى الوضع الوبائى وعودة الأوضاع الحياتية إلى طبيعتها. وحتى نصل إلى يقين فى لقاح آمن لهذا الوباء الذى دخل حياة البشرية دون استئذان، علينا ألا نستهين بالمرض، ونتخذ التدابير الوقائية اللازمة حتى لا نكون قنبلة موقوتة، لن نستطيع تحمل شظاياها.