بالفيديو.. "أبو بكر" سباك صعيدي بدرجة باحث ماجستير: لن أتخلى عن جلباب أبي

كتب: سمر صالح

بالفيديو.. "أبو بكر" سباك صعيدي بدرجة باحث ماجستير: لن أتخلى عن جلباب أبي

بالفيديو.. "أبو بكر" سباك صعيدي بدرجة باحث ماجستير: لن أتخلى عن جلباب أبي

تشققات وجروح صغيرة، تركت أثارها في راحة يديه، اعتاد منظرها وتصالح مع رؤيتها في حركاته وسكونه، لم يتوارى من رفاق الدراسة يوما، حين يتسائلون عن أسبابها، تخفي ورائها ذكريات الطفولة والمراهقة، التي قضاها في مهنة أحبها، قليلون من نفس جيله من يرضون العمل بها، تخرج في جامعة عريقة بتقدير عال، وأبى أن يترك والده، معتزًا بصنعته، التي أصبح بارعًا فيها، يأتيه الزبائن من شتى أنحاء محافظته، وخارجها، قاصدين إياه دون غيره لأمانته ومهارته.

عشرون عامًا، قضاها أبو بكر خلف، في مهنة السباكة بصحبة والده، كان طفلا صغيرا حين ألفت يداه ملمس المفكات المعدنية والمبرد الحديدي، واعتادت أذناه أصوات قطع المواسير، رغم صعوبة المهنة، برع فيها وبات معروفا في قرية المواطين بمحافظة سوهاج، مسقط رأسه، وبحسب روايته لـ"الوطن"، حين كان في الرابعة من عمره جذبت تراتيل القرآن الكريم أذنيه، وأعلن رغبته لوالده لحفظ كتاب الله، وبدأ بحفظه بأحد كتاتيب القرى المجاورة لقريتهم.

أتم حفظ القرآن في الصف الخامس الابتدائي بمفرده واختار التعليم الأزهري

رغم جهل والديه للقراءة والكتابة، أتم "أبو بكر" حفظ القرآن كاملا، لم يكترث حينها للمسافة التي يقطعها بمفرده إلى القرية المجاورة، اختار برغبته التعليم الأزهري، ليكمل مسيرته العلمية به، حتى تخرج في كلية أصول الدين بأسيوط، "حفظ القرآن هو اللي شجعني أدرس أزهر"، كل ذلك لم يقطع الرباط الواصل بينه وبين "السباكة"، التي أبى التحرر من عبائتها رغم مناداة أهل قريته له بـ"الشيخ أبو بكر".

حقيبة متوسطة الحجم، ثقيلة في وزنها، تحوي بداخلها أدوات سباكة مختلفة يحملها الشاب البالغ من العمر 26 عاما، بقبضة يده، أضحت عبر سنوات طوال رفيقا دائمًا له، اعتاد أهل شارعه رؤيتها بصحبته أينما ذهب، يخرج من بيته كل يوم قاصدًا مكان عمله، رغم صغر سنه وصعوبة طبيعة مهنته يأبى أن يخلع جلباب أبيه، "بعد ما أبويا كبر في السن أنا كملت في المهنة"، لينفق على نفسه وأسرته منها.

أبو بكر: بحاول أنسق مواعيد شغلي مع الزباين

من سكون الصعيد إلى صخب العاصمة، وتحديدا حي العمرانية، شق الشاب الصعيدي طريقه للعمل بالسباكة التي طور نفسه بها، مطلعًا على أحدث أشكال الموضة ليواكب زبائن المدينة التي يحرص أهلها على اتباع كل ما هو جديد، وفي خضم انشغاله بطلبات الزبائن لم ينس نصيبه من العلم، "قدمت في الدراسات العليا عشان أخد الماجستير"، نجح رغم محاولات البعض تثبيط عزيمته، في اجتياز السنة الأولى بالمتهيدي وأوشك على إنهاء الأخيرة في طريقه لتحديد موضوع رسالة الماجستير الخاصة بيه.

يرتل القرآن همسًا أثناء عمله، كي لا ينسى، يراجع ورده اليومي من القرآن، وحين عودته إلى الصعيد يؤم أهل قريته ويلقي عليهم خطبة الجمعة، "بحاول أنسق مواعيد شغلي مع الزباين على مواعيد محاضراتي في الدراسات العليا"، ينهي حديثه بصوت فخور بما يصنعه، "الناس بتقولي مفروض أكون إمام مسجد أو مدرس بس الشغل مش عيب ومهنة والدي بحبها".


مواضيع متعلقة