خسر تجارته.. كبابجي مشرد على "باب الحسين": الزمن دوار ومفيش أحباب

خسر تجارته.. كبابجي مشرد على "باب الحسين": الزمن دوار ومفيش أحباب
أحيانا يدور الزمان وتتبدل الأحوال، ويتحول الشئ المادي إلى عدم، هنا تتوارى الأحلام وتسقط الأقنعة، وتبدأ رحلة اللا عودة، وفيها ربما تجد أناس يمدون لك يد العون في طريق ملئ بالصعاب والتحديات، وربما لا تجد من يهتم بك، وهنا يصبح الشارع حقيقة حتمية، رصيفه يصبح مأوى وظلمة ليله ستار من غدر البشر وحائط صد يحمي من نكران الجميل.
حسانين رمضان جمعة، أحد هؤلاء الذين كتب عليهم القدر أن يعيشوا في جنح الظلام لعشرات السنين بعدما خسر تجارته، الرجل الذي كان يملك أكثر من محل للمشويات، أصبح قعيدا لا يقوى على الحركة.
بداية المأساة..
بدأت المأساة عندما تخلى عنه الأقربون بعد أن كان لهم سندا لأعوام طال أمدها، خسر تجارته ولم يجد من يمد يد العون له لمساعدته على تجاوز أزمته، فنزل إلى الشارع وأصبح مشرداً، ينام فيه في أوقات البرد القارس والحر الشديد، حتى عرف طريق مسجد الحسين، وذهب للإقامة هناك في مقرأة الإمام: "جسم الشيال لما بيريح التعب كله بيبان عليه، أنا لفيت كتير، وروحت أكتر من 20 مدينة، وسافرت في كل مكان، وكان عندي محلات مشويات كتيرة، لحد ما خسرت كل حاجة، لأن الطيب ماينفعش في الزمن ده".
أصيب بـ"قرحة" بسبب مكوثه داخل المسجد دون حراك
منذ عشر سنوات يقيم العجوز السبعيني في المسجد، لا يقوى على فراقه قط، حتى أصيب بقرحه فراش أقعدته أرضا، ما دفعه إلى الذهاب على الكرسي المتحرك الذي وفره له أصحاب الخير بحسب تعبيره، إلى مستشفى الحسين: "قالوا لي مفيش مكان، وادوني جواب علشان أروح سيد جلال، قعدت أبكي وشايل الهم، وفجأة لاقيت واحد بيقولي بتبكي ليه يا حاج وقاعد ليه كده، حكيت له ظروفي، قالي طيب خليك هنا، هبعتلك عربية المؤسسة، وبعد كده عرفت أنه المهندس محمود وحيد، مؤسس دار معانا لإنقاذ إنسان".
نفسي أرجع أشوف تاني
قبل تلك السنوات التي قضاها العجوز داخل مسجد الحسين، كان ينام في الشارع حتى نهش كلب عينه اليمنى فحرمه من الرؤية: "النني باظ، وواحد ابن حلال عنده محل نضارات جاب لي نني بلاستيك، وكان بيركب كويس في الجفن، بس بعد شوية، الجفن مبقاش يمسكه فبقى يقع من عنيا وأنا قاعد، وإدارة الدار هتعملي عمليه في عنيا بكره".
طيلة تلك الأعوام كان "حسانين" وحيدا حيث أنه لم يتزوج من قبل، ولا يعلم أين أقاربه: "مليش حد، كنت ساكن في عابدين، بجنيه زمان، وبعد كده روحت باب اللوق شوية، وفي الآخر ملقتش مكان أقعد فيه فقعدت في الشارع وبعد كده مسجد الحسين، ونفسي أرجع أشوف تاني".