"مخيمر" يبدع في الرسم بالرمال: "محدش بيصدق إن لوحاتي رمل وأحجار ملونة"

"مخيمر" يبدع في الرسم بالرمال: "محدش بيصدق إن لوحاتي رمل وأحجار ملونة"
وسط عدد كبير من اللوحات ذات الألوان الزاهية يجلس الرجل الستينى أحمد وهبة مخيمر، أحد أبناء الواحات بالوادى الجديد، يدقق النظر كثيراً فيما تمكّن من إبداعه من لوحات فنية مستخدماً الرمال الملونة لتصميمها، طيلة سنوات عمله الذى بدأ فى تطويره منذ بداية التسعينات، بعد أن ظل يعمل لسنوات عديدة قبل ذلك التاريخ خطاطاً يمارس مهنته باستخدام الفرشة والألوان الصناعية، حتى قرر أن يطور من ذاته ويتجه صوب الرسم بالرمال الملونة، تلك المهنة التى أصبحت نادرة الوجود كما يؤكد «مخيمر» الذى يشارك فى المعرض للعام الثانى على التوالى.
"فنان الواحات": "اهتمام الريس بإحياء الحرف التراثية خلاني أحلم ببكرة بعد ما كنت متأكد إن المهنة هتندثر"
عن حرفة النحت بالرمال يقول «فنان الواحات»، كما يلقبه أبناء قريته، وكما يحب أن يُنادَى، نظراً لاعتزازه الشديد بتلك المهنة التى أكسبته ذلك اللقب، إنها ليست حكراً عليه، بل إن هناك العديد من الحرفيين ذوى المهارة العالية فى الرسم بالرمال، ولكنه تمكّن من تطوير تلك الصنعة التراثية من خلال استبدال الألوان الصناعية بأخرى طبيعية، ليكون بذلك رائداً فى هذه الحرفة وكاتم أسرارها الذى يمنى النفس بأن يتم تأهيل عدد كبير من الشباب للعمل بها فى المستقبل حتى لا تندثر تلك الحرفة التى يعتبرها تراثية: «الجديد فى الموضوع أنها ألوان طبيعية، قبل كده كله كان بيشتغل ألوان صناعية، حيث كان يتم فى السابق تلوين الرمال بإحدى الصبغات، لكن أنا ماحبتش الفكرة وقررت أدوّر على أحجار ملونة وأطحنها وأستخدمها فى الرسم». يفرّق الستينى بين الرسم على الرمال والرسم بالرمال، حيث إن الأول يعنى استخدام الرمال لوحة يتم تشكيلها وفقاً للشكل الفنى الذى يتم تحديده سابقاً، ولكن الرسم «النحت» بالرمال يعنى أن الصانع يقوم بوضع الرمال على لوح خشبى بعدما يكون قد انتهى من رسم الشكل الفنى: «أنا كنت بعمل شغل بالفرشة مباشر، وفضلت سنين أشتغل بالشكل ده، لحد ما قررت أغامر وأتعلم وأجرب صنعة جديدة وطريقة جديدة فى الرسم، وبدأت فى التسعينات أرسم أول لوحة ليا بالرمل، وشوية بشوية بدأت أطور من نفسى لحد ما بقيت أنحت لوحات محدش بيصدق إنها رمل». فى سبيل الوصول للقطع الخشبية التى تصلح أن تكون لوحة يضع عليها «مخيمر» الرمال الملونة، يقطع العجوز مئات الكيلومترات حتى يصل إلى خشب شجرة الدوم التى يقول عنها إنها شجرة يندر وجودها الآن ولكنها استُخدمت منذ مئات السنين عندما بدأ السكان فى التوجه نحو الواحات والعيش بها، ولم يكن أمامهم سواها لتكون مأوى لهم من خلال استخدامها فى الأسقف والجدران: «النوع ده من الخشب هو الوحيد اللى مناسب لشغلى وبفضل أدوّر على قطعة واحدة منه شهور عديدة، ولما بلاقيها بكون فى قمة سعادتى لأنى كده هبدأ اشتغل وأنحت».
المادة الأخرى التى يستخدمها فنان الواحات هى الأحجار الملونة والتى يحصل عليها من أحد الجبال الكائنة بالقرب من قريته، وعلى الرغم من التقدم فى العمر فإنه يخرج صباحاً ويقطع مسافات هائلة وارتفاعات شاهقة فوق الجبال كى يحصل على تلك الأحجار التى يقوم بطحنها بعد ذلك وتثبيتها على لوحاته: «برسم بالمادة اللاصقة الأول، وبعد كده أضيف عليها الرمل بعد ما أكون طحنته كويس، وبدمجه على بعضه علشان أخد اللون اللى أنا عايزه»، ويتابع: «بعد جيلنا ده للأسف المهنة هتنقرض لأن الشباب مش عايز يتعب، لكن مع اهتمام الدولة بالحرف اليدوية والتراثية، بدأت أحلم ببكرة، وتشجيع الرئيس للصناعات دى أكيد هيخلى كل قطاعات الدولة تهتم بينا».
عن أزمة تفشى فيروس كورونا المستجد وتمكنه من تعطيل جوانب الحياة فى جميع دول العالم، يقول «مخيمر» إنه مع بداية ظهور الفيروس أيقن أن حلم إقامة المعرض هذا العام يكاد يقترب من الاستحالة: «إحنا جيل مشكلته إنه مابيحبش يقعد، من أول ما بدأ موضوع كورونا يظهر وأنا تعبان ومش مصدق إن حلم إقامة المعرض ممكن يتأجل، لكن لأن فيه قيادة حكيمة فى بلدنا أقيم المعرض فى ميعاده والتنظيم يفوق الوصف».
يتمنى «مخيمر» أن تصل أعماله إلى الخارج، ويتمكن من تصديرها، وأن يستمر اهتمام الدولة بتلك الحرف: «المعرض ده بمثابة المتنفس الوحيد لينا ونفسى يستمر على طول».