من ألسنة اللهب.. سوريون يروون لـ"الوطن" فاجعة الحرائق: "بدنا حياة"

كتب: دينا عبدالخالق

من ألسنة اللهب.. سوريون يروون لـ"الوطن" فاجعة الحرائق: "بدنا حياة"

من ألسنة اللهب.. سوريون يروون لـ"الوطن" فاجعة الحرائق: "بدنا حياة"

الموت لم يترك البشر ولا الشجر أو الحجر في سوريا، بينما مازالت دماء ضحايا الإرهاب تلطخ الجدران وروت الأراضي، ألتهمت ألسنة النيران للمرة الثانية في شهر مساحات واسعة من منازل وممتلكات وحصاد الزراعة وخنقت أفراد؛ ليهرب منها العشرات إلى المدن بحثا عن النجاة في نحو 50 منطقة بالبلاد.

حرائق سوريا، تصدرت اهتمام العالم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بينما كانت نيران اللهب ترتفع بها عاليا لتلتهم الحي والميت بالبلاد، لما يقترب من 48 ساعة، بينما قالت السلطات إنها نتيجة ارتفاع درجات الحرارة ولم تتمكن حتى الآن من إخماد الحرائق، فيما أمر الرئيس السوري، بشار الأسد، إقامة صلاة الاستسقاء اليوم السبت، طلبا لنزول المطر ورفع البلاء وإخماد الحرائق.

 

أحد أهالي ريف اللاذقية: الوضع كارثي.. وأخلينا مستشفى لكورونا

"الوضع كارثي بكل المقاييس".. بحزن ممزوج بغضب بالغ، وصف فادي جوزيف، أحد سكان ريف اللاذقية بسوريا، التي امتد منها الحريق لعدة مناطق، الوضع بمنطقته، بعد أن أنهت الحرائق منذ الأمس على مئات "الدونمات" من الأراضي الزراعية، قائلا لـ"الوطن": "أرزاق الناس تحولت إلى رماد بالريف".

كما التهمت النيران المنازل والسيارات والأشجار، ليتحول الأهالي الآمنين إلى "أفراد بلا مأوى"، وفقا لوصف "جوزيف"، بعد نزح المئات من الأسر إلى المدينة، ليستقبلهم السكان بود شديد وفتحوا لهم منازلهم ووفروا لهم "البطاطين والطعام"، بعدما توفي 4 أفراد مختنقين بنار الحريق.

وقضت تقريبا كامل منطقة الريف الشمالي في اللاذقية والتي تعتبر المتنفس الوحيد لسكان المدينة والوافدين لها من باقي المحافظات، ولكن لم تتوقف النيران منذ منتصف ليل أمس، رغم محاولات الأهالي والدفاع المدني على إخمادها والإمدادات من المدن الأخرى، حيث تفوق قوتها المعدات المتوفة لديهم، وهو ما زاد الخوف والرعب في قلوب أهالي ريف اللاذقية، مثلما وصفه، لذلك يظنون أن الحرائق مفتعلة من عناصر إرهابية.

ومع اقتراب الحرائق الضخمة بالريف، قال فادي جوزيف إنه تم إخلاء مستشفى بالكامل خاص بمرضى فيروس كورونا، ما عرض المصابين والأهالي للمرض، ما يكشف مدى كارثية الأمر، مؤكدا أن جميع الأهالي حرصوا على أداء صلاة الاستسقاء اليوم للنجاة من الموت والنيران.

 

منذ منتصف ليل أمس، تضررت أكثر من ٥٠ منطقة بسوريا، وساهمت سرعة الرياح الشرقية في اتساع رقعة الحرائق، والتي نشبت من ريف اللاذقية وطرطوس، وامتدت إلى جبلة، والقرداحة، والحفة، وحرف المسيترة، والفاخورة، والدالية، ومنظومة إطفاء الزراعة، ومصلحة الحراج، وغلمسية والبودي وبنجارو بريف جبلة، وكلماخو وجبل العرين وقمين الفاخورة وبسيت بريف القرداحة، والتي تسببت في وفاة عدد من الأهالي وإصابة العشرات من تلك الحرائق، بالإضافة إلى التهامها للعديد من المنازل ومئات الدونمات من الأراضي المزروعة.

 

سوري بطرطوس: نشهد حركة نزوج لا مثيل لها.. ونحتاج لتدخل جوي سريع

الوضع لم يختلف كثيرا عن اللاذقية، في ريف طرطوس، ليصف أحمد حديد، الوضع بـ"الكارثي الخطير"، مؤكدا أن الصور لا تكفي لوصف الحالة الحقيقية والخسائر الهائلة به، لذلك تشهد المنطقة "حركة نزوح لا مثيل لها"، متشاركا في الظن نفسه بأنها مفتعلة كونها نشبت ليلا في طقس بارد رطب.

الخسائر الأكبر كانت بين الأراضي الزراعية، حيث قال إنه حاليا يعتبر موسم الزيتون والحمضيات في الساحل الذي يعتبر قوت سكانه، الذين تكبدوا فقدانه حاليا، فضلا عن الأضرار البالغة في المنازل والسيارات والممتلكات العامة، بينما مازالت النيران مستمرة "الفاجعة مستمرة، ياللي بنشوفه صعب كتير ما بتكفي الكلمات الصغيرة لوصفه، نحتاج لمساعدة جوية لإخماد النيران".

بأدواتهم البسيطة بذل الأهالي جهودا مضنية للمساعدة بأنفسهم في إخماد الحريق مع القوات الحكومية، ليصاب عدد منهم بحالات اختناق، وفقا لحديد، موضحا أن النيران وصلت للطرق المؤدية إلى اللاذقية والبلدان القريبة منها ومنطقة وادي قنديل التي تعتبر أحد أهم المناطق السياح، لذلك تسيطر حالة من القلق والرعب البالغ بين الأهالي حاليا.

 

صبا عيوش: مرينا بين النيران لنوصل لمكان آمن.. بدنا حياة

وفي إحدى القرى القريبة من ريف اللاذقية، ارتفعت صرخات الأهالي الذين حاصرتهم النيران وجاهدوا للخروج منها بصعوبة من أجل الوصول للمدينة، كانت من بينهم صبا عيوش، التي حرصت على توثيق رحلتها المريرة للنجاة من ألسنة اللهب.

"الضيعة كلها احترقت، ما اتبقالنا ولا شي، لا منزل ولا سيارة ولا ماء ولا زرع، ما في شي إلا النار والدخان، ياللي كنا بنمر بيناته لنوصل بصعوبة لمكان آمن".. بمرارة شديدة وصفت الشابة السورية فجاعة المشهد والحرائق الأكبر التي تشهدها على حد وصفها، لتحاول بصعوبة النجاة مع أسرتها "كنا نمر بين كتل من النيران، ونحنا نجينا بس في غيرنا ما قدروا".

 وترى "عيوش" أن الوضع مأساوي بشدة، والذي يحتاج لتدخل فوري وسريع دوليا في تلك الحرائق المتكررة وحماية الأهالي، حيث تناشد بتلبية تلك المطالب السورية، قائلة: "بدنا حياة لينا ولأهالينا".

 

 


مواضيع متعلقة