زلزال 92.. حكاية "إيهاب" مع الأحلام المدفونة: بيتي اتهد وشغلي راح

كتب: عبدالله مجدي

زلزال 92.. حكاية "إيهاب" مع الأحلام المدفونة: بيتي اتهد وشغلي راح

زلزال 92.. حكاية "إيهاب" مع الأحلام المدفونة: بيتي اتهد وشغلي راح

28 عاما مرت على حادث زلزال 1992، أحد أكثر الأحداث رعبًا وترويعًا في تاريخ مصر، فالموت حاصر الجميع، والغبار في كل مكان، المنازل مهدمة والحزن ساكن بالقلوب ويخيم على الوجوه، وصمت القبور محشور بين الطرقات وأنقاض البيوت، والموت جعل الوجوم جليس الأسر التي فقدت منازلها من الآثار الناجمة عن الزلزال، والألم والحسرة رفيق الجميع، أنّات مكتومة تستجدي السامعين تحت الأنقاض دون مجيب، أيام يحوم حولها الموت، واستجداء الرحمة من السماء هو المسيطر على الجميع.

مع كل جثة تخرج يزداد الألم ومع كل ناجِ يزداد الأمل، أصبح الأمل والألم رفيقان يسيران متوازيين معا، لكن الذاكرة لم تحمل إلا الوجع الأبدي سواء ألم الفقد أو تجربة المصاب والمنكوب، فلم يكن زلزال 1992 حدثا عاديا في تاريخ المصريين بل كان الحدث الأكثر حزنا.

في ظهيرة يوم 12 أكتوبر لعام 1992 أنهى إيهاب حسين، الشاب العشريني حينها ساعات عمله في إحدى الشركات بمنطقة مصر الجديدة، واستعد لمغادرة مقر الشركة رفقة زملائه في العمل، قبل أن يشعر بدوران واهتزاز شديدين، زجاج النوافذ يتحطم أمام الجميع، الأثاث يتزحزح عن أماكنه، ليهرول الجميع خارج العقار الذي توجد فيه الشركة.

أمام الشركة الغبار يزداد فتعمى العيون عن الرؤية، أصوات صراخ الاستغاثات تكسر حاجز الصمت في الحي الراقي، "فيه ناس قفزت من منازلهم خوفا من الزلزال، وآخرون خرجوا دون ارتداء الملابس"، فالخوف جعل الجميع عاجزا عن التركيز في أي شيء سوي الهرب من الدمار.

لم ينس "إيهاب"، ذلك العقار الكبير الذي يبعد عدة أمتار عن الشركة التي يعمل بها، والمطلة على كنيسة مارجرجس، فوجدها منهارة تماما، "في الوقت ده اتعرفت العمارة دي بعمارة الموت، لوفاة جميع سكانها ولم يتمكن أحد من النجاة منها"، دقائق مرت كالساعات عاشها الرجل الخمسيني لا تفارق مخيلته.

ترك "إيهاب" ذلك المشهد المليء بالبؤس، ليسرع تجاه منزله في منطقة الهرم ليطمئن على أسرته، ولكن القدر كان أسرع منه وانهار منزله، "الحمد لله زوجتي كانت عند والدتها، وكنا لم ننجب حينها"، لينتقل للعيش رفقة أسرة زوجته، وتعيش مصر أشهر اتشحت فيها جميع محفظاتها بالسواد، "مفيش أسرة مفقدتش حد في الزلزال ده أخ أو عم أو خال أو ابن أو بنت".


مواضيع متعلقة