البنك المركزي يخفض أسعار الفائدة ويقدم دعماً جديداً للاقتصاد

كتب: عبدالرحمن فرحات

البنك المركزي يخفض أسعار الفائدة ويقدم دعماً جديداً للاقتصاد

البنك المركزي يخفض أسعار الفائدة ويقدم دعماً جديداً للاقتصاد

كشفت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى عن التوجه الذى ستنتهجه الحكومة خلال الفترة القادمة، بقرار تخفيض أسعار الفائدة بـ50 نقطة أساس ليصبح سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية 8.75% و9.75% و9.25% على الترتيب، فضلاً عن وصول سعر الفائدة على الائتمان والخصم إلى 9.25%، وجاء ذلك نتيجة لاحتواء الضغوط التضخمية وجميع التطورات المحلية والعالمية، بما يتسق مع تحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط، وتوفير الدعم المناسب للنشاط الاقتصادى فى الوقت الحالى.

وقال البنك المركزى فى البيان التفسيرى إن المعدل السنوى للتضخم العام فى الحضر انخفض ليسجل 3.4% فى أغسطس 2020 مقارنة بـ4.2% فى يوليو 2020، وهو ثانى أدنى معدل مسجل -بعد أكتوبر 2019- منذ ما يقرب من أربعة عشر عاماً، فضلاً عن وصول معدل النمو الحقيقى للناتج المحلى الإجمالى إلى 3.5% خلال العام المالى 2019/2020 وفقاً للبيانات الأولية، وسجل معدل البطالة 9.6% خلال الربع الثانى من عام 2020، مشيراً إلى أن تلك التطورات جاءت نتيجة الأثر السلبى لانتشار جائحة كورونا على الاقتصاد الحقيقى، والبيانات تشير إلى استقرار بعض المؤشرات الأولية خلال شهرى يوليو وأغسطس من عام 2020 بعد التحسن الملحوظ المسجل فى شهر يونيو من عام 2020.

ويرى الخبراء والمحللون أن هذا القرار جاء ليكشف عن نوايا «المركزى» وتوجهاته باتباع سياسة توسعية تحفيزية خلال الفترات القادمة، وهو ما يحتاج إليه الاقتصاد المحلى لاستكمال خطة التعافى من تداعيات كورونا، متوقعين أن تتزايد وتيرة هذه التوجهات بشدة خلال العام القادم 2021.

أشرف القاضي: الأداء الجيد لمؤشرات الاقتصاد المصري خلال أزمة كورونا دعم توجه البنك المركزي لانتهاج سياسة توسعية

ومن جانبه، قال أشرف القاضى رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، إن تراجع معدلات التضخم بنهاية أغسطس الماضى إلى أدنى مستوى لها فى 9 أشهر، بجانب استمرار أداء مؤشرات الاقتصاد المصرى على نسق جيد رغم أزمة كورونا، واستمرار جاذبية الاستثمارات الساخنة مقارنة بالدول الأخرى، هى الأسباب الرئيسية فى توجه البنك المركزى لانتهاج سياسة توسعية وتخفيض معدلات الفائدة بـ50 نقطة أساس، مشيراً إلى أن قرار لجنة السياسة النقدية جاء وفق المتوقع.

وأكد «القاضى» أن استمرار هذه العوامل الإيجابية، قد يؤدى إلى متابعة البنك المركزى لعمليات تخفيض أسعار الفائدة حتى نهاية العام الجارى، مشيراً إلى أنه سيتم التخفيض حتى تصل أسعار العائد لمعدلاتها الطبيعية التى سبقت أحداث يناير 2011.

محمد رضا: أتوقع تخفيض الفائدة بـ50 نقطة أخرى قبل نهاية 2020

ويرى محمد رضا، الرئيس الإقليمى لبنك الاستثمار سوليد كابيتال - مصر، أن توجه تخفيض أسعار الفائدة كان مطلباً رئيسياً حتى قبل اندلاع الأزمة، وذلك حتى تنعكس الإصلاحات الاقتصادية على حركة الاستثمار، وازداد هذا التوجه من قبل البنك المركزى بشكل كبير مع حدوث أزمة كورونا، وتنفيذ مجموعة من الإجراءات التحفيزية النقدية والمالية والتعاملات الخاصة بقطاع الشركات، لدعم الاقتصاد المصرى فى معركة الصمود أمام الجائحة.

وأوضح أن قرار التخفيض بـ50 نقطة أساس جيد، ولكنه غير مؤثر فى ظل ما يمر به العالم من أزمة، حيث إنه ما زالت متوسطات الفائدة فى مصر ضمن الأعلى عالمياً، مشيراً إلى أن آليات تحديد أسعار الفائدة تعزز قرار انخفاض أسعار الفائدة عند مستويات أقل من الحالية، حيث يحتاج الاقتصاد المصرى لاستعادة النشاط خلال الأوقات الطبيعية معدلات فائدة تتراوح بين 8 و6% للوصول إلى معدلات النمو 7%، فماذا عن أوقات الأزمة التى تحتاج إلى تحفيز أكبر لتشجيع حركة الاستثمار والاستهلاك بدلاً من الادخار، وتخفيف أعباء الشركات، منوهاً إلى أن الاقتصاد المصرى يحتاج لتخفيض 100 نقطة أساس آخر خلال العام الجارى للوصول إلى متوسط 8% على الإقراض.

وقال «رضا» إن الدول تسعى على الجانب الآخر للحفاظ على الاستثمارات فى أدوات الدين لكونها مصدراً رئيسياً للتمويل خلال فترات الأزمة، بالتزامن مع تراجع العوائد الدولارية من المصادر الأخرى، وضعف حركة الاستثمار الأجنبى على البورصة وتوجه المستثمرين لأدوات الدخل الثابت، وذلك بهدف الحفاظ على الاحتياطيات النقدية التى شهدت تراجعاً حاداً بأكثر من 9 مليارات دولار خلال الأشهر القليلة الماضية، وتم تعويضه بقرض صندوق النقد وطروحات السندات.

وتابع أن هذه التبعات تضع الحكومة أمام المعادلة الصعبة، إما التضحية بواحد من أهم مصادر الدخل التى تعتمد عليها فى تمويل الاحتياطى النقدى واحتياجات الدولة، أو تأجيل توجهها لتحفيز حركة الاستثمار المباشر وتسيير عجلة الإنتاج فى الوقت الحالى، فمع حفاظ مصر على معدلات الفائدة عندى مستويات تُعد ضمن الأعلى عالمياً، يمنحها هذا ميزة تنافسية لجذب الاستثمارات الأجنبية فى الأموال الساخنة، وهو التوجه الذى تنتهجه الدولة وبرعت فى تنفيذه منذ بداية الأزمة بشكل استباقى بدعم من القيادة السياسية والمبادرات الرئاسية لتقليل الخسائر والحفاظ على الاحتياطى والحفاظ على حالة التوازن حتى نهاية العام الجارى، موضحاً أن الفترة الحالية هى فترة صعبة جداً فى التعامل مع تخفيض أسعار الفائدة بشكل تدريجى، متوقعاً أن تقوم لجنة السياسة النقدية بخفض آخر لموازنة الأمور بنحو 50 نقطة أساس فقط مع نهاية العام.

أبانوب مجدي: قطاع الأفراد أبرز المستفيدين من قرار التخفيض

وقال أبانوب مجدى، محلل قطاع البنوك فى بنك الاستثمار بلتون، إن التخفيض الأخير بـ50 نقطة أساس بمثابة توضيح لتوجهات الحكومة خلال الفترة القادمة وانتهاجها لسياسات توسعية وتحفيزية للاستثمارات المباشرة، موضحاً أن هذا القرار لن يؤثر بشكل كبير على حجم القروض المقدمة للشركات، خاصة أن معظم هذه الشركات استفادت بالفعل من مبادرات البنك المركزى فى قطاعات الصناعة والسياحة والمقاولات بتكلفة تمويل 8%، مشيراً إلى أن التأثير قد يظهر على قروض الأفراد التى شهدت زيادة كبيرة خلال الربع الثانى من العام الجارى، وانعكاس ذلك على معدلات الاستهلاك، متوقعاً أن يستمر هذا التأثير خلال النصف الثانى من 2020، الذى من المقرر أن تظهر مؤشراته المبدئية خلال أيام فى نتائج أعمال البنوك وشركات التمويل الاستهلاكى.

وأشار «مجدى» إلى أن الدولة قامت بكل الإجراءات التحفيزية التى يحتاج إليها الاقتصاد المصرى خلال الأزمة التى ضربت العالم أجمع، موضحاً أن الوضع بحاجة للتريث وقياس مدى تأثير هذه القرارات التى اتخذتها الدولة على المستوى المالى والنقدى والحزم التحفيزية على نسب الدخل والإنفاق والاستثمار بكل القطاعات، متوقعاً تثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية حتى نهاية العام، مع عدم تجديد العمل بمبادرة تأجيل الأقساط لتخفيف الأعباء التى تتحملها البنوك على مستوى السيولة، منوهاً أن الفترة الحالية تحتاج للتركيز على القطاعات المستدامة مثل الأغذية والصناعات التحويلية، وزيادة استهلاك القطاع الخاص.


مواضيع متعلقة