ابنة نجيب محفوظ بذكرى وفاته: قرأت له مجبرة وكان يرمي هوامشه بالقمامة

كتب: ماريان سعيد

ابنة نجيب محفوظ بذكرى وفاته: قرأت له مجبرة وكان يرمي هوامشه بالقمامة

ابنة نجيب محفوظ بذكرى وفاته: قرأت له مجبرة وكان يرمي هوامشه بالقمامة

نجيب محفوظ أديب نوبل الذي يعرفه الجميع حتى لو لم يعرفوا الكتابة والقراءة، كأنه ضمن أبجدية المعرفة المتوارثة مذ وطئت قدماه أرض الجدل بثلاثيته الفلسفية وروايته ذائعة الصيت "أولاد حارتنا"، تمر ذكراه الرابعة عشر اليوم، لتجدد الشغف لنعرف عنه أكثر وكأن الصبغة المحفوظية التي تركها في عقول أجيال قرأت روايته وشاهدت أفلامه تحولت لإدمان لا ينتهي من طلب المزيد، الأمر الذي تعتز به ابنته هدى نجيب محفوظ مقدمة شكر لكل من يحاول الاحتفال بوالدها في ذكراه.

المفارقة هنا أن الكاتب الذي مرت كلماته على بيوت كل المصريين، وشكل وعي وثقافة أجيال من القراء، رفضت ابنته هدى القراءة له في بدايات عمرها، وكأنها تتحرر من شهرة أبيها الواسعة، "كانت بداية قراءتي له في الجامعة بعد دراستي كورس إجباري ندرس فيه رواية ثرثرة فوق النيل لكني أحببت كتابته و(عجبني) وبدأت أقرأ له"، تقول هدى نجيب محفوظ التي رفضت الرجوع له بعد قراءة أول رواية له في حديثها لـ"الوطن".

هدى: نصحنا منسلفش كتب لحد 

"الأول كنت رافضة القراءة له في وقت كان الناس من حولي يقولون لي (إزاي بنته ومبتقريش له) حينها كنت رافضة الفكرة تماما وأقول أنا حرة أقرأ ما أريد"، تتحدث عن هذه الفترة وأنها كانت تقرأ لكتاب أجانب في مجالات مختلفة، كما أنها كانت تقرأ من كتب مكتبة أبيها في مجالات متعددة وكتبًا مختلفة، ولكن بعد قراءة "ثرثرة فوق النيل" تحول الأمر وبدأت تطلع على كل أعمال ومن بين أعماله أكثر ما فضلت كانت الثلاثية والحرافيش، وسط العديد من الأعمال الأخرى، بحسب "هدى". 

رغم إنها وأختها فاطمة كانتا ترجعان دائمًا لمكتبة نجيب محفوظ للقراءة منها لكنه قليلا ما قدم الترشيحات لهما ولم يجبرهما أبدا على القراءة له، لكن الأب الذي أورث بنتيه شغف الكلمة كان يجب أن يرى الكتب المسحوبة من مكتبته فكانوا يختارون الكتاب ثم يعرضوه عليه ليعرف ماذا يقرأون، أما هدى فتتذكر واحدة من تعليمات أبيها فيما يخص مكتبته التي اعتز بها أنه قال لهم "متسلفوش كتب" كانت نصيحة مبنية على تجارب سابقة لكتب أعطاها لآخرين ولم تعد لمكتبته مرة أخرى.

"أحلام فترة النقاهة" كتابة تشبه طريقة حياته.. ولم يكن يستطيع كتابة الثلاثية في آواخر أيامه

سمات عدة في شخصية نجيب محفوظ أثرت في ابنتيه، "كان بينصح بطريقة لطيفة، وكان طيب قوي ودمه خفيف وشخص خفيف صعب قوى إنه يعنف حد، ودا مش كلامي لوحدي دا ساعد ناس كتير في الكتابة"، ورغم إنه قال بنفسه إنه يشبه شخصية كمال التي كتبها في الثلاثية ترى هدى أنه كان يشبهها في طريقة التفكير فقط، وأن أكثر أعماله شبهًا له كانت مجموعته القصصية الأخيرة "أحلام فترة النقاهة" التي تشبه طريقته في التعامل؛ حيث كان يلخص المواقف بكلمات قليلة.

وعن اختلاف أسلوب كتابته تقول "بالطبع السن له عامل فلم يكن يستطيع يكتب الثلاثية على سبيل المثال في هذه الفترة لأنها تحتاج جهد أكبر يحتاج مجهود وصحة". 

يرجع الفضل لأمي في حفظ ما تبقى من هوامش

أما عما بقى في درج نجيب محفوظ من مخطوطات تقول هدى: يرجع الفضل لأمي فيما حفظ من هوامش ومسوادت بقلم أبي الذي كان يلقى بهوامشه في سلة المهملات أولا بأول، لم يكن يحتفظ بشيء وكانت والدتي تجمع أوراق من سلال المهملات كلما رتبت المنزل من ورائه. الأمر الذي تفسره هدى بعدة أسباب منها عدم وجود ثقافة حفظ الهوامش لدينا على عكس الغرب، وربما لكثرة الكتب في المنزل فكان يتخلص من الهوامش باعتبار أن المنتج النهائي هو الأهم.

ليست الروايات وحدها ما تركه الأديب العالمي، فمكتبة السينما والتليفزيون عامرة بالأعمال التي حملت توقعيه سواء قصتها أو السيناريو، وترى هدى أن ما قدم بقلم محفوظ بين أعمال جيدة بالفعل وهي التي تتابعها وتحب أن تشاهدها مثل "بداية ونهاية - بين السما والأرض - أهل القمة - ومسلسل الثلاثية - حديث الصباح والمساء والجزء الذي مثله نور الشريف من مسلسل الحرافيش، (رغم إن الفيلم لذيذ لكن بفضل المسلسل)، ورغم حبها للأعمال ترى أن ما تم تجسيده في السينما والدراما الأعمال الشهيرة فقط ولا تزال هناك العديد من القصص القصيرة التي من الممكن تحويلها لمواد مرئية لم تأخذ حظها. 


مواضيع متعلقة