تجربة معمارية مصرية جديدة: "البامبو" أقوى من الحديد ويمكن البناء به

كتب: خالد عبد الرسول:

تجربة معمارية مصرية جديدة: "البامبو" أقوى من الحديد ويمكن البناء به

تجربة معمارية مصرية جديدة: "البامبو" أقوى من الحديد ويمكن البناء به

"البامبو ليس كرسي وترابيزه فقط، وله استخدامات كثيرة أخرى لا يعرفها معظم المصريين، منها استخدامه في البناء بديلا عن الحديد المسلح والأعمدة الخرسانية"، هذا ما يؤكده الدكتور عادل فهمي، أستاذ العمارة بجامعة العلوم الحديثة، وأحد رواد العمارة البيئية في مصر، الذي يقوم الآن بتدريس كورس دراسي مصري عن استخدام البامبو في البناء كبديل للحديد والأخشاب، ويبني مع طلابه نماذج معمارية تعتمد بشكل أساسي على البامبو بجانب الطين.

هذه الحقيقة التي "أثبتتها مراكز بحوث ومعاهد علمية عالمية"، شرحها أستاذ العمارة ببساطة لطلابه بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة، في أول كورس دراسي من نوعه بمصر عن استخدام البامبو في البناء، عندما جاء بسيخ حديد طوله 3 أمتار، وعود "بامبو" بنفس الطول، وطلب منهم أن يقفوا على كل منهما، فما كان من الحديد إلا أن أنثنى، بينما بقي البامبو ثابتا بسبب قوة أليافه، وهو ما جعل دول كالهند وعديد من دول آسيا الأخرى تستخدمه في عمل كباري، وليس مجرد مساكن فقط.

يُعدد "فهمي" ما أثبتته مراكز البحوث والدراسات عن المزيد من مزايا "البامبو" واستخدامه، مشيرا إلى أن هناك أنواع منه تنمو بمعدل 40 سنتيمترا في اليوم، بينما لا يوجد نبات آخر ينمو بهذا المعدل، هذا فضلا عن قوته، وهو ما يؤهله ليحل محل الخشب في كثير من الاستخدامات الأخرى، وخاصة مع رخص سعره، حيث يتراوح سعر عرق الخشب الذي بنفس سمك عرق البامبو بين 120 إلى 150 جنيها، في حين يتراوح سعر عود البامبو بين 20 إلى 25 جنيها.

ويضيف أستاذ العمارة موضحا:"إحنا بنستورد من الخارج بالعملة الصعبة أنواع من الخشب درجة تالتة، وهي أنواع عادة ما تكون بها نسبة مرتفعة جدا من الرطوبة، وما بتبقاش صالحة لعمل حاجات كتير، بينما لو استخدمنا البامبو سنوفر عملة صعبة، ولن يحتاج الأمر لعمالة فنية على عكس الحال مع الحديد".

لكن تبقى الميزة الأكبر، من وجهة نظر فهمي، أنه صديق للبيئة ويمتص غاز ثاني أكسيد الكربون، ويمكن أن يكون بديلا للخرسانة والحديد الملوثان للبيئة، لافتا إلى أنه في اليابان ودول آسيا وصلوا بالأبنية المستخدم فيها البامبو إلى 3 أدوار، وفي الهند وصلوا إلى 5 أدوار، ناهيك طبعا عن استخدامه في بناء كباري يمكن أن تسير عليها السيارات، وهو ما جعل دولا متقدمة مثل ألمانيا تنشئ معهدا متخصصا لدراسة البامبو.

يسعى فهمي الآن لبناء نموذج مصري لمسكن مبني من الطين والبامبو معا، كمادتين صديقتين للبيئة ومتوافران أو يمكن توفيرهما في البيئة المصرية، مؤكدا أن مثل هذا النموذج يمكن استخدامه في الأماكن الصحراوية أو في أوقات الطوارئ والكوارث كالزلازل لإعاشة المواطنين، حيث يمكن تحضير أجزاء المبنى وتركيبها مع بعضها البعض بسهولة أو بناءها في ظرف 48 ساعة، مثلما يفعل الأطفال مع المكعبات أو الميكانو، بالاستعانة بكتالوج.

وتتعدد الاستخدامات الممكنة للبامبو داخل المبنى، بداية من أنه يمكن أن يحل محل الأعمدة الخرسانية، وهو الأمر الذي تطلب دراسات كثيرة عن سمك البامبو وكيفية تحميل الطمي فوقه، كما يمكن استخدامه في عمل حوائط بديلا عن الطمي، أو سقف ويتم محارته بالطمي، فضلا عن مناطق تظليل خارجية.

واستمد "فهمي" جانبا من نباتات البامبو التي يستخدمها الآن في بناء هذا النموذج المعماري، من مشتل قسم بحوث الأشجار الخشبية بمعهد بحوث البساتين التابع لمركز البحوث الزراعية، حيث توجد مساحة كبيرة مزروعة بأحد أجود أنواع البامبو، وتثبت بما لايدع مجالا للشك صلاحية البيئة المصرية لنموه وإمكانية التوسع في زراعته.

هذا ما تؤكده الدكتورة مها فاروق، أستاذ ورئيس قسم بحوث الأشجار الخشبية السابق بمعهد بحوث البساتين، مشيرة إلى أن البامبو ينمو بشكل جيد جدا في مصر كلها، ونموه سريع، والجورة الواحدة في خلال حوالي 3 أو 4 سنين، يمكن أن تُعطينا حتى 20 عود بامبو، بسمك جيد يتراوح من 5 لـ 10 سنتيمترات تقريباً، وقد يزيد عن ذلك، كما أن إكثاره سهل، ومنذ نحو 20 عاما ونحن نزرعه بالعقل مثل القصب، بعد أن أثبتت ذلك رسالة دكتوراه تم إجرائها بقسم بحوث الأشجار الخشبية، نجاح هذه الطريقة، بعد أن كان يتم إكثاره في السابق من خلال أخذ جزء من الجذر.

وأشارت أستاذ الأشجار الخشبية إلى أن الاحتياجات المائية للبامبو تعتبر فوق متوسطة، ويمكن زراعته على جوانب المراوي، كما أنه أثبت نجاحا في زراعته على مياه الصرف الصحي، وفيما يتعلق بالتربة فإن كل أنواع التربة مناسبة لزراعته، وإن كانت التربة الأفضل هي التربة الطميية، وإن كان يمكن زراعته في التربة الرملية أيضا مع الاهتمام بريه، نظرا لأنها تفقد المياه بشكل أسرع.

وفيما يتعلق بمميزات نبات البامبو، أوضحت الدكتورة مها فاروق أنه يتميز بصفات طبيعية وميكانيكية جيدة، حيث يتميز بالمتانة والمرونة التي تجعله يتحمل الضغوط، وهو ما يجعلهم يستخدمونه في الخارج في الإنشاءات والتشييد، كما هو الحال في الهند والصين.

وبالإضافة إلى مميزاته في مجال التشييد، كما تضيف أستاذ الأشجار الخشبية، فإن صفاته جيدة جدا فيما يتعلق بدرجة نقاء السليلوز الناتج منه، وهو ما يؤهله لأن يستخدم في استخدامات وصناعات كثيرة، مثل صناعة الورق، وحتى عمل ما يعرف بـ"النانو سليلوز" الذي يدخل في صناعات كثيرة مثل عمل شرائح معينة، ومنسوجات.


مواضيع متعلقة