محمد الخضر حسين.. ذكرى ميلاد عالم دين تونسي جزائري تولى مشيخة الأزهر

محمد الخضر حسين.. ذكرى ميلاد عالم دين تونسي جزائري تولى مشيخة الأزهر
على الرغم من أن الشيخ الدكتور محمد الخضر حسين عالم دين تونسي من أصل جزائري، إلا أنه تولى مشيخة الأزهر عام 1952 بعد أن حصل على عضوية هيئة كبار العلماء، ثم استقال من منصبه بعد عامين في 7 يناير عام 1956، احتجاجاً على إلغاء القضاء الشرعي ودمجه في القضاء المدني.
ولد محمد الخضر حسين في مثل هذا اليوم 16 أغسطس بمدينة نفطة بتونس عام 1876م، ومن المعلومات المنسوبة إليه أن أصل أسرته من الجزائر، من عائلة العمري، من قرية طولقة ببسكرة، وهي واحة من واحات الجنوب الجزائري، وأصل أمه من وادي سوف بالجزائر أيضًا وأبوها هو الشيخ مصطفى بن عزوز وخاله الشيخ محمد المكي بن عزوز، ونشأ الشيخ في أسرة علم وأدب من جهتي الأب والأم، وكانت بلدة نفطة التي ولد فيها موطن العلم والعلماء، حتى إنها كانت تلقب بالكوفة الصغرى، وبها جوامع ومساجد كثيرة.
ونشأ الشيخ في هذه البيئة طالبًا للعلم فحفظ القرآن، ودرس العلوم الدينية واللغوية على يد عدد من العلماء منهم خاله الشيخ محمد المكي بن عزوز الذي كان يرعاه ويهتم به، وحاول الشيخ منذ سن الثانية عشرة أن يقرض الشعر، ثم برع فيه بعد ذلك.
ولما بلغ الشيخ سن الثالثة عشرة انتقل إلى تونس مع أسرته ودرس في جامع الزيتونة وهناك درس على خاله محمد المكي بن عزوز الذي كان له شهرة كبيرة بالجامع ويدرس فيه مجانًا، ودرس على يد مشايخ آخرين أبرزهم الشيخ سالم بوحاجب الذي كان من أعمدة الإصلاح في تونس، درس على يديه صحيح البخاري، وقد تخرج الشيخ في الزيتونة سنة 1316هـ/1898م، وألقى دروسًا في الجامع في فنون مختلفة متطوعًا ، وبقي كذلك مع حضور مجالس العلم والأدب المختلفة.
أنشأ مجلة "السعادة العظمى"، وهي أول مجلة عربية ظهرت في تونس، وكانت تصدر كل نصف شهر، ولم يصدر منها سوى 21 عددًا ثم انقطع صدورها، وقد كان الشيخ يكتب أغلب مقالاتها. ولي الشيخ قضاء بنزرت 1905م وقام بالتدريس في جامعها الكبير، وما لبث أن استقال وعاد إلى تونس وتطوع للتدريس في جامع الزيتونة، ثم أُحيل إليه تنظيم خزائن كتب الجامع، في 1325 هـ شارك في تأسيس الجمعية الزيتونية، وخلالها عين مدرسا رسميا بجامع الزيتونة، وقام خلال هذه الفترة بالتدريس والخطابة في الجمعية الخلدونية، فلفت الأنظار بسعة علمه.
رحل الخضر إلى الجزائر وزار أمهات مدنها، وألقى بها دروس مفيدة، ثم عاد إلى تونس، وإلى التدريس بجامعها، وقد حاولت في هذه الفترة السلطات الفرنسية ضمه إلى المحكمة الفرنسية فرفض بشدة، وفي سنة 1329 هـ وجهت له تهمة روح العداء للغرب وخاصة سلطات الحماية الفرنسية، فأحس الشيخ بأن حياته وحريته في تونس معرضة للخطر، فسافر إلى إسطنبول بحجة زيارة خاله بها، وبدأ رحلته بمصر ثم دمشق فإسطنبول، وعندما سمع بأن الأحوال هدأت بتونس عاد إليها عن طريق نابولي الإيطالية، لكنه وجد أن الأمر ازداد تعقيدا، فأزمع الهجرة نهائيا واختار دمشق موطنا ثانيا له، وخلاله رحلته مر بمصر والتقى بمشايخها الكبار الساكنين بها مثل الشيخ طاهر الجزائري ومحمد رشيد رضا والشيخ محب الدين الخطيب.
حصل على عضوية هيئة كبار العلماء برسالته "القياس في اللغة العربية" 1950م، ثم اختير شيخا للأزهر في 16 سبتمبر 1952م، واستقال في 7 يناير 1954م احتجاجاً على إلغاء القضاء الشرعي ودمجه في القضاء المدني، وتوفي في 13 رجب 1377 هـ /28 فبراير 1958م .
ومن مؤلفاته: رسائل الإصلاح، وهي في ثلاثة أجزاء، بلاغة القرآن، أديان العرب قبل الإسلام، الحرية في الإسلام، آداب الحرب في الإسلام، نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم، نقض كتاب في الشعر الجاهلي.