برلمان أردوغان يقر قانونًا مثيرًا للجدل لــ"خنق" مواقع التواصل

كتب: وكالات

برلمان أردوغان يقر قانونًا مثيرًا للجدل لــ"خنق" مواقع التواصل

برلمان أردوغان يقر قانونًا مثيرًا للجدل لــ"خنق" مواقع التواصل

أقر البرلمان التركي، في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، قانون تنظيم مواقع التواصل الاجتماعي المثير للجدل.

كانت لجنة العدل بالبرلمان التركى قد أعلنت، الجمعة الماضي، المصادقة على مشروع قانون لتقييد مواقع التواصل الاجتماعى فى تركيا، ووضعها تحت تحكم الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان، بما يجعل هذه المواقع عرضة للحجب حال عدم الامتثال لإزالة محتوى معين.

وحسب صحيفة «سوزجو» التركية المعارضة، فقد جرت المناقشات فى اللجنة حول مشروع القانون الذى لاقى معارضة شديدة له من كافة الأحزاب السياسية بالبرلمان، باستثناء «العدالة والتنمية» الحاكم، وحليفه حزب «الحركة القومية».

وأشارت الصحيفة إلى أن تمرير القانون من خلال لجنة العدل يأتى خطوة تمهد لإقراره بالجمعية العامة للبرلمان، وهو ما جرى اليوم وسط تزايد احتجاجات من المعارضة، والشعب التركى الذى يرفض فرض أي وصايا على حريته الشخصية.

 

أهم بنود قانون «أردوغان» لإحكام القبضة على مواقع التواصل الاجتماعي

كان أردوغان قد تقدم بمشروع ذلك القانون للبرلمان، الثلاثاء الماضى، إذ يطالب المنصات التى يتجاوز عدد مستخدميها المليون شخص يوميًا فى تركيا أن تؤسس مكتبًا أو تُعين ممثلًا قانونيًا عنها فى البلاد يكون مسؤولا من الناحية القانونية أمام السلطات التركية، وسيكون عليها أيضًا تخزين بيانات مستخدميها الأتراك على خوادم محلية موجودة فى تركيا، وفى حالة عدم الامتثال، سيتم خفض النطاق الترددى لنشاط الشركات على الإنترنت.

وينص القانون أيضًا على قبول الأفعال التي يجرّمها القانون التركي كجرائم أيضاً على مواقع التواصل، ومشاركة البيانات الشخصية لمرتكبيها مع الأجهزة الأمنية والقضائية. واشترط حزب العدالة والتنمية على الشركات حذف المنشورات المتعلقة بدعم الإرهاب والمتضمنة لخطاب الكراهية خلال مدة أقصاها 24 ساعة، تحت طائلة غرامة مالية تتراوح ما بين مليون و5 ملايين ليرة تركية.

وسيتعين على الشركات أو ممثليها الرد في غضون 48 ساعة على الشكاوى المتعلقة بالمشاركات التي تنتهك الخصوصية، وستكون الشركات مطالبة بتخزين بيانات المستخدم داخل تركيا.

وفي حالة عدم الامتثال، ستتمكن السلطات التركية من فرض غرامات باهظة تصل إلى 1.5 مليون دولار وعرض النطاق الترددي للمواقع لتضييق بنسبة تصل إلى 90% ، مما يجعلها غير قابلة للاستخدام بشكل فعال.

كما يمكِّن القانون المواطنين من طلب منع ارتباط أسماءهم ببعض المواقع التي تنتهك حقوقهم الشخصية، ما قد يمنع الوصول لبعض التقارير التي تتحدث عن فساد أشخاص في الحكم.

يتضمن القانون كذلك تعديلات على قانون تنظيم البث على شبكة الإنترنت، ومكافحة الجرائم التي ترتكب عن طريق النشر. وتمنح التعديلات المقترحة هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التركية سلطة إجراء فحص أو إصدار أمر بذلك في مكان الحدث، إذا اقتضت الضرورة، للتحقق من مزودي الشبكات الاجتماعية، وسيساعد الهيئة في عملها قوات إنفاذ القانون وموظفي المؤسسات العامة الأخرى.

وبحسب التعديلات المقترحة يجب أن يقوم مزودو الشبكات الاجتماعية بنشر معلومات الاتصال الخاصة بمستخدميها على المواقع الإلكتروني بطريقة يمكن الوصول إليها مباشرة، كما سيكون بمقدور هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصال التركية من خلال اللجوء إلى محاكم الصلح والجزاء في البلاد تقليل عرض النطاق الترددي لحركة المرور على الإنترنت لمزود الشبكة الاجتماعية بنسبة 59%، إذا لم يقم بتحديد ممثل له، وإخطار الهيئة عنه. وبالإضافة إلى ذلك، إذا لم يقم مزود الشبكة بتعيين ممثل له خلال 30 يوما رغم القرار الصادر عن محكمة الصلح والجزاء، فسيتم تخفيض النطاق الترددي لحركة مرور الإنترنت له بنسبة 95%. وتلزم التعديلات المقترحة مزود الشبكة الاجتماعية بالرد على الطلبات المقدمة من قبل الأشخاص بخصوص المحتويات، على أن يكون هذا الرد في غضون 72 ساعة على أقصى تقدير. وإذا لم يرد، فسيغرم ما بين 100 ألف إلى مليون ليرة، كما أن مزود تلك الشبكات سيكون ملزما بتقديم تقارير إلى الهيئة بشأن الطلبات المقدمة إليه.

ويطالب مشروع قانون أردوغان بأن تستجيب الشركات لطلبات وأوامر المحاكم التركية بإزالة المحتوى الذى يعتبره المسؤولون غير قانونى، فى غضون 48 ساعة، أو مواجهة غرامة تصل إلى 30 مليون ليرة (4.4 مليون دولار)، إضافة إلى مطالب مثل السماح لفتح الحسابات بالهويات الحقيقية فقط، إلى جانب "اضطرار منصات التواصل الاجتماعى لتقديم تقرير إلى الدولة كل ثلاثة وستة أشهر حول مدى انصياعها لقراراتها وحذفها المحتويات المطلوب حذفها، وتنفيذها حظر الولوج إلى محتويات معينة.

ونصت مسودة القانون كذلك على أنه عند إرسال شتى القرارات إلى منصات التواصل الاجتماعى إلكترونيا سيتم اعتبار هذا الأمر بلاغًا رسميًا، ولن تكون هناك حاجة إلى تقديم بلاغ مكتوب.

أبرز الانتقادات المعارضة للقانون :

من جانبها انتقدت أحزاب المعارضة التركية قانون مواقع التواصل الاجتماعي معتبرة أن القانون يهدف لإغلاق آخر قنوات المتاحة لانتقاد النظام التركي وحكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وانتشر وسم «لا تلمس حسابي بمواقع التواصل الاجتماعي» على وسائل التواصل الاجتماعي في تركيا، وتفاعل معه قادة المعارضة التركية وشاركوه على حساباتهم، منهم زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي بالبلاد «كمال كليتشدار أوغلو»، وزعيمة حزب «الخير» ميرال أكشينار، والمرشح السابق للرئاسة التركية «محرم إينجه».

وكان المرشح السابق للرئاسة التركية، محرم إنجه، قد قال في سلسلة تغريدات عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، «ليس لدينا المزيد من القنوات للتعبير عن أنفسنا سوى وسائل التواصل الاجتماعي، فالصحف والتلفزيونات تحت سيطرة الحكومة. هناك قنوات تقوم بدعوتي وتقول لي أن أنتظر في الاستوديو حتى يتصلوا برئيس حزب العدالة والتنمية. وسائل الإعلام في الساحة التي فقدت كرامتها وتراجع تصنيفها وتداولها لأنها لا تنفصل عن السلطة، لأن نفوذها أضعف ولا يستهوي الشباب. لهذا السبب، يتحدث عن تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي ووضع وسائل التواصل الاجتماعي تحت السيطرة. أيمكنه فعلها؟ لا يستطيع الحصول على النتيجة التي يريدها لكنه سيحاول».

وتابع: «يعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي مثل المؤسسات الإعلامية التي سيطر عليها بالقرض الذي قدمه من البنك العام. الوضع ليس هكذا. تحولت أجهزة الإعلام التي تحولت إلى أجهزة سلطة تقوم بأنشطة العلاقات العامة للحكومة. كما أقول دائمًا، إذا لم تكن الصحافة حرة في بلد ما، فلا أحد حر. إذا كانت الحكومة تقيد حرية الصحافة، فاعلم أنها لا تثق بنفسها، فهي لديها مخاوف. حرية الصحافة والشفافية هي أهم عامل للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في أي بلد. إذا دمرت الشفافية، وحرية الصحافة، ودولة القانون، والديمقراطية، فلا يمكنك استعادة الاقتصاد، ولا يمكنك زيادة الازدهار، ولا يمكنك توزيع الدخل بشكل عادل. عندما ترتكب خطأ، تفقد صوت أولئك الذين يقولون إنك تخطئ، وتستمر في ارتكاب الأخطاء».

وأضاف إنجه: «إذا ألغيت الشفافية، ولم تقم بتشغيل قواعد السوق الحرة، واتخذت قرارات ستؤدي إلى تصور اقتصادي مضبوط، فسوف تخيف المستثمرين وتؤدي إلى تقييمات سلبية لهذه المنظمات والعواقب السلبية التي سيسببها ذلك في أسواقنا المالية. الخلاصة لا يمكنك أن تمس وسائل التواصل الاجتماعي».

فيما اعتبر نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري أونورسال أديجوزال، في تصريحات لصحيفة «سوزجو» التركية المعارضة، أن قانون مواقع التواصل الاجتماعي هو محاولة لمحو تاريخ حزب العدالة والتنمية الأسود من الذاكرة الجماعية، كما أنه يشكل انتهاكا لخصوصية البيانات الشخصية وحرية التعبير، وحرية الوصول إلى المعلومات.

وأضاف أديجوزال أن أحد بنود القانون الجديد تتيح رفض الوصول إلى قضايا الفساد التي تورط بها حزب العدالة والتنمية، ومحو الحديث عن علاقاته السابقة بمنظمة فتح الله جولن، مشيرا إلى أنه يعد تبييضًا لفساد أعضاء العدالة والتنمية.

واقتصاديًا، لفت المعارض التركي إلى أنه عندما يتم تقييد الوصول لإحدى منصات التواصل الاجتماعي، فإن أصحاب المشروعات في تركيا الذين لديهم إعلانات ممولة بها، سيتضررون بعد تقييد الوصول إليها مما يكون له مردودًا اقتصاديًا سيئًا على التجارة الالكترونية في البلاد أيضًا.

ومن جانبه، قال النائب البرلماني بحزب الشعوب الديموقراطي الموالي للأكراد جارو بيلان، أن تمرير هذا القانون بحكم الأغلبية الحاكمة في البرلمان، يعد قطعًا لآخر صوت للمعارضة وكتم آخر أنفاسها، وتدمير أهم مكان للدعايا التجارية والسياسية في البلاد.

وبحسب التقييم السنوي للحريات الأساسية الخاص بالعام الحالي (2020) الصادر عن منظمة «فريدوم هاوس» الحقوقية الأميركية، تراجعت تركيا 31 نقطة في غضون 10 سنوات، لتأتي بعد بوروندي التي تراجعت بـ32 نقطة ولتكون صاحبة أكبر تراجع خلال العقد الماضي.

وصنف التقرير تركيا على أنها دولة «غير حرة» للعام الثاني على التوالي، لتنضم بذلك إلى 49 دولة أخرى من أصل 195 تم تقييم أوضاع الحريات فيها. واحتلت تركيا المرتبة الثالثة عالميا من حيث استخدام تطبيق «في بي إن» للدخول إلى المواقع المحجوبة أو من أجل تغيير موقع المستخدم بشكل افتراضي، متقدمة على عدد من الدول مثل الصين.

وقالت مديرية الأمن العام التركية، في بيان الجمعة، إنها تنظم «دوريات إلكترونية» تعمل على مدار الساعة لمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي، وأنه يتم تعقب جرائم إهانة مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، وإهانة رئيس الجمهورية. كما سيتم بدقة على مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت، تتبع المنشورات الهادفة لخلق تصور غير واقعي من خلال استهداف الأفراد والمؤسسات، والمنشورات التي تدعم أنشطة وسائل التواصل الاجتماعي للمنظمات الإرهابية وغير القانونية، والمحتويات التي تثير الانفعال في المجتمع.

 

أسباب غضب أردوغان من مواقع التواصل الاجتماعي

ويأتى إقرار مشروع القانون بالتزامن مع تعهد كان قد أطلقه الرئيس التركى رجب طيب أرودغان، فى وقت سابق، بالسيطرة على مواقع التواصل بعد مزاعم عن تعرض أسرته لما وصفه بالإهانات.

وكان أردوغان شن هجومًا حادًا على مواقع التواصل الاجتماعى فى مطلع يوليو الجارى، ووصف هذه المنصات بـ «اللا أخلاقية»، متعهدًا بتمرير تعديلات قانونية من البرلمان لفرض الرقابة والسيطرة على مواقع التواصل الاجتماعى، بل إغلاقها بالكلية، بعدما تعرضت عائلته لانتقادات واسعة على الإنترنت، تتناول ابنته إسراء وزوجها بيرات البيراق، الذى عينه أردوغان وزيرًا للخزانة والمالية.

وطالما أعرب أردوغان عن استياءه ونفوره من وسائل التواصل الاجتماعى طوال سنوات حكمه، معتبرًا أنها «سكين قاتل»، ووعد سابقًا بـ«القضاء على تويتر»، إذ أنها من منصات المعارضة التركية التى تلاحقها سلطات أردوغان بالسجن والاعتقالات.


مواضيع متعلقة