ماذا تعلمنا من كوفيد..؟!
أفضل ما فى الأزمات أنها سبيل لا مثيل له للتعلم واكتساب الخبرات.. هذه حقيقة لا شك فيها ولا ينكرها أحد.. ولا ينبغى أن تغيب عن الأذهان تحت أى ظرف..!
لم يعانِ العالم الحديث مثلما عانى من أزمة كوفيد.. أكثر من ستة أشهر، ونحن نترقّب هذا الفيروس اللعين الذى لا يُرى بالعين المجردة وهو يحصد الأرواح ويضغط على الأنظمة الصحية دون هوادة.. حتى شارفت الأزمة على النهاية كما يبدو..!
الأمور تتّخذ طريقها إلى الهدوء بالفعل.. كل ما حولنا يشير إلى ذلك بوضوح.. لقد مرّت الذروة كما صرحت وزارة الصحة فى تصريحات رسمية منذ عدة أيام.. شهادات الزملاء من الأطباء تؤكد أن عدد الحالات لم يعد كما كان.. المستشفيات لم تعد تعانى من ضغط متزايد كما كان يحدث فى الشهور السابقة..!
الكثير من مستشفيات العزل سجلت صفر إصابات.. بل إن بعضها قد أغلق أبوابه بالفعل وعاد لممارسة عمله الطبيعى فى مكافحة الأمراض الأخرى..!
كل الأخبار تفيد بأن الوباء ينحسر.. عدد الإصابات الرسمية ينخفض كل يوم عن اليوم الذى يسبقه.. والأهم أن عدد الوفيات ينخفض يوماً بعد آخر.. هناك توقعات بالوصول إلى رقم صفر إصابات فى سبتمبر المقبل.. لا تأكيد على ذلك حتى الآن، لكننا نأمل فيه وبشدة..!
الحياة تعود تدريجياً يوماً بعد آخر.. ماراثون اللقاحات يسير جيداً.. الإنجليز يصنعون ضجيجاً أكثر من غيرهم بلقاح جامعة أكسفورد الذى اقترب من خط النهاية.. لكن الأمر لم يتوقف عندهم، فهناك لقاحات أخرى واعدة، مثل لقاح مودرنا الأمريكى وغيره..
يتحدّث البعض عن موجة أخرى فى الشتاء المقبل.. يخبرنا بذلك علماء الوبائيات.. ويؤكده التاريخ الذى رصد الأمر فى زمن الإنفلونزا الإسبانية.. لكن الأمر لم يعد مفاجأة.. سيكون اللقاح قد ظهر بكل تأكيد.. باختصار لن نتعرّض لهذه الأزمة مرة أخرى..!
المشكلة أن الكثيرين أطلقوا زفرات الارتياح باجتيازنا تلك الأزمة بأقل مستوى من الخسائر.. وهذا صحيح بالفعل.. فأداء الحكومة فى تلك الأزمة كان متميزاً.. وما تم بشأن التعامل مع تبعاتها على كل المستويات ينبغى تثمينه.. ولكن أيضاً وبكل تأكيد كان هناك الكثير من السلبيات التى لم يحاول أحد أن يرصدها ويقيمها حتى الآن.. على الأقل لنتلافى تكرارها فى الأزمات المقبلة..!
ينبغى أن يتم تحليل وتقييم كل ما تم من إجراءات من الحكومة بشكل عام، ومن وزارة الصحة بشكل خاص.. تحليل تقوم به لجنة محايدة يختارها الرئيس بنفسه.. وتقوم تلك اللجنة بوضع تقرير مفصّل أمام الحكومة والرئيس ومجلس النواب..!
ينبغى أن نقيّم كل ما تم خلال الشهور السابقة.. ما نجحنا فى تحقيقه وما أخفقنا فيه.. بل وما ينبغى عمله لنتجنب أى إخفاق حدث..!
اللجنة ينبغى اختيارها من خبراء فى كل المجالات وليس الصحة وحدها.. وينبغى أن تكون مستقلة تماماً عن الحكومة لتحظى بالشفافية المطلوبة..!
إن الشّكل الجديد للدولة المصرية ينبغى أن يشتمل على وسائل أكثر تطوراً لتقييم كل ما يحدث.. وما حدث فى أزمة كوفيد ينبغى ألا يمر إلا بعد أن نتعلم منه الكثير.. ونواجه أنفسنا بكل ما وقعنا فيه من أخطاء وما حققناه من إنجازات..!
تلك المواجهة ستفيد الجميع دون شك.. وستعين كل متخذى القرار على تجنّب أى سلبيات خلال الفترة المقبلة..!
ينبغى أن نصر على التعلم من أزمة كوفيد كل ما يمكن أن نتعلمه.. على الأقل لنتجنّب أن نعانى مرة أخرى من كل هذا العذاب.. أو هكذا أعتقد..!
