"الوطن" ترصد تفاصيل 11 يوما من البحث عن جثمان غريق بلطيم

"الوطن" ترصد تفاصيل 11 يوما من البحث عن جثمان غريق بلطيم
- كفر الشيخ
- غريق بلطيم
- مصيف بلطيم
- مدينة مصيف بلطيم
- الطالب نور سعد كلش
- الطالب الغريق
- كفر الشيخ
- غريق بلطيم
- مصيف بلطيم
- مدينة مصيف بلطيم
- الطالب نور سعد كلش
- الطالب الغريق
في مساء يوم الخميس الموافق التاسع من يوليو الجاري، استقل نور الدين سعد كلش، الطالب بكلية الهندسة، والمقيم بقرية الرغامة التابعة لمركز الرياض بمحافظة كفر الشيخ، سيارته متوجهًا الى مدينة مصيف بلطيم، التي تبعد نحو 40 كيلو مترًا عن منزله، عندما علم بوجود شقيقه "إبراهيم" هناك.
وحينما وصل "نور الدين" للمدينة وجد بعض أفراد الأمن الإداري على البوابة الرئيسية بالمدينة، محاولين منعه، لكن محاولاته نجحت ودخل بسيارته من تلك البوابة.
دخول "نور" بسيارته ينفي رواية رئيس المدينة للحادث
تفاصيل كثيرة حدثت في هذه الليلة صبيحة يوم الجمعة، التي لقى فيها ربه غارقًا بأحد الشواطئ، لتبدأ رحلة البحث بعد قرابة 3ساعات من الغرق، "قعدوا 3 ساعات كاملة محدش دور عليه، أنقذ أخوه إبراهيم والأمواج جرفته داخل البحر، وأخوه على مافاق كان نور غرق، ومكانش فيه أي حد من الإنقاذ، واللافتات التحذيرية ما كانتش موجودة على الشواطئ"، بهذه الكلمات سردت أميرة الشبعان، خالة الغريق بداية القصة.
دخول الطالب بسيارته الخاصة، نفى تمامًا رواية محمد رجب إمام، رئيس مدينة مصيف بلطيم، حول تسلله الساعة الخامسة فجرًا من الحد القبلي لمصيف بلطيم، من بين الجبال والرمال، الى الشاطئ، ليتهرب من تحرير محضر له، فلقى مصرعه غرقًا، مضيفًا أنه جرى إنقاذ شاب كان برفقته وعمل الإسعافات الأولية له وتحسنت حالته.
وذكر رئيس المدينة أنه على الفور جرى الدفع بـ7 فرق إنقاذ من بينهم أفراد من الأمن الإداري لهم خبرة فى مجال الإنقاذ، للبحث عن جثمانه، مشيرًا الى أن الظهير القبلي للمصيف كله عبارة عن جبال ورمال ولا يوجد بينه وبين الشواطئ سور، ولا تستطيع أي شركة تأمين أن تؤمن هذا الظهير لأنه عبارة عن جبال ورمال.
أم الغريق: نفسي أحضنك وادفنك جنبي علشان أزورك
وظل العشرات من أهل الطالب الغريق، متواجدين على الشواطئ طوال 11 يومًا إلى أن عثروا عليه، مساء اليوم الاثنين، وكانت أعينهم تتعلق بالسماء وأخرى بالبحر، يناجون الله أن يخرج جثمانه ليطفئ نارهم، وينظر والداه إليه نظرة الوداع، فيما اتشحت سيدات وفتيات بالسواد، وأخريات كن يبكين وينادين عليه وكأن شخصًا تركهم وأبى الرجوع اليهم.
"يانور اطلع ياحبيبى، نفسى اشوفك آخر مرة واضمك لحضني للمرة الأخيرة وأدفنك جنبى علشان أزورك"، كلمات كانت ترددها والدته أسماء الشبعان، تارة، ويغش عليها تارة أخرى، وتلتف حولها السيدات والفتيات على ألسنة الشاطئ، يحاولن تهدئتها.
خالة الطالب: كان بيودعنا قبل الغرق بيوم وكأنه رايح لأجله
أميرة الجديلي، إحدى قريبات الغريق، تروى بدموعها التي لم تنقطع قصة غرق الطالب، قائلة "نور كان جاي يجيب أخوه وأصحابه من المصيف، ولقي أخوه إبراهيم بيغرق، نزل ينقذه والأمواج حدفته، حاول يستغيث مكنش فيه حد موجود، وراح نور وبقالنا 4 أيام قاعدين على الشاطئ مش بنروح، أمه هتموت، دا أول فرحتها، شاب زى الورد كان وش موت فعلًا، كل اللي إحنا طالبينه، جثمانه يخرج، مفيش غطاسين متخصصين، للبحث عنه".
وقالت خالة الغريق، التي اتشحت بالسواد "ابني راح، ومش عارفين هو فين، كان جاى يخد أخوه وراح لقدره، نور كان مؤدب وبيحب كل الناس، كان بيودعنا كلنا قبل ذهابه بيوم، لو كنت أعرف كنت خدته في حضني، مفيش فرق إنقاذ ولا لافتات تحذيرية على الشواطئ تقول ممنوع النزول زي كل مصايف المحافظة، المحافظة لم تتحرك في البداية، واحنا بنموت، عاوزين جثة ابننا".
راندا كلش.. استعنا بغطاس متخصص ولم يساعدنا أحد
راندا كلش، إحدى قريبات الغريق، اتهمت المحافظة بالتقصير لعدم الدفع بغواصين متخصصين للبحث عن جثمان الغريق، "مستنيين إيه، يعملوا زي محافظ الاسكندرية، متحركش غير لما طلعت الجثث، سخر إمكانيات المحافظة لحين استخراج الجثث، محافظنا لم يتحرك، كل اللي عمله دفع بفرق إنقاذ غير متخصصة، نفسنا ندفن ابننا، احنا استعنا بغاطس متخصص من الإسكندرية وعلى وصول ، لكن محدش ساعدنا".
الأب: دموعنا جفت وعارفين إن ربنا مش هيخذلنا
وبجلباب يقف سعد كلش، والد نور، على الشاطئ، تتعلق عيناه بالبحر، لم يستطع الحديث، "هتكلم أقول إيه، كل الكلام خلص، دموعنا جفت من الحزن على ابني الكبير، أيام بنقول يارب، تسلحنا بالدعاء وعارفين إن ربنا مش هيخدلنا، لكن فى تباطئ فى الإجراءات من قبل المحافظة والمسؤولين، كل اللى احنا عاوزينه، جثة ابننا، نور كان كأى يخدم ابراهيم اخوه، مكنش فى نيته التنزه ولا تسلل زى ما قالوا".
ندى كلش، إحدى قريبات الغريق، تؤكد إنهم يحاولون الاستعانة بالغواصين المتخصصين على حسابهم الخاص من أجل استخراج الجثمان، "بنكلم الناس علشان نطلع جثة ابننا، نفسنا نبرد نارنا، عارفين إنه شهيد لكن نفسنا نودعه، الأطفال بتبكي عليه قبل الكبار، حرام عليهم عاوزين ابننا، لو ابن المحافظ كان اتحرك من الأول".
وفي الثالث عشر من أغسطس، بدأ الغطاس المطوع إيهاب المالحي، البحث عن جثمان الغريق، لأيام متتالية دون نتيجة، بسبب إرتفاع الأمواج، تلاه وصول فريق من الضفادع البشرية التابعة للمنطقة الشمالية العسكرية، لمدينة مصيف بلطيم، وظل يبحث عن الجثمان ليومين متتالين، ولم تتوقف جهود بحث الأهالي على الشواطئ طوال هذه الفترة.
كما دفعت المحافظة بفرق من المنقذين للبحث عن الجثمان، في الوقت الذي زار اللواء جمال نور الدين، محافظ كفر الشيخ، يرافقه عمرو البشبيشي، نائب المحافظ، أسرة الشهيد الغريق على الشاطئ، مؤكدًا استمرار جهود البحث.
وفي السادس عشر من يوليو الجاري، وصل طاقم طائرة استكشاف "ريسك واي"، وذلك لتمشيط مياه البحر بشواطئ بطول 11 كيلو مترًا، لكنه لم يعثر على الجثمان، في الوقت الذي أعلنت فيه المحافظة عبر صفحتها الرسمية على "فيس بوك" العثور على الجثمان، ثم تراجعت بعد دقائق وحذفت الفيديو والتعليق.
واستمرت محاولات البحث عن الغريق، لكن أمواج البحر عاندت تلك المحاولات، وظل ذووه يقيمون بالمدينة رافضين الذهاب لمنازلهم قبل العثور على جثمان نجلهم، إلى أن عُثر عليه مساء اليوم "محشورًا بين الصخور الأسمنتية"، وجرى إخراج الجثمان وإيداعه مشرحة مستشفى البرلس المركزي، تمهيدًا لإجراء تحليل للتأكد من أن الجثمان للغريق، بسبب تحلله وعدم ظهور أي ملامح له.