في ذكرى مولده: الإمام البخاري.. صاحب الصحيح وأعلم أهل الأرض بالسنة

كتب: سعيد حجازي

في ذكرى مولده: الإمام البخاري.. صاحب الصحيح وأعلم أهل الأرض بالسنة

في ذكرى مولده: الإمام البخاري.. صاحب الصحيح وأعلم أهل الأرض بالسنة

أنزل الله تعالى الوحي على نبيه المصطفى وحبيبه المجتبى، وتكفل بحفظه؛ فقال سبحانه «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون»، وأخبر سبحانه أن كل ما ينطق به رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فهو وحي يوحيه الله إليه، فكانت السنة النبوية بذلك جزءا من الوحي المنزل على النبي المرسل.

وأخبر النبي أن الله تعالى، آتاه السنة كما آتاه القرآن؛ فروى الإمام أحمد، وأبو داود، والمروزي في "السنة"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"، وابن حبان، والطبراني، وغيرهم، من حديث المقدام بن معديكرب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه»، وفي لفظ: «ألا إني أوتيت الكتاب وما يعدله».

وقام المسلمون بتوثيق السنة النبوية أعظم ما وثقت به البشرية في تاريخها سيرة نبي أو عالم أو رئيس أو متبوع؛ أقوالا وأفعالا، وأوصافا وأحوالا، حتى أبدع علماء المسلمين قواعد التوثيق وقوانين المصطلح في أدق منهج علمي توثيقي تمحيصي للأسانيد والمتون، فابتكروا في فنون مصطلح الحديث وأنواع علومه نحوا من مائة علم لنقل السنة النبوية الشريفة وتوثيقها رواية ودراية

ومن أعظم الجهابذة والعباقرة الذين أنجبتهم مدرسة أهل الحديث في الإسلام، الإمام الحافظ المحدث الفقيه اللغوي المجتهد أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، صاحب صاحب "الصحيح"، والذي تحل ذكري مولده اليوم ، حيث ولد 20 يوليو 810 م الموافق 13 شوال 194 هـ 

تقول دار الإفتاء المصرية، في تقرير لها: "البخاري هو زين هذه الأمة، وأمير المؤمنين في الحديث، وأستاذ أهل الصنعة الحديثية، وإمام أئمة أهل الحديث في القديم والحديث، وكان إماما حافظا فقيها واعيا؛ بهر أهل عصره ومن جاء بعدهم بحفظه وفهمه النافذ وبصره الناقد في علوم الحديث، وقد وصف بالحفظ من صباه وصغره".

وصرح علماء المسلمين وأئمتهم عبر القرون بأن الإمام البخاري قد بلغ الغاية في حفظ الحديث وفهم علله، وأنه جمع إلى معرفة الأسانيد التفقه في المتون، وأنه علم من كبار علماء الحديث رواية ودراية، وأنه كان إمام زمانه، ولم ير فيه مثل نفسه، والذين شهدوا له بذلك إنما هم أئمة المحدثين وهم أهل الشأن وأصحاب الصنعة وأرباب التخصص ومن إليهم المرجع في تقويم الرجال وتقدير مكانتهم وأهليتهم في علوم الحديث وفنون الرواية؛ حيث شهدوا له بالإمامة والتفرد في علوم الحديث، وقدموه على أنفسهم في ذلك، وشهدوا بأنهم لم يروا مثله في علم الحديث والأهلية والفهم فيه.

فيقول عنه إمام الأئمة أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وهو إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة، كما يقول الحاكم في "المستدرك" (1/ 593، ط. دار الكتب العلمية)- يقدم الإمام البخاري في علم الحديث على كل من رآهم من علماء عصره؛ فيقول: ما رأيت تحت أديم هذه السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري

ونقل الحافظ أبو الفضل بن طاهر المقدسي، إجماع أهل الحديث قاطبة في عصر الإمام البخاري على تقدمه عليهم؛ فقال بعد ذكره كلام ابن خزيمة السابق «وحسبك بإمام الأئمة ابن خزيمة يقول فيه هذا القول مع لقيه الأئمة والمشايخ شرقا وغربا، ولا عجب فيه؛ فإن المشايخ قاطبة أجمعوا على قدمه، وقدموه على أنفسهم في عنفوان شبابه، وابن خزيمة إنما رآه عند كبره وتفرده في هذا الشأن».

وقال الإمام الدارمي الحافظ: قد رأيت العلماء بالحرمين والحجاز والشام والعراقين، فما رأيت فيهم أجمع من أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري.

وقال الإمام أبو عيسى الترمذي الحافظ: لم أر أحدا بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل.وقال الإمام أبو علي صالح بن محمد الحافظ: ما رأيت خراسانيا أفهم منه.

وقال أبو عمر سليم بن مجاهد بن بعيش البخاري: ما رأيت بعيني منذ ستين سنة أفقه، ولا أورع، ولا أزهد في الدنيا، من محمد بن إسماعيل، وقال أيضا: "لو أن وكيعا، وابن عيينة، وابن المبارك، كانوا في الأحياء لاحتاجوا إلى محمد بن إسماعيل".

وقال الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، في تقرير آخر علي موقع الدار: "الطاعنون في الإمام البخاري لا هم من أهل التخصص والعلم بالحديث وفنونه وأسانيده ومتونه، ولا هم أحالوا في طعنهم هذا على منهج علمي معياري بديل يمكن الرجوع إليه، ولا يخفى أن في الطعن في الناقل طعنا في المنقول، ولذلك كثف أعداء الإسلام عبر القرون محاولاتهم اليائسة للطعن في نقلة الحديث النبوي ورواة السنة النبوية الشريفة، يريدون التوصل بذلك إلى الطعن في السنة وإسقاط المصدر الثاني للشريعة

اضاف: الطعن في الإمام البخاري إمام أهل الصنعة الحديثية: طعن في المعيار الذي انطلق منه أئمة أهل الحديث واعتمدوه، وبنوا عليه هذه الشهادة في بيان علم الإمام البخاري وإمامته، وعلو شأنه ومكانته، وهذا طعن في المنظومة العلمية الحديثية التي صرح الأئمة بتقدمه فيها؛ فإن الطاعنين في علمه وأهليته لا يعنيهم شخصه وإنما يريدون وصفه، ويقصدون إلى القدح في إمامته وأهليته الحديثية التي صرح الأئمة بتقدمه فيها، وهذا يئول إلى الطعن في المصدر الثاني للشريعة الإسلامية بعد القرآن الكريم وهو السنة النبوية الشريفة، ثم هو خروج عن إجماع المسلمين عبر القرون على تقديم الإمام البخاري وإمامته في علوم الحديث الشريف

 


مواضيع متعلقة