مصالحات الأزهر.. وثيقة حية لمفهوم المدنية والمواطنة
إنهاء 150 مصالحة آخرها بـ"أبوتشت" استمرت 10 سنوات وأوقعت 17 قتيلا
![شيخ الأزهر](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/17512681901583222572.jpg)
شيخ الأزهر
تعد لجنة المصالحات العليا أحد مخرجات الأزهر الشريف وعطاءاته تجاه المجتمع المصرى بكل فئاته.
البداية كانت عام 2014 بقرار من الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، لإنشاء اللجنة لإنهاء الخصومة الثأرية الشهيرة التي وقعت بين قبيلتي الدابودية والهلالية في مدينة أسوان، وأصبح للجنة العليا أعضاء من وزارات التضامن الاجتماعي، والحكم المحلي، والداخلية، وصار لها متحدث إعلامي.
وحتى الآن، تم إنهاء أكثر من 150 مصالحة على مستوى الجمهورية منذ إنشاء اللجنة العليا حتى يومنا هذا، آخرها مصالحة كانت بمدينة أبوتشت بمحافظة قنا، لخصومة استمرت لأكثر من 10 سنوات وقع خلالها 17 قتيلا بين الطرفين.
وفي ظل جائحة كورونا، لم يتوقف عمل اللجنة ونشاطها، وقامت بتسوية في نهاية الشهر الماضي بمقر المشيخة بين أطراف نزاع من محافظة بني سويف، وتم قبول حكم اللجنة وتم الصلح بينهم بسلام.
"صوت الأزهر"، الصادرة عن المشيخة، نشرت تقريرا عبر بوابة الأزهر الرسمية أكدت فيه أن اللجنة تعد وثيقة أزهرية حية على أرض الواقع عن مفهوم المدنية والمواطنة بكل معانيها.
وتعد لجنة المصالحات الممثل الشرعي للجنة المصالحات العليا بمشيخة الأزهر الشريف، وتفوض اللجنة في التواصل مع أطراف النزاعات والخصومات الثأرية، ولها فروع في المحافظات.
كما تقوم اللجنة بالتنسيق التام مع الجهات التنفيذية والأمنية حتى إنهاء الخصومة، ويحظر على أعضاء اللجنة التواصل مع أي وسيلة إعلامية أو نشر أخبار بمواقع التواصل فيما يتعلق بهذه المصالحات إلا بعد التنسيق مع اللجنة العليا بالمشيخة.
وتشكل اللجان الفرعية بالمحافظات من وكلاء الوزارة بالمناطق الأزهرية ومديري مناطق الوعظ، وبعد اللقاءات التي تقوم بها اللجان الفرعية مع أطراف النزاع تقوم برفع تقارير للجنة العليا بالمشيخة، والتي ترفع بدورها إلى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.
ويعد الهدف من إنشاء اللجنة العليا للمصالحات الثأرية وفروعها بالمحافظات هو منع العنف وإيقاف نزيف الدم بين الأطراف المتنازعة دون التدخل في المسار القانوني، كما تنسق اللجنة العليا ولجانها الفرعية مع كل من الجهات الأمنية وتستعين بنواب الشعب والوجهاء والناشطين في مجال المصالحات في المحافظات.
ولا تقتصر أعمال لجنة المصالحات على فئة من الشعب دون الأخرى، بل يتم التنسيق مع كل الجهات في الوطن، وتهتم باللحمة الوطنية، وتقوية النسيج الوطني، كما تقوم بالتنسيق مع بيت العائلة المصرية إذا كان في النزاع بعض الإخوة المسيحيين، موضحا أن ثقة الناس في الأزهر الشريف وعلمائه شجعت الكثير من أصحاب الخصومات والمنازعات على إرسال عشرات الرسائل تطالب بإنهاء هذه الخصومات فيما بينهم.
بدوره قال الدكتور محمود الهواري، مدير عام شئون هيئة كبار العلماء، مقرر اللجنة العليا للمصالحات: اعتمد الأزهر الشريف على آليات متنوعة، ومن خلال التحامه بالناس، ومعايشة همومهم؛ لمحاولة الوصول إلى معالجة الأفكار المنحرفة، والمفاهيم المغلوطة، ولتغيير القناعات الزائفة، وللم شمل الأسرة، والحد من الهدر في العنصر البشري من الأطفال والشباب، ومنع حمامات الدم، من خلال قطاعاته الكثيرة، وآلياته المتنوعة، ومنها هذه اللجنة التي تسعى للحفاظ على العنصر البشري من أن تنتهك حرمته.
وبين أن الأزهر بهذه اللجنة ومثيلاتها يعمل على تأكيد معنى المواطنة الذي يقتضي المساواة، والتعايش، والمشاركة، وكثير من المعاني الطيبة، والأزهر يقر المواطنة الكاملة، بكل ما يحمله المصطلح من مضامين، فالمواطنة الكاملة هي تلك التي تسوي في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد، وهي حق أصيل لجميع مواطني الدولة.
وأشار إلى أن الأزهر قد تبنى هذا المعنى الطيب، وأقره في مؤتمر عالمي، وعمل على ترجمته من خلال عمل لجنة المصالحات، التي تقر من خلال عملها بحق كل إنسان في الحياة، والأمن، والسعي لكسب الرزق، والتعلم، وهذه الأبواب مهددة بجريمة الثأر التي تغلق كل هذه الأبواب، وتعوق سير الوطن نحو التقدم، وتمنع الناس الرقاد، وإذا كان الأزهر الشريف يكشف الأفكار الزائفة، فإن عادة الثأر، وحب الانتقام من الأفكار الزائفة والمغلوطة التي لا تناسب المجتمعات المتحضرة التي تؤمن بحرمة النفس، في ضوء تعاليم السماء.
وعمل الأزهر الشريف على معالجة هذا من خلال اللجنة بما تعمل عليه من الحملات الدعوية والتوعوية، والدورات والبرامج التدريبية، ولجان المصالحات، ولم الشمل، والوفاق الأسري، والزيارات الميدانية، والالتقاء بالشباب والحوار معهم، والإفادة من وسائل التواصل الحديثة في هذا المقام، إن اللجنة العليا للمصالحات بأنشطتها تؤكد كرامة النفس المعصومة، وضرورة صيانة البناء الأسري؛ باعتباره النواة الأولى في المجتمع المتماسك.