أسباب براءة متهم في مذبحة كرداسة: التحريات ليست دليلا

كتب: هيثم البرعي

أسباب براءة متهم في مذبحة كرداسة: التحريات ليست دليلا

أسباب براءة متهم في مذبحة كرداسة: التحريات ليست دليلا

فصلت محكمة جنايات أمن الدولة العليا أسباب حكمها ببراءة المتهم عمرو صلاح محمد في قضية اقتحام مركز شرطة كرداسة، التي وقعت أحداثها يوم 14 اغسطس 2013، بالتزامن مع فض اعتصامي جماعة الاخوان الإرهابية، المسلحين، برابعة العدوية والنهضة.

وقالت المحكمة إن أهم ما يقوم عليه الإثبات الجنائى هو ضرورة وصول إلى اليقين للحكم بادانة المتهم، فإذا لم يصل إلى هذا اليقين تعين عليه أن يحكم بالبراءة، واليقين المطلوب ليس اليقين الشخصى للقاضى فحسب وانما هو اليقين القضائى الذى يمكن أن يصل إليه الكافة ويكون متفقاً مع العقل والمنطق، واليقين القضائى يقوم على عنصرين أحدهما شخصى والآخر موضوعى، أما العنصر الشخصى فيتمثل في ارتياح ضمير للإدانة، والعنصر الموضوعى يعنى أن يكون الدليل الذى أقنع هو أفضل دليل ممكن للبرهنة على ثبوت الواقعة، فيقتنع به أىانسان يتوفر لديه العقل والمنطق.

واضافت : وحيث إنه باستعراض وقائع الدعوى وأدلتها نجد أن الأدلة التىاستندت إليها النيابة العامة بالنسبة لهذا المتهمفي شأن تهمة الاشتراك في التجمهر والجرائم التي وقعت تنفيذاً للغرض منه قوامها فقط التحريات التي أجراها كل من اللواء مجدى عبد العال محمد عطا الله نائب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة،والعقيد وجدى فتحي عبد النعيم إبراهيم مفتش مباحث فرقة غرب الجيزة، والعقيد ضياء الدين رفعت حسن رئيس مباحث مركز شرطة كرداسة سابقًا،والرائد عطيه ممدوح عطية نجم الدين رئيس وحدة مباحث كرداسة،والنقيب كريم سمير شعبان بكر معاون مباحث مركز شرطة كرداسة سابقًا،وضابط بقطاع الأمن الوطنى، والتى تضمنت أن المتهم كان من بين المتجمهرين أمام ديوان المركز الذين قاموا بإلقاء الحجارة والزجاجات الفارغة وزجاجات الوقود مشتعلة الطرف (مولوتوف) صوب مركز الشرطة وأشعلوا إطارات السيارات أمامه، بيد أن ذلك لا يقيد حرية المحكمة في تقدير الدليل، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه القاضي فيتقدير الدليل بعد أن يحيط بالدعوى عن بصر وبصيره، لأن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الأدلة التييقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو بنفسه مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة لا يشاركه فيها غيره، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكما لسواه، وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة، فلا يجوز للمحكمة أن تجعل أساس اقتناعها رأى مجرى التحريات بدون أية شواهد أو قرائن تؤدى بطريق اللزوم إلى ثبوت مقارفة المتهم للجريمة، فالأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال .

لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد محصت الدعوى وأحاطت بظروفها، وبالأدلة التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة، وإذ خلت الدعوى من دليل صحيح أو قرينة تطمئن إليها المحكمة تقطع باشتراك المتهم في التجمهر حتى يسأل عن الجرائم التي وقعت تحقيقاً للغرض منه سوى التحريات –على نحو ما سلف بيانه – وإذ كان ما جاء بالتحريات لا يعدو أن يكون رأياً لمجريها ولم تكن معززة لدليل أو قرينه يصح للمحكمة أن تكون منه عقيدتها بالإدانة وتهدر أصل البراءة المفترض في المتهم كأصل لا يجوز نقضه إلا بدليل صحيح ثابت بأوراق الدعوى ومطروح على الدفاع لمناقشته وتفنيده، ومن ثم فإن المحكمة تطرح هذه التحريات ولا تعول عليها في قضائها، وإذ خلت الدعوى من دليل يصح به الإدانة، فإنه يضحى متعيناً القضاء ببراءة المتهم سالف الذكر مما نسب اليه عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية.


مواضيع متعلقة