نظرات حول خلاف «الأزهر - طارق حجى»

حسين القاضى

حسين القاضى

كاتب صحفي

(1)

خرج الكاتب المعروف الدكتور «طارق حجى» فى أحد البرامج متحدثاً عن ميزانية الأزهر، وتجديد الخطاب الدينى، ومجلة الأزهر وما شابه، والحقيقة أنه أخطأ جداً، فتكلم بمعلومات مغلوطة غير دقيقة ولا موثقة ولا مبنية على أسس، وكان يجب عليه أن يراجع معلوماته، حتى لا يخلط الأمور بتسرع غير مقبول للأسف، كما أنه أخطأ فى كلامه فإن الأزهر أخطأ فى الرد عليه، وهذه نظراتٌ حول ما حدث.

(2)

الأزهر الشريف ممثلاً فى مركزه الإعلامى وجامعته وبعض مسئوليه ردوا عليه رداً حماسياً فضفاضاً، ليس فيه أى تفنيد لنقطة واحدة من النقاط التى طرحها، فجاء ردهم على شخصه لا كلامه، وامتلأ من نوعية أنهم يستنكرون الافتراءات المضللة من شخص متطاول، له محاولة خبيثة للوقيعة بين الأزهر والدولة، وينتهك الدستور، ويكدر السلم العام، ويشوه الأزهر، ويضلل المجتمع، والأزهر يحتفظ بحقه فى اللجوء للقضاء، ويدعو لمقاطعة القناة.

(3)

قام أحد أبناء الأزهر هو الدكتور «أحمد نبوى الأزهرى»، وهو عالم شاب ليس له صفة رسمية، لكنه مدرس بجامعة الأزهر وأروقته، وباحث متمكن له حضور قوى، وشديد الاعتزاز بالأزهر ومنهجه وإمامه الأكبر قام بتفنيد كلام «حجى» تفنيداً علمياً عقلانياً بذهنية أزهرية مرتبة وفق أدلة ووثائق ومعلومات دقيقة، وفنّد أقواله، ولم يقترب من شخصه.

(4)

الإحراج البالغ للأزهر أن «حجى» وسط الردود الأزهرية الرسمية عليه لم يرد إلا على «نبوى»، وفى رده عليه سجل احترامه له، وقال إن رده قام على «التفنيد المنطقى المستند على الحجة، وهو أسلوب من الجدل ومنهج للحوار يخدم المجتمع، ويقدم نموذجاً محترماً»، واعترف ببعض أخطائه، وشكر «نبوى» على التصحيح، وتلك مزية محمودة لحجى، وقال إن رد الأزهر الرسمى هو «رد من لا يمتلك إلا أكواماً من صيغ السب والشتيمة، مما لا يليق بمن يُفترض انتسابهم للدين، وكان يجب ألا ينحدروا للسب والشتم والتلاسن».

(5)

مع أن رد «نبوى» هو فقط المؤثر، الذى حقق نتيجة فعلية تمثلت فى (تراجع حجى عن بعض كلامه واحترامه لعقل عالم أزهرى)، إلا أن موقع قناة الجزيرة احتفى بالحماس الأزهرى، ونشر خبراً عاجلاً: الأزهر: برنامج «كل يوم» ينشر أكاذيب مضللة، والأزهر يصعِّد موقفه، ويطالب علماءه بمقاطعة قناة on، ولأن رد «نبوى» كان فيه رفض صريح لمنهج الإخوان، وهى المسألة الأم التى أثارها «حجى»، والتى لم يئطرق إليها رد الأزهر، فإن «الجزيرة» لم تشر لرد «نبوى»، واحتفت برد من لم يقترب من الإخوان!!

(6)

أتمنى أن يعى مسئولو الأزهر هذا الدرس، فالرجل لم يعتن بردودهم، وهى بالفعل ردود حماسية عشوائية لا تستدعى رداً، تشعر كأنهم يكتبون ردودهم لمخاطبة العواطف لا العقول، حتى التهديدات التى هددوا بها أضحت مضحكة:

فالدعوة لمقاطعة القناة لم يستجب لها أحد، بما يعنى فقد الثقة فى الدعوة، أما اللجوء للقضاء فإن مقدم البرنامج الأستاذ خالد أبوبكر، قال متحدياً: كل احترام وتقديرى لفضيلة الإمام الأكبر والأزهر لكن الملاحقة القانونية التى تحدثوا عنها كلام «هراء»، وأنه ما زال يسأل عن موقف الأزهر من الإخوان فى 6 سنوات مضت، فهل سيذهبون للقضاء؟ أم هو هراء كما قال «أبو بكر»؟!

(7)

إن ما حدث مؤسف ومحرج نتمنى عدم تكراره، ولا شك أن المركز الإعلامى للأزهر وجامعته فيهم صفوة فضلاء، عندهم فى الردود (البيان) على خصوم الأزهر ردود عقلانية واعية، وفق منهج علمى لا إعلامى، ويدركون قواعد الرد، وأصول الجدال، ويميزون بين الرد الدخيل على منهج الأزهر والرد الأصيل، ويُفرِّقون بين رد ممتلئ بالحماس والعاطفة وبين بيان مبصر نافذ ممتلئ بالمعلومات الموثقة، بل من بين أبناء الأزهر عموماً من تمرسوا فى أصول البيان والرد عن الأزهر ومنهجه بعلم ومنهج لا بسطحية وحماس، وميزوا بين مخاطبة العقل وبين تسويد بيانات متسرعة تخاطب العواطف ببهرج زائف، ولذا نأمل أن تكون الأيام القادمة حبلى بمنهج جديد يتبناه مسئولو الأزهر وإعلامه.