علا الشافعي تكتب: بعيدا عن "مدام رانيا".. فعلها المسرحيون فماذا عن السينما؟

علا الشافعي تكتب: بعيدا عن "مدام رانيا".. فعلها المسرحيون فماذا عن السينما؟
"لا شيء يعجبني.. لا شيءَ يُعْجبُني يقول مسافرٌ في الباصِ – لا الراديو ولا صُحُفُ الصباح، ولا القلاعُ على التلال، أُريد أن أبكي يقول السائقُ: انتظرِ الوصولَ إلى المحطَّةِ، وابْكِ وحدك ما استطعتَ وتقول سيّدةٌ: أَنا أَيضاً. أنا لا شيء يُعْجبُني".
هذا مطلع من قصيدة الشاعر الفلسطيني محمود درويش،" لا شيء يعجبني"من ديوان "حالة حصان"، لا أعرف لماذا استدعي بعضا من مقاطعها كلما قرأت الأخبار الفنية وتحديدا ما يتصدر منها "التريندات ومحركات البحث "، معركة السير الذاتية وهل يصلح محمد رمضان لتجسيد دور النجم أحمد زكي، تصريحات من الورثة وتهديدات باللجوء إلى القضاء، مايوه رانيا يوسف وظهورها الأخير على أحد الشواطئ وهي مستلقية لدرجة أن هناك من أطلق جروبات تحتل مسمى "أفخاذ رانيا".
تلك الحالة وغيرها من التريندات التي لا تصدر سوى التفاهة بعيدا عن المشاكل والأزمات الحقيقية التي يجب أن نتوقف عندها، خصوصا وأننا في واقع الأمر نمر بحالة صعبة وشديدة الارتباك على جميع المستويات، هناك أزمة اقتصادية طاحنة، وظائف مهددة بالانقراض، مؤسسات كبيرة يصعب التنبؤ بمستقبلها، وصناعة السينما والثقافة التي يبدو أن لا أحد يلتفت اليها، تحدثت سابقا عن أزمة صناعة السينما، وغياب الرؤي في ظل الأزمة الحالية، وتساءلت عن صمت السينمائيين المثير للدهشة في ظل توقف تام للعروض السينمائية منذ شهر مارس الماضي.
ولبعض الوقت شعرت إنني أبالغ في رد فعلي وتساؤلاتي حول هذه الصناعة، وأن ما أتحدث عنه هو نوع من الرفاهية، قياسا لما نشهده من أزمات طاحنة أخري على أرض الواقع من وجهة نظر البعض، ولكن بعد أن قرأت ما نشره المخرج المسرحي الموهوب والمخضرم ناصر عبدالمنعم بصفحته على "فيسبوك" في منشور مطول عنونه "خارطة طريق للمسرح المصري في ظل جائحة كورونا"، جاء فيه الكثير من النقاط الهامة وهي تسود الحركة المسرحية حالة من الارتباك والتساؤلات حول ملامح الموسم المسرحي القادم، فبعد أيام تبدأ السنة المالية الجديدة، وهو ما يعني السماح للارتباط المالي بالخطط المسرحية للفرق المسرحية المختلفة، وفي تقديري أن العودة إلى الإنتاج المسرحي بصورته الطبيعية والتقليدية سيتطلب مزيداً من الوقت، لا يمكن التنبؤ به أو حسابه في الوقت الحالي، فهو مرهون بانتهاء الوباء وعودة الحياة إلى طبيعتها، وعليه يمكن الحديث عن أربع مراحل تتدرج وصولاً إلى هذه العودة.
المرحلة الأولى: (المسرح أون لاين ):
رغم أنه لا يلبي شروط العمل المسرحي، ويُفقد المسرح الكثير من تألقه وحيويته وخصوصيته، إلا أننا نمر بظروف غير عادية لا ينبغي معها تطبيق المفاهيم العادية واعتمادها، وقد بدأت هذه المرحلة بالفعل من خلال مبادرة لوزارة الثقافة عبر البيت الفني للمسرح، وهي مبادرة تستحق كل التقدير والتحية للوزارة وللمؤسسة المسرحية وللقائمين على المشروع، مع الأمل في توسع المشروع باستمراره وتطويره.
المرحلة الثانية: (المسرح في الأماكن المفتوحة):
تمتلك وزارة الثقافة العديد من المسارح المكشوفة والمفتوحة، ويمكن التوسع فيها بإمكانيات مؤسسات الوزارة الذاتية، فالبيت الفني للمسرح والهيئة العامة لقصور الثقافة يمتلكان القدرة على تأسيس مسارح مكشوفة متنقلة، وهو أمر حدث بالفعل من قبل في ظروف ومناسبات متنوعة سابقة، وبالتالي يمكن التخطيط في هذه المرحلة لتقديم عروض مسرحية تقوم وتعتمد على تقنية المساحات المسرحية المفتوحة.
المرحلة الثالثة: (المسرح داخل دور العرض المغلقة مع الضوابط):
خلال المرحلتين السابقتين يكون العمل في دور العرض المسرحية المغلقة لاستيفاء عدد من الضوابط، ومنها بوابات التعقيم على مداخل المسارح، وأجهزة قياس درجة الحرارة لكل الداخلين إلى المسرح، مع مراعاة شرط وضع الماسكات لجميع الداخلين إلى المسرح، تحديد نسبة في حدود ثلث الطاقة الاستيعابية لصالات الجمهور مع تباعد كراسي جلوس الجمهور (يراعى رفع الكراسي الزائدة من صالة الجمهور والاكتفاء بالنسبة المقررة لعدد الجمهور)
المرحلة الرابعة: (عودة المسرح الذي نعرفه مع الضوابط): وذلك مع استمرار بعض الضوابط الواردة في المرحلة السابقة ومنها: بوابات التعقيم والماسكات ويتم تحديد زمن تطبيق كل مرحلة وفقاً للظرف العام وموقف الوباء بين الانتشار والانحسار. ويراعى في الأعمال المسرحية المقدمة في المراحل الأربعة أن تكون العروض المسرحية مكثفة لا تزيد عن الساعة."
تلك المقترحات التي صاغها ناصر عبدالمنعم، جديرة بالبحث والنقاشات حولها من قبل المسرحيين ومسئولي وزارة الثقافة، خصوصا وأنها تعكس هموم واضحة وأن هناك من يهتم بمهنته ويتساءل حول مستقبلها في ظل الظروف الراهنة والمستقبل الذي يصعب توقع ملامحه، فعلها المسرحيون فماذا عن السينما وأهل الصناعة، ماذا عن مئات العمال الذين يعملون في تلك الصناعة؟ لا أتحدث عن النجوم، ولكن العمالة التي تعمل في صناعة السينما، والبيوت المفتوحة من وراء هذه الصناعة، هل سيظل الصمت والسكوت غير المفهوم هو المتصدر في المشهد السينمائي؟